.. وقس على ذلك

كل الذكور الذين اشتعلت رؤوسهم الآن شيبا يتذكّرون حسناء الصفّ الغنوج العنود في التعليم الثانوي وهم يتنافسون لعرض خدماتهم عليها في كتابة الوظائف المدرسية ويسعى كل مغفّل منهم في تقزيم غريمه برعونة واضحة مثل فارس فاشل ,واهما أنّه سيفوز بقلبها المطبق على حب مجهول.

كل الرجال الذين يمرّون اليوم شاردي الذهن ملبّدي الإحساس أمام المنزل الذي كانت تسكنه ابنة الجيران المتأفّفة المتأنّقة في سنّ المراهقة ,يسألون أنفسهم ذات السؤال :(هل حقّا كنت أحبها …كم كانت سذاجتي ممتعة في تلك الأيام.

تصغي زوجة اليوم إلى شريكها في البيت ورعاية الأطفال وأعباء الحياة وهو يتحدّث عن تلك الحماقات بمتعة هائلة فلا تزورها الغيرة ولا يرتدّ لها جفن (إلاّ فيما يشبه تودّد المجاملة والرفع من المعنويات) ,ذلك أنها تعرف جيّدا بأنّ رجلا آخر وفي مكان آخر يتحدّث الآن عن قصّة حبه الفاشل معها لزوجته هروبا من مشاغل الحياة وهمومها.

عفوا عزيزتي أحلام مستغانمي، ليس في الأمر (فوضى حواس) و(لا عابر سرير) ولا (نسيان دوت كوم) ,إنما نظام في غاية الدقّة والحجّة والإقناع ,لأنّ أبواب الاختيار تتّسع وتتعدّد مع الزمن عند كل نضوج ,حتى وإن عزم الواحد وتوكّلّ في ذهابه لحلّ المشكلة ,مثل ذاك الذي تعلّق قلبه بإحدى المدعوات ليلة زفافه (هذا إذا اعتبرنا الزواج – أو الحب – مشكلة ينبغي حلّها).

قس على ذلك في عالم السياسة والسياسيين لدى شعوب الأرض, إذا اعتبرنا البلاد حبّنا الأوّل ونظرنا إلى خصومنا كمنافسين نزيهين من أصحاب البرامج الانتخابيّة المقنعة …والزواج هو القيادة الشرعية التي قد تفشل أو تصيب، أمّا الحنين إلى ما قبل هذا الزواج أو الندم عليه أو السخرية منه فشأن عاديّ يحدث في أعتى الديمقراطيات كما يحدث في كل العائلات وفق التعبير الدارج ومقارباتنا الأولى التي قد يرفضها الكثير ويستهجنها, حجّته في ذلك أنّ الأوطان ليست شأنا شخصيا وعاطفيّا ,بل مسؤولية أكبر من هذا التسطيح …..هذا رأيه على كلّ حال , والسياسة سوق تتّسع لمئات الدكاكين .

يبقى أن نستدرك قليلا في تشبيه البلاد بالحبيبة الأولى، ذلك أنّ الأخيرة قد تكره أو تخون أو تمرض أو تشيخ أو تترمّل …..إلاّ أنّ البلاد نضرة دائما ومتألّقة أبدا مثل حب مستحيل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى