البحث جارٍ عن الكذبة الكبيرة.. «في ظروف غامضة»
تنشغل شخصيات مسلسل «في ظروف غامضة»، بما يشبهنا. يعدّون القهوة مثلاً. تثبت الكاميرا على تصوير الفعل للحظة، ثمّ تتابع. في إحدى جزر منطقة مشروع دمّر في دمشق، تكسر ضحكات نجوم العمل الصمت. يبدو مطلوباً من الجميع التعامل مع أفعالهم بمرونة وبساطة. هنا في هذا المكان، حيث يسود الهدوء، يجري استكمال تصوير المسلسل الذي كتبه فادي قوشقجي، ويخرجه المثنّى صبح، وتتولّى «سما الفنّ للإنتاج الفنّي». انطلق التصوير منذ حوالي عشرين يوماً، على أن يمتدّ لشهرين، تتنقّل خلالهما بين عدّة مواقع تصوير في دمشق، ثمّ تتوجّه إلى مدينة طرطوس الساحلية.
العمل مليء بعوالم داخلية. تقع الجريمة من دون سابق إنذار، وتنشغل دارين (نسرين طافش) بالكشف عن ملابساتها. في موقع التصوير الذي زارته «السفير» أمس الأوَّل، يملأ المثنى صبح الأجواء بشغف التفصيل، يشتغل على الشخصيات ومعها. يلتقط كل ما يمكن أن يقدّم الممثل بصورة جديدة، لم يتأطَّر فيها مسبقاً. تشكّل الصورة في هذا الإطار، مصدراً للاطمئنان: أزياء أنيقة وماكياج هادئ. في أحد المشاهد، يبدو أحمر الشفاه فاقعاً على الشاشة. «خفّفوا اللون»، يطلب المخرج. ينهض عن كرسيه ويتّجه نحو الممثلين، يحدّد الحركة واتجاه اللقطة، يعيد تصوير المشهد أكثر من مرّة.
يشحن سلّوم حداد المكان بالحيوية، ويجسّد شخصية الأستاذ الجامعي قيس الذي يتحمَّل عبء أخطاء غيره، ويحارب الفساد. وتؤدّي نسرين طافش شخصية دارين التي تفقد أفراد عائلتها. تختبر طافش عبر هذه الشخصيّة، شعور فقدان العائلة بأكملها، للمرّة الأولى على الشاشة. تقول لـ«السفير»: «الدور جديد، ويحثّني على ضرورة البحث عن أدوات جديدة». تضيف: «الحتوتة جاذبة، ودارين تحمل إسقاطات هامة جداً على الحدث الذي نعيشه في سوريا. فتاة طبيعية لديها حب التمرّد بالفطرة وليس من باب العناد، وفجأة تنقلب حياتها رأساً على عقب بفقدها أهلها جميعاً، يتغيّر مجرى حياتها وقناعاتها وطريقة تفكيرها وردود أفعالها». وبعد غياب عامين عن الشام، تبدو طافش مشتاقة لسوريا وللدراما السورية: «أنا ابنة الدراما السورية وهي التي قدّمتني، إضافة إلى أنّني أعتبر العمل مع المثنّى صبح مكسباً بحدّ ذاته، خصوصاً بعد نجاح مسلسل «جلسات نسائية» (2011)».
إلى جانب حداد وطافش، يشارك في العمل مجموعة من أبرز نجوم الدراما السوريّة، في نسيج درامي يعتمد أسلوب الـ«فلاش باك»، منهم وفاء موصللي، وندين تحسين بك، وجلال شموط، ونجاح سفكوني، وميلاد يوسف، ومحمد خير الجراح، وأمانة والي، ومديحة كنيفاتي، وتولاي هارون، وإسماعيل مداح، وسحر فوزي، ولينا حوارنة، وعلا الباشا، ويزن الخليل، وبراء الزعيم وغيرهم.
تظهر وفاء موصللي بدور إلهام زوجة قيس. شخصيّة بسيطة محبّة مثقّفة مرنة، لها مواقف وطنيّة في محاربة الفساد، بعيداً عن التشنّج. تقول موصللي: «هي شخصية جديدة بالنسبة لي على الصعيد الفكري والشكلي». برأيها فإنّ كلّ ما حدث في سوريا خلال الأعوام القليلة الماضية، حدث بالفعل في ظروف غامضة. «تمثل العائلة التي يتمحور حولها العمل، نسيج المجتمع السوري، حيث تعيش على قنبلة موقوتة معرّضة للانفجار في أي لحظة».
تشارك في البطولة أيضاً ندين تحسين بك بدور سمر. «هي ضمير شخصية دارين»، كما تقول لـ«السفير». وتضيف: «عمل يجمع المثنى صبح وفادي قوشقجي يعتبر تجربة مغرية بكل الأحوال».
من جهته، يؤدي نجاح سفكوني دور جمال، وهو أستاذ جامعي، وربّ أسرة مؤلّفة من ابنتين وولدين. طوال حلقات العمل، تقدّم الشخصية نفسها على أنّها شخصيّة مثاليّة وناضجة، تتدخل في شؤون أولادها للتمييز بين الصح والغلط. يقول سفكوني: «يشكّل هذا الرجل فجيعة العمل، فخلال سير الأحداث نصل إلى اكتشاف حقيقي، وهو الأساس الذي بني عليه المسلسل، أنّ كلّ ما كان يدلّ على أن هذا البناء متين وقوي، هو في الحقيقة هشّ، قائم على الغشّ والفساد وكذبة كبيرة جداً».
صحيفة السفير اللبنانية