يوميات ناقصة | ما نَصحَتْ بهِ الفراشة (نزيه أبو عفش)

 

نزيه أبو عفش

نعم! أنا الفراشةُ الضعيفة
وأنتَ وحشُ الغابةِ القويّ .
لا تَسْخرْ من هزالي وهشاشةِ أعضائي !
ذاتَ يوم ( أُبْصِرُهُ ذاكَ اليوم)
حين يكون الفرارُ طريقنا الوحيدَ إلى النجاة،
سيُنقِذني ألّا عظامَ لديّ .. ولا لحم .
أما أنت، أنت الأعظم والأقوى،
فتَنوءُ بما تحملهُ وترعاه
وتسقطُ مسحوقاً
بوفرةِ عظامكَ
وفخامةِ عضلاتِكْ .
.. .. ..
تَذَكَّرْ هذهِ النصيحةْ !
12/6/2012


الأحمقُ الذي احتمى بقاتلِ عدوّه

في زمنٍ ما، في بلادٍ ما،
كان ثمةَ ملك.
كان ملكاً عادياً
وحيداً، مغروراً، أحمقَ،
وشديدَ الخوف على حياتِهِ وعلى عرشِهْ.
وطبعاً لم يكن له أصدقاء.
أصحابُهُ كانوا فقط خَدَمَهُ ومُهَرِّجيه ولصوصَ مملكتِهْ.
ولأنه كان يخشى غدرَ أصحابه
احتمى بقاتِلِ عدوّهِ
وسمّاهُ رئيساً للحرس.
. . . . .
ذاتَ يوم – على غيرِ عادته –
تأخرَ الملكُ في النوم.
وحين دخلَ غِلمانُهُ لتَفَقُّدِه
وجدوه ميتاً
وخنجرُ حارسِهِ مغروسٌ في قلبهْ.
7/8/2012


جنسُ الإنسان

ليس إلهاً ولا شيطاناً.
هو القويّ. هو الخائف. هو الضعيفُ المرتبك.
هو الباكي على جثمانِ وردةْ
والقادرُ على ذبحِ أخيه بدون أن يرفَّ لهُ قلبْ
(هو: صاحبُ القلبْ).
هو الخاسر.
هو الذي لا يكفُّ عن القول: سأربحْ.
هو المنتصر في لعبةِ الموتْ
والخائبُ في مبارزةِ الحبّ.
هو نفسُه لا سواهْ.
هو سواهُ لا نفسُهْ.
هو سواهُ ونفسُه:
هو جنسُ الإنسانْ.
1/8/2012

قلبُ الدابّة

لكأنني شبحُ نفسي:
جسمي في موضع
وأحلامي في موضع
وعقلي يتشقّقُ من فداحةِ اليأس
ونفادِ صبرِ الخائف .
مع ذلك، مع ذلك،
(كأنّ في أحشائي رحماً يتوجّعُ ويبكي)
كلما قلتُ: «حانَ موعدُ العرس»
يُثقِلني ظلامُ المآتمْ .
وكلما نظرتُ إلى وردةْ
أفكّر في مصيرِ الجثمان.
.. .. .. ..
.. .. .. ..
تُرى
ما اسمهُ هذا الساكنُ في وعاءِ لحمي؟!.
لكأنّ أحلامي مصنوعةٌ من شهقةِ مستغيث،
أو كأنّ قلبي
مُرَكّبٌ في جسمِ دابّةْ .
3/8/2012

صحيفة الأخبار اللبنانية

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى