تحليلات سياسيةسلايد

يغوصون بالوحل.. على كرسي الاعتراف: الحرب ضدّ غزّة كارثةٌ لإسرائيل..

زهير أندراوس

يجِب قول الحقيقة رغم مرارتها، هكذا افتتح المحلل الإسرائيليّ ندّاف إيال، مقاله الأسبوعيّ في صحيفة (يديعوت أحرونوت) العبريّة، مُشدّدًا على أنّ حركة المقاومة الإسلاميّة (حماس) لم تفاجئ الكيان فقط في هجومها في السابع من تشرين الأوّل (أكتوبر) الماضي، بل أنّ (حماس) فاجأت إسرائيل في الدفاع أيضًا، وفي تكتيكات الدفاع التي تنتهجها في اليوم السبعين لاندلاع العدوان الهمجيّ على قطاع غزّة.

 

ولفت الكاتب، الذي اعتمد على مصادره الأمنيّة الوازنة في تل أبيب، لفت إلى أنّه قبل اجتياح الجيش الإسرائيليّ بريًا قطاع غزّة، تمّ الحديث كثيرًا عن العبوات الناسفة، وضع القنابل، ونصب الكمائن، ولكنّ الجيش تمكّن من عبور هذه العوائق عن طريق قيامه بقصفٍ جويٍّ وأرضيٍّ مكثّفٍ، بيد أنّ المفاجأة الكبيرة التي واجهت جيش الاحتلال أنّ قائد (حماس) في غزّة، يحيى السنوار، لم ينجح، أوْ بالأحرى لم يرغب في إحداث معارك واسعة وقاسية وضارية لمواجهة هجوم جيش الاحتلال، ولكنّه آثر الاختفاء وعدم المواجهة مع الجيش الذي تقدّم بسرعةٍ نسبيًا.

ورأى المحلل، نقلاً عن ذات المصادر، أنّ السنوار يلعب على عامل الوقت، إذْ أنّه يُقامر على بقائه مدّةً أطول تحت الأرض، أيْ في الأنفاق، وهذه الفترة أطول بكثير من المُدّة التي سيبقى فيها جيش الاحتلال على الأرض في غزّة، طبقًا لأقواله.

عُلاوةً على ما جاء أعلاه، كشف المحلل النقاب عن أنّ قوّات الجيش الإسرائيليّ، بأعدادٍ هائلةٍ وقوّة ناريةٍ غيرُ مسبوقةٍ، يأمل في خوض مواجهاتٍ مباشرةٍ مع “المخربين”، أيْ المقاومين، بيد أنّهم يختبئون تحت الأرض، في مدينة الأنفاق، والتي تبينّ أنّه أكبر وأوسع وأعمق بكثير ممّا توقعته الاستخبارات العسكريّة الإسرائيليّة في البداية.

مع ذلك، أوضح أنّ قوّات (حماس) التي تُقاتِل، هي صغيرة ومسلحة بصواريخ من طراز (أر.بي.جي)، وهم يخرجون من فتحات الأنفاق، أوْ يختبئون في مناطق مسكونةٍ ومكتظةٍ، وتُحاوِل هذه القوّات المقاومة أنْ تُوجِّه ومن قريبٍ جدًا ضرباتٍ مؤلمةٍ للجيش، مُحاولة في الوقت عينه استغلال نقاط الضعف لدى الجيش الإسرائيليّ، كما أكّد المحلل.

بالإضافة إلى ما ذُكِر أعلاه، قال المحلل إنّه في غزّة يُواصِلون التأكيد على أنّ السنوار ما زال يُسيطِر سيطرةً تامّةً على مجريات الأمور ومسار الحرب، وهذه السيطرة لا تشمل فقط المسؤولية عن إبرام صفقات تبادل الأسرى بين (حماس) وإسرائيل، بل تتعدّى ذلك إلى الجزء العملياتيّ، وأكثر من ذلك، أكّد المُحلّل، فإنّ السنوار يقوم بالاتصال شخصيًا مع قسمٍ من خلايا “الإرهابيين” بعد تنفيذهم عملياتٍ ناجحةٍ ضدّ قوّات الجيش الإسرائيليّ، وهم بدورهم يفتخرون بذلك، وهذا الأمر يشمل أيضًا منطقة شمال قطاع غزّة، طبقًا لأقواله.

المُحلِّل كشف أيضًا النقاب عن أنّ قسام الجيش الإسرائيليّ بدفع أعدادٍ كبيرةٍ جدًا من الضباط والجنود إلى قطاع غزّة أدّى إلى ارتفاعٍ كبيرٍ في القتل بنيرانٍ صديقةٍ، لأنّ الاكتظاظ في المكان أدّى وسيؤدّي لذلك، لافتًا إلى أنّ الجيش، وقبل بدء الغزو البريّ حذّر أعضاء المجلس الأمنيّ الحربيّ الإسرائيليّ من تفشي هذه الظاهرة، مُضيفًا أنّه للأسف الشديد فإنّ تحذيرات الجيش تحولّت إلى حقيقةٍ على أرض الواقع.

وتابع قائلاً، نقلاً عن مصادر رسميّةٍ في مكتب الناطق بلسان جيش الاحتلال، إنّه بين الـ 16 من نوفمبر وحتى الـ 22 من الشهر نفسه، أيْ عشية وقف إطلاق النار، قُتِل تسعة جنودٍ بنيرانٍ صديقةٍ، وأصيب 25 ضابطًا وجنديًا بجراحٍ متفاوتةٍ وتمّ نقلهم للمستشفيات، كما أصيب 31 منهم بجراحٍ طفيفةٍ، لافتًا إلى أنّ ذلك الأسبوع كان من أكثر الأسابيع دمويةً بالنسبة للجيش الإسرائيليّ، كما قال.

على صلةٍ بما سلف، قالت الكاتبة الإسرائيليّة إيلانا هاميرمان، في مقالٍ نشرته بصحيفة (هآرتس) العبريّة إنّ الحرب في غزّة هي بمثابة كارثةٍ، وإذا لم يفهموا في إسرائيل هذا الأمر فقد انتهينا، على حدّ تعبيرها.

وأكّدت الكاتبة أنّ جيش الاحتلال يرتكب جرائم حرب ويرى أنّ جميع سُكّان قطاع غزّة هم من حركة حماس، وهذا ليس صحيحًا، لافتةً في الوقت عينه إلى أنّ الحقيقة التي تأكّدت اليوم هي أنّ إسرائيل تعمل وفق سياسة السيطرة على جميع الأراضي العربيّة التي احتلتها في عدوان 1967، موضحةً أنّ هذه هي سياسة جميع حكومات إسرائيل ولا يوجد غيرها، وأيضًا السياسة عينها تُمارَس من قبيل الجيش، بأمرٍ من الحكومة، تأتي في إطار سياسة السيطرة على جميع الأراضي المُحتلّة، طبقًا لأقوالها.

صحيفة رأي اليوم الألكترونية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى