يوميات ناقصة | مثلَ معزاة (نزيه أبو عفش)
نزيه أبو عفش
تحت عينِكَ يا أللّـه،
تحت عينكَ الكليلةِ التي تَرى ولا تَرى،
تحت عينِكْ
تحت سيفِ رحمتك، وأناجيلِ قُضاتِكَ وجلّاديكْ،
أتمدّدُ خائفاً
خائفاً، متوسّلاً، مُهاناً وذليلَ القلبْ،
مثلَ معزاةٍ مُمَدَّدةٍ على منصّةِ ذبحْ،
أغرسُ عينيَّ في بؤبؤ سماواتِكَ
وأقولُ: أَصعد.
وإذْ أبلغُ القمّةَ العاليةَ لفردوسكَ الدمويّ
أكتشف أنني
لم أَرْتقِ إلاّ إلى العار.
مثلَ معزاةٍ مُمَدَّدةْ..
مثلَ معزاةْ.
.. .. .. ..
.. .. .. ..
نعم!
أنا مهووسٌ بعصري وأبناءِ عصري.
ليسَ محبةً
بل فقط لأنني، بقدرِ ما أخافُ الجميع،
أحتقرُ الجميع
وأُبغِضُ الجميع
وأحلمُ هلاكَ الجميع.
أيْ نعم، ونعم!
مهووسٌ، مريضٌ، وخائف.
مهووسٌ بما يستطيعُهُ السيف
وما تعجزُ عنهُ الرحمةْ.
مهووسٌ بغيابكَ، وصبركَ، وضلالِ أناجيلكْ.
: مهووسٌ كمعزاةٍ مُمدَّدةْ
لا تحلمُ إلاّ زوالَها
ولا تنتظرُ إلّا رشاقةَ يدِ الذابحْ.
5/12/2011
لعلّهُ أتى
سيأتي يومٌ (لعلّهُ أتى)
لا نفعلُ فيه شيئاً
غيرَ أنْ نتَلفّتَ إلى الخلف
(إلى خلفٍ كثيرْ)
ونقول للهواء والماشيةِ وعابري الدربِ المفتَرَضين:
آه ! لو تتذكّرون
كم كانت الحياةُ في الماضي
صالحةً للحياةْ!
6/12/2011
شحّادُ النور
مثلَ شَحّادٍ عجوزْ
يتسوّلُ على بابِ مقبرةْ.
سأقفُ وأواصلُ الوقوفْ
أمام هذا الحائطِ الكونيّ المصْمَتْ
أدقُّ حجارتَهُ بعينيّ
وأقولُ متوسّلاً لكلّ عابرِ سبيلْ:
أرجوكَ يا بُنيّ!
أُرسُمْ لي نافذةً على هذا الحائطْ.
7/12/2011
أيُّنا؟..
تُرى
أيّنا أكثرُ خوفاً ممّا سيجيءُ به الغدْ؟
نحنُ الضِعافُ،الحالمون،الحكماءُ أو الحمقى، العاجزون عن إيقافِ دواليبِ حياتهم على أرقامِ أيامِها الرابحةْ؟
أم الآلهةُ التي، أمامَ دواليبِ خَزَفِها سيئةِ الصيتِ والصُّنع،
أمضتْ خمسينَ أزلاً
وستُمضي خمسين أبداً لاحِقاً
فقط لتصنعَ من طينِ لحومنا
هؤلاء البشرَ الخائفين ؟!…
7/12/2011