جوليان أسانج… المناضل من أجل حرّيتنا جميعاً
الصحافي جوليان أسانج إنسانٌ شجاع. ناضل عبر وثائق ويكيليكس من أجل حريّتنا جميعاً، لكنّه يقبع الآن في سجنٍ بريطاني في انتظار قرار تسليمه لواشنطن حيث ينتظره حكمٌ بالسّجن يمتد إلى أطول من قرن.
ولأن جوليان أسانج يتحمّل حاليّاً السجن نيابةً عنا، جميعنا، المطالبين بحريّة الوصول إلى المعلومات ومن أجل منع دول الاستعمار والاستعمار الجديد من كمّ أفواهنا، فأقلّ ما وجب علينا الآن فعله هو الوقوف إلى جانبه، ودعمه بمختلف الأشكال. وإشعاره بأنه ليس وحيداً ولن يتحمّل وحده نتاج شجاعته المتناهية ويتعرّض فيه لمختلف صنوف التعذيب النفسي. لكن هذا الصحافي البطل لم يستسلم ولم يتراجع وما زال متمسكاً بصحة موقفه ونشر وثائق ويكيليكس التي فضحت. ضمن من فضحتهم، شيوخ العمالة في الخليج الفارسي وطغاة العرب. علينا مواصلة النضال على الصعد كافة من أجل فضح جلاديه وحتى دولته التي تخلت عنه راكعةً أمام السيد في واشنطن. ووجب علينا عدم نسيان غدر صحيفة الـ «غارديان» التي ائتمنها على نفسه وعلى وثائق ويكيليكس. ومن بين الأمور التي علينا مواصلتها نشر قضيته وآرائه، وعرضنا هذا يأتي ضمن هذا السياق.
يوفّر كتاب ««جُوليان أسانج عن جوليان أسانج» (أور بوكس ـــ 2021) مسحاً يسهل الوصول إليه عن فلسفة أسانج ومواقفه السياسية. ينقل آراءه حول كيفية عمل الحكومات والشركات ووكالات الاستخبارات ووظيفة وسائل الإعلام. إضافةً إلى تناول أهمية المجموعة الهائلة من الوثائق المسرّبة التي نشرتها ويكيليكس، يعتمد أسانج على ذكاءٍ متعدد المعالجات ليراوح بحُريّة بين فيزياء الكم، والأساطير اليونانية، والاقتصاد الكلي، والأدب الحديث، والإمبراطوريات القديمة والجديدة.
بالاعتماد على رؤيته باعتباره أشهر ناشط في مجال حرية التعبير في العالم، يدعونا أسانج لطرح المزيد من الأسئلة حول كيفيّة عمل القوة في عالمٍ تهيمن عليه بشكلٍ متزايد الإنترنت في كل مكان.
قد يكون أسانج سجيناً خلف القضبان، لكن في هذه الصفحات تنطلق كلماته بحرية، ما يوفر نصيحةً للقتال من أجل عالم أفضل وإلهاماً عند القيام بذلك.
صفحات هذا المؤلف تحوي كلمات جوليان أسانج كما كتبها أو نطقها. وهي تحمل سلطة محامي الضحية الذي خاطر بحريته من أجلها، فخسر حريته وصحته. وتسهيلاً للقارئ، قسمت محررة المؤلف كلمات جوليان أسانج إلى عناوين رئيسة هي: المساءلة، النشاط، الرقابة، إمبراطورية، الإنترنت، الصحافة، العدالة، القوة، السجن، المجتمع، المراقبة، الحرب وويكيليكس.
لقد قدم أسانج أدلة وثائقية على توسّع المراقبة والسيطرة على حياة المواطنين العاديين، ما يعكس هيمنة المؤسسة الأمنية «الإسرائيلية» على الفلسطينيين تحت الاحتلال العسكري، لكن ليس في فلسطين وحدها، بل في معظم أنحاء العالم الذي استحال مختبراً عملاقاً لاختبار المعدات والتقنيات والتلاعب النفسي والعنف لمنع الناس من الاحتجاج على ضعفهم وإفقارهم. وإلّا كيف يمكن للبشرية أن تقبل أنّ 1٪ من السكان يكدّس 88٪ من الثروة بينما النصف الأفقر يكسب 1٪؟
وهدف هذا المؤلف تصحيح المعلومات المضلّلة المحيطة بجوليان أسانج وويكيليكس. عندما بدأ مركز مكافحة التجسس التابع للجيش الأميركي ما أسماه برنامج «إتلاف أو تدمير مركز الجاذبية هذا» يسمى ويكيليكس في عام 2008، بدأت الحرب النفسية على أسانج. اتّبعت وكالات أميركية أخرى ــ البنتاغون ووكالة المخابرات المركزية ووكالة الأمن القومي ووزارة الخارجية ــ قيادة الجيش في التحقيق والمراقبة والتشهير بأسانج. كانت الموارد التي تم حشدها ضد ناشر وصحافي وحيداً غير مسبوقة، وذلك تقديراً لتأثير أسانج. لقد تم تداول كثير من الأكاذيب إلى درجة أنّ الجمهور لم تتح له الفرصة لمعرفة ما فعله وقاله أسانج بالفعل.
جوليان أسانج تحدث في المؤلف عن علاقة ويكيليكس بالأحداث في مصر وتونس ودور الصحافة والإعلام في نشر الحقائق، فقال: قوة البرقيات التونسية: «الحكومة التونسية حظرت بالتزامن صحيفة «الأخبار» (الصحيفة العربية الوحيدة التي نشرت وثائق ويكيليكس – ز م) وويكيليكس. ثم جاء قراصنة الكومبيوتر الذين كانوا متعاطفين معنا وأعادوا توجيه مواقع الحكومة التونسية إلينا. هناك برقية واحدة خاصة بنظام ابن علي تغطي نوع البذخ الداخلي والشخصي وإساءة استغلال العائدات. أفاد بعض الأشخاص أن الناس في تونس كانوا مستائين للغاية لسماع هذه الانتهاكات في هذه البرقية، والتي ألهمتهم على التّمرد. قد تكون بعض أجزاء من ذلك صحيحاً، لكنّ أسبوعين من نشر الوثائق، كان هناك رجل تونسي أضرم النار في نفسه، وهو فني كومبيوتر يبلغ ستة وعشرين عاماً، بسبب خلاف حول ترخيص في السوق. وقد أدى ذلك إلى خروج الغضب إلى الشوارع. وأهمية وثائق ويكيليكس عن الانتفاضة الشعبية في تونس جاءت في إظهار أن الولايات المتحدة ستدعم الجيش ضد ابن علي. كانت تلك إشارة، ليس فقط للجيش، لكن للجهات الفاعلة الأخرى داخل تونس، وكذلك للدول المجاورة التي ربما كانت تفكر في التدخل مع أجهزتها الاستخباراتية أو العسكرية نيابة عن ابن علي».
ولا بأس هنا من تذكير القرّاء بجوليان أسانج: جوليان أسانج هو مؤسّس وناشر ويكيليكس ومؤلف when google met wikileaks, cypherpunks, freedom and the future of the internet. حصل على العديد من الجوائز لعمله الصحافي، بما في ذلك جائزة منظمة العفو الدولية للإعلام في المملكة المتحدة، وجائزة الـ «إيكونوميست»، و«جائزة مارثا جيلهورن للصحافة».و«جائزة مؤسسة سيدني للسلام»، و«جائزة ووكلي»، وغيرها الكثير. نشرت مقالات بقلم جوليان أسانج في «نيويورك تايمز» و«واشنطن بوست» و«نيوزويك» و«الغارديان». رشّح لجائزة نوبل للسلام في مناسبات عديدة عن عمله كونه صحافياً وناشراً ومناضلاً من أجل حرية التعبير، وقد تم الاعتراف به على أعلى مستوى. جوليان يواجه حالياً عقوبة 175 عاماً إذا تم تسليمه إلى الولايات المتحدة لعمله كناشر.