يوميات ناقصة | إنْ كنتَ جائعاً إلى لحمي سآتي إلى صَحنِكَ بجناحَيّ (نزيه أبو عفش)
نزيه أبو عفش
أنا صاحبُكَ ولستُ طريدتَكْ .
فإذن ، إن كنتَ جائعاً إلى لحمي،
لا تَنصبْ لي شَرَكاً
ولا تُمَوِّهْ خوذتَكَ وسلاحَكَ بأوراقِ الورد !
فقط ، في موعدِ غدائكَ المعتاد،
مثلما يفعلُ كِرامُ الأصحابْ،
أُقعدْ إلى المائدة، وانتظرني
بهدوءِ مَن يَستظهرُ صلاةً
ويتهيّأ لِلُقمةِ قربانْ …
وأنا، مثلما يفعلُ كِرامُ الأصحاب،
في اللحظةِ التي …
في تمامِ اللحظةِ التي
يُدَقُّ فيها جرسُ الطُهاةْ
لإعلانِ وصولِ الوجبةِ وتحريضِ لعابِ الجائع،
سأَبلغُ بابَكَ على الموعد
وآتي إلى صحنكَ بجناحَيّ .
.. .. .. ..
إنْ كنتَ جائعاً إلى لحمي .
8/12/2011
خيّاطُ اللحم
سهلٌ .. شديدُ السهولة
على مَن لا يعرف خِياطةَ أثوابِ العرس،
سهلٌ عليه
حتى وهو مغمض العينين ومغمضُ القلب
سهلٌ عليه ( أسهلُ ممّا على الله)
أنْ يَخيطَ أجملَ الأكفانْ
لأفقرِ الذبائحْ .
.. .. ..
سهلٌ على الجميعْ .
30/5/2012
رُبْعُ الموت
في ربعِ الساعةِ الأخيرِ من الحربْ
في ربعِ الساعةِ الأخير من كلّ حربْ
يموتُ أناسٌ لم يعرفوا قبلُ شيئاً عن وقائعِ الحرب .
يموت أبرياءٌ حالمون
لم يسبقْ لهم أنْ وقفوا على ضفافِ خنادقِ الحرب .
يموتُ رعاةٌ، ومغنّون، وعشّاقٌ، وصبيانُ مدارس، ودُعاةُ سلام .
يموتُ الجنديُّ السعيد الذي فَكّكَ سلاحَهُ، وتَهَنْدمَ بأحلى ما لديه من ثيابِ عودتهِ إلى بيتِ أمِّه (أمِّهِ التي ..لم تَعدْ خائفةْ)
في ربع الساعة الأخير
يموتُ ( يموتُ ويموتْ )
قلبُ الأمّ التي هيّأتْ فطائرَ العيد وراحت تنتظر :
« وصلَ؟ .. يصل؟..»
تسأل النافذةَ والطريق وأصداءَ خطى العابرين :
« وصلَ؟ .. يصل؟..»
« ما وصل؟ … هل يصل؟… «
….ويموت قلبي .
24/12/2011
صانعُ موتِه
الكلُّ يقول :
أصنعُ ذلك لأجل حياتي .
الكلُّ يقول :
أصنعُ حياتي .
لا أحدَ يُصَدّقْ (ربما أنتِ تُصَدّقين)
أنّ كل كلمةٍ تَقَعُ من فمِ الشاعر
هيَ نقطةٌ منزوفةٌ
مِن دمِ حياتِهِ
أو من دمِ أحلامهْ .
تُرى:
صانعُ موتِهِ العظيم
أيةَ مكافأةٍ ينتظر؟
1/6/2012