100 كلم فقط تفصل قوات الجيش الليبي عن طرابلس

 

لم يعد يفصل قوات الجيش الوطني الليبي التي يقودها المشير خليفة حفتر عن العاصمة طرابلس إلا نحو 100 كيلومتر بعد أن سيطرت الخميس بالكامل على مدينة غريان جنوبي العاصمة وقال اللواء عبدالسلام الحاسي آمر غرفة عمليات المنطقة الغربية في الجيش الوطني الليبي “تمت السيطرة على مدينة غريان بالكامل وأنا الآن أتجول فيها”. وقالت سرية بنغازي على فايسبوك إن كتيبة طارق بن زياد المقاتلة تتمركز الآن داخل غريان وتنتظر التعليمات لاقتحام طرابلس وتطهيرها من الإرهاب. ونشرت شريط فيديو تظهر انتشار قواتها في غريان.

وانقسمت ليبيا بين الحكومة المعترف بها دوليا في طرابلس وإدارة موازية متحالفة مع حفتر منذ سقوط القذافي. وكانت غريان التي تقع في الجبال الغربية على بعد نحو 100 كيلومتر جنوبي العاصمة متحالفة مع حكومة طرابلس وتجيء السيطرة على المدينة بعد اندلاع مناوشات يوم الأربعاء مع قوات متحالفة مع رئيس حكومة الوفاق الوطني في طرابلس فائز السراج. ويمثل هذا التطور تقدما سريعا باتجاه الغرب من جانب الجيش الوطني الليبي بقيادة خليفة حفتر والذي انطلق من معقله في بنغازي بشرق البلاد.

وتعد التطورات تصعيدا خطيرا في الصراع بليبيا المستمر منذ الإطاحة بمعمر القذافي في2011  وفي وقت سابق الخميس قال يوسف البديري عميد بلدية غريان، إن الجانبين خاضا مناوشات يوم الأربعاء لكنها انتهت. وقال أحد السكان “المدينة الآن تحت سيطرة الجيش الذي أتى من المنطقة الشرقية ويمكنني رؤية مركبات عليها شعار الجيش الوطني الليبي“.

وأعلنت فصائل ليبية من مدينة مصراتة غرب ليبيا وموالية لحكومة الوفاق الوطني في طرابلس الخميس استعدادها للتصدي لتقدم القوات الموالية للمشير خليفة حفتر التي تسيطر على شرق ليبيا وأكد بيان لرئيس المجلس العسكري لمدينة مصراتة العميد إبراهيم بن رجب أن “هذه المدينة بعسكرييها وثوارها وقياداتها وأبنائها المخلصين يعلنون وعلى الفور استعدادهم لوقف هذا الزحف المشؤوم دفاعا عن الوطن الحبيب”.

ودعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الذي وصل إلى طرابلس يوم الأربعاء لدفع محادثات السلام، طرفي الصراع إلى ضبط النفس ووصل غويتريش إلى ليبيا أمس الأربعاء، قادما من مصر ضمن جولة إقليمية ومن المرتقب أن يلتقي خلال زيارته مسؤولين ليبيين وقال في تغريدة قبل السيطرة على غريان، إنه قلق للغاية من التحركات العسكرية وخطر المواجهة، مضيفا “لا يوجد حل عسكري. وحده الحوار بين الليبيين يمكن أن يحل المشاكل الليبية. أدعو للهدوء وضبط النفس فيما أستعد للاجتماع مع القادة الليبيين في البلاد”.

ويمثل تجدد المواجهات انتكاسة للأمم المتحدة والدول الغربية التي تحاول الوساطة بين السراج وحفتر، اللذين اجتمعا في أبوظبي الشهر الماضي لبحث اتفاق لتقاسم السلطة ومن المقرر عقد مؤتمر وطني هذا الشهر للاتفاق على خارطة طريق لإجراء انتخابات لوضع حد لعدم الاستقرار في ليبيا وهي منتج للنفط ونقطة تجمع للاجئين والمهاجرين القادمين من منطقة الصحراء على أمل الوصول إلى أوروبا.

ويتمتع حفتر بدعم واسع من عدد من الدول العربية والغربية التي تعتبره حصنا في وجه المتشددين والجماعات المسلحة المحسوبة على تيار الإخوان المسلمين، بينما يرى فيه معارضوه صورة جديدة للقذافي وتسيطر القوات التي يقودها المشير خليفة حفتر على الشرق وتوسعت في الآونة الأخيرة إلى جنوب ليبيا ضمن حملات عسكرية متواصلة على الإرهاب. ونجحت بالفعل في إعادة الاستقرار إلى شرق البلاد.

ولم يصدر تعقيب بعد من حكومة طرابلس التي كانت قد أعلنت النفير العام لقواتها في مواجهة الزحف القادم من الشرق ويشكك محللون في قدرة الجيش الوطني الليبي على شن هجوم شامل لأنه ضغط على موارده بتقدمه جنوبا كما أنه يعتمد على رجال العشائر وقوات أخرى مساعدة لكن التطورات الأخيرة أثارت قلق الاتحاد الأوروبي، مشيرة إلى خطاب تصعيدي الذي قد يؤدي بشكل خطير إلى مواجهة لا يمكن السيطرة عليها.

وحثت البعثة في بيان لها اليوم الخميس نشر على صفحتها الرسمية على فايسبوك جميع الأطراف إلى تهدئة التوتر على الفور ووقف جميع الأعمال الاستفزازية، مؤكدة أنه لا يمكن أن يكون هناك حل عسكري للأزمة الليبية وأضافت أن الشعب الليبي يستحق العيش بسلام وأمن، فالوضع الحالي يتطلب من صناع القرار التصرف بمسؤولية واضعين المصلحة الوطنية أولا وأخيرا وأشار البيان إلى أن الاتحاد الأوروبي “يدعم بالكامل جهود الوساطة التي يبذلها الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة غسان سلامة، بما في ذلك الاجتماعات الأخيرة في أبوظبي ويوفر المؤتمر الوطني المقبل المقرر عقده في غضون أيام فلي مدينة غدامس، فرصة تاريخية لجميع شرائح المجتمع الليبي للاتفاق على خريطة الطريق السياسية التي ستنهي المرحلة الانتقالية”.

وحثت البعثة جميع الأطراف على “انتهاز فرصة زيارة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غويتريش والانخراط بروح توافقية من أجل تجنب المزيد من سفك الدماء وبناء مستقبل أفضل لجميع الليبيين وأعلن فائز السراج رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني الليبية أمس الأربعاء، حالة “النفير العام” لقوات الجيش والشرطة، إثر رصد تحركات لقوات خلفية حفتر قرب العاصمة طرابلس.

وطالب السراج بصفته القائد الأعلى للجيش، قواته بـ”الاستعداد والتصدي لأية تهديدات تستهدف زعزعة الأمن في أية منطقة، سواء من تنظيمات إرهابية أو إجرامية أو مجموعات مارقة خارجة عن القانون أو مرتزقة أو من يهدد أمن أي مدينة ليبية”، بحسب بيان لمكتبه الإعلامي.

وجاء بيان السراج بعدما أعلن المكتب الإعلامي لقوات حفتر، المسيطرة على شرقي ليبيا، تحرك وحدات عسكرية تابعة لها إلى المنطقة الغربية لـ”تطهير ما تبقى من الجماعات إرهابية” في إشارة إلى الكتائب غير الخاضعة لها، والداعمة لحكومة الوفاق المعترف بها دوليا.

وأضاف السراج “التزمنا ضبط النفس في السابق تجاه افتعال متعمد للأزمات، لكن أمام هذا الإصرار على تبني هذا النهج العدائي الذي اعتقدنا أننا تجاوزناه، فقد أصدرنا التعليمات، وأعلنا حالة النفير العام”.

وقال “تابعنا بأسف ما يصدر عن بعض الأطراف (في إشارة إلى قوات حفتر) من تصريحات وبيانات مستفزة تتحدث عن التوجه لتطهير المنطقة الغربية وتحرير العاصمة طرابلس وشدد على أنه “لا حل عسكري للأزمة الليبية والحرب لا تجلب إلا الدمار للبلد والمعاناة للشعب”.

وتتواجد قوات حفتر في عدة نقاط في المنطقة الغربية أقربها إلى طرابلس بلدة الأصابعة المجاورة لمدينة غريان والتي لا تبعد عن العاصمة سوى نحو 80 كلم وكثفت في الفترة الأخيرة من تحركاتها في المنطقة بعد سيطرتها مؤخرا على المدن والبلدات الرئيسية في إقليم فزان (جنوب غرب).

ولفت السراج إلى أن “هذا التصعيد الممنهج يأتي قبل أيام معدودة من عقد الملتقى الوطني الجامع (للحوار) الذي يرى فيه الليبيون بصيص أمل ومخرجا من الأزمة وفرصة لتوحيد المؤسسات وطريقا يوصل للانتخابات، لكن هذه الأطراف بخطابها هذا ستعمل على تقويض كل ذلك”.

وتنظم بعثة الأمم المتحدة، مؤتمرا للحوار في مدينة غدامس الليبية (جنوب غرب)، بين 14 و16 أبريل/نيسان ضمن خارطة طريق أممية لحل النزاع في البلد العربي الغني بالنفط.

ومنذ سنوات، يشهد البلد الغني بالنفط صراعا على الشرعية والسلطة بين حكومة الوفاق، المعترف بها دوليا في طرابلس (غرب) وقوات حفتر المدعومة من مجلس النواب المنعقد بمدينة طبرق(شرق).

 

 

ميدل ايست اونلاين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى