يوميات ناقصة | أنا قاتِلي (نزيه أبو عفش)

 

نزيه أبو عفش

أنا مَن سالَ دمُهُ
وأنتم تُطالِبون بالثأر .
يا الله! كم أنتم دُهاةٌ وشاطرون !
جعلتموني أُصَدِّقُ أنني القاتل
حتى صرتُ، حين أنظرُ في المرآة،
أصرخُ: ألْقِ سلاحكَ
وارفعْ يديكَ إلى أعلى !
.. .. ..
.. .. ..
يا الله! يا الله !
في الطريقِ إلى الحقيقة ضيّعتُ حياتي.
وفي الطريق إلى الحقّ
صرتُ قاتلي وطالِبَ ثأري .
29/6/2012

اليتيم

لكلٍّ طريقُهُ ونَسَبُهُ وعقيدتُه .
ولكلٍّ كنيستُهُ وقبرُه .
.. .. ..
الرعاةُ اعتصموا بجبالهم،
والقدّيسون بأوكارهم،
والشعراءُ بمقابرهم أو .. بأبراجهم .
وأنا لا نَسَبَ لي ولا عقيدة.
: أنا يتيمُ نفسي.
.. .. ..
ماذا فعلتُ؟ ماذا كان يجبُ أن أفعل؟
إذْ لم أستطع إثباتَ نسبي وكنيستي وديارَ يأسي
جعلوني هِنديَّ زماني .
وإذْ كانَ لا بدّ لهم من تنظيف الأرض
أمالوا عنقي إلى الأرض
وذبحوني .
1/7/2012

 توضيحٌ لا بدَّ منهُ لكاتبِ النعي

حينَ أقولُ : «الرضا..»
عليكم أنْ تُفكّروا برضوخي، وتتخيّلوا ركبتيَّ الداميتين.
وحين أقولُ: «السعادةُ هيّنة»
يكون عليكم أن تتأكّدوا من أنني، بسبب الخوفِ لا غير،
لم أجرؤ على غَرْسِ فوّهةِ المسدّس في صدغيْ وإطلاقِ رصاصةِ الرحمة.. حتى بدونِ أن تُفْلِتَ مِن لساني صرخةُ: «وداعاً للقبح!».
حين أقولُ: «أُحِبّكم يا إخوتي وأشِقّاءَ قلبي»
أكونُ قد عَنيتُ : «لَشدّ ما أنتم قساةٌ وظالمون».
وحين ترونني أبتسمُ وأقولُ: «الآنَ بدأَتِ الحياة»
يكون على واحدٍ منكم (أنتَ أو أنتْ) أن يَمضي، بما أمكَنَهُ من السرعةِ والعطف، لاستدعاءِ كاهنِ الرعيّة،
على أملِ أنْ يبعثَ بي إلى الجحيم
مُتَمِّماً كاملَ واجباتي الدينيّةْ.
24/6/2012

ما تُضمِرهُ المرآة

لا أحدَ سينتصر.
ليس بمقدورِ أحدٍ أنْ ينتصر.
كلُّ ما يمكنُ أن يحدث:
أحدُنا يموت
والآخرُ يواصلُ الحياةَ مثقَلاً بعاره
لأنّ قُوَّتَهُ
أعمَتْهُ عن رؤيةِ ما تُضمِرُهُ المرآة
وصيَّرَتْهُ قاتلَ نفسِه.
.. .. ..
كلانا ميْتْ.
2/7/2012

صحيفة السفير اللبنانية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى