كن مسلماً و… فرنسياً
ومن يجعل الضرغام بازاً لصيده تصيّده الضرغام فيمن تصيّدا.
سورية هي المسرح الذي أتاه المبتدئون والهامشيون: (المبتدئون في الإيديولوجيا بلغة عرجاء كلغة فرنسي يرتل آيات صعبة من سورة البقرة. والمبتدئون في القتال، كأشخاص مصابين بحرمان من تنفيذ قتل انتقامي مرغوب به نفسياً في مجتمعاتهم. (فرنسا كشمال أفريقي….مثلاً).
سورية مسرح لتخريج هؤلاء الذين سيحلمون بميادين قتال متنوعة. بعد أن تكون لغة الإيديولوجيا، باختصاراتها، كالتكبير، قد أكملت نفوذها في عقول لا تحتاج أكثر من بضعة كلمات. وبعد أن يكون المقاتل المسلح قد تجاوز العقدة من الدم المسال من فسحة الجسد الانساني… عنق أو صدر، ويطمح إلى تنويع الدماء، وطريقة تلويث الأيدي البيضاء بها عبر الذبح الفاشي القاسي… والحلال في آن
معا .
عدد الذين تخرجوا من المسرح السوري كاف لترويع القارة الأوروبية كلها، (إذا كانت خمس خلايا نائمة، في كل عاصمة، يكفي استيقاظها لإقلاق راحة ونوم بلد بأكمله).
تجربة “العرض الرئيسي” في باريس أثبتت أن ما سكت عنه الفرنسيون تجاه تساهل حكومتهم مع شرعنة الإرهاب، خفية وعلناً، يدفعون ثمنه الآن، هجوم نهاري علني مباشر مفاجىء متقن في قلب باريس.
وطبيعي ألا يظن أحد أن العمليات القادمة هي من نفس النوع، فلدى خريجي المسرح السوري من الأساليب ما سيجعل تفاديها أمراً شبه مستحيل.
حتى هذه اللحظة من الواضح أن فلسفة التدخل العالمية هي أمريكية ولم يجر عليها الأوروبيون تعديلات. وقد أنتجت هذه الفلسفة اسلوبين لهما طبيعة عالمية وملزمة (دون احتمالات التعديل).
الاسلوب الأول: الاقناع ، التحالف ، والحشد ، القصف ثم القصف… حتى يكون ممكناً الاحتلال البريء وإدامته بأقل من 5 آلاف جندي قتيل ، نصفهم متعهدو قتال برواتب خارج الجندية النظامية (كما حدث في العراق).
والاسلوب الثاني: الاتفاق على كل أهداف العملية العسكرية والالتزام بمواعيدها بطريقة القصف ثم القصف حتى يكون ممكناً أن تهزم المليشيا جيشاً محترفاً، وسيارات التويوتا دبابات حديثة (كما حدث في ليبيا).
لماذا لم تنتج “الشريعة” العسكرية الأمريكية والأوروبية مواجهة” الشريعة ” الإرهابية بأسلوب القصف ثم القصف حتى يصبح ممكناً استحالة حياة داعش والنصرة في ممالكهما وإماراتهما في سورية والعراق؟
في العسكرية التي يمكن ، هذه الايام ، انتاج خططها وأساليب حربها من “غوغل” بحيث تقضي على داعش والنصرة في سنة وأقل: انتصار على العدو بشل فاعليته، بإيقاف نموه، بزعزعة أركان مشروعه.
نفترض التالي : مقاطعة أو محافظة فرنسية (بدل مجلة) ، بكامل رسوخها الهندسي والاجتماعي (في ليون مثلاً) قد أعلنت إمارة إسلامية... هل سيكون القصف ثم القصف، دون هواده ، بدون يوميات قتال جواً وبراً ونهراً….إلى النهاية الحتمية: تحرير منطقة في ليون؟
12 شخص قتلوا في عملية باريس (المجلة). جلبوا خلال يومين قادة خمسين دولة للتضامن مع باريس وشجب الإرهاب. لقد أصبحت العملية (سياسياً) كأنها تفاعلات 11 أيلول/ سبتمبر.
لماذا…إذن كل هذا الوقت لمحاربة داعش؟
إنه الوقت الذي يلزم لكل أنواع “الحمل” الكاذب والصادق في سرير استراتيجية ” الفوضى الخلاقة” (لاحظوا كيف تتعامل أمريكا مع الملف السوري…تأخذ من الأحداث ما ينفع وتترك ما يضر، دون خجل من أحد. دون خجل من نفسها حيث ترسم خططاً وتبدلها، وتعد بشيء وتفعل عكسه (الخجل هنا ليس بالمعنى الأخلاقي)…
الشيء الذي سيربك الجميع هو أن الدرس الأول في الطبخ: ” لا عجة دون تكسير البيض”.يحاولون اقناعنا به.
هكذا المسألة: لمحاربة الإرهاب…(لمقاتلة قواعده المعلنة والمكشوفة والفسيحة) تحتاج إلى التأمل في الأفق المفتوح للفلسفة المغلقة (التي تبدو مغلقة) لتنظيم الدولة الإسلامية، وهي صريحة في كتاب “إدارة التوحش” لزعيم ثقافي في داعش اسمه: أبو بكر ناجي.
يقول: “كل بؤرة هي قابلة لتجربة إدارة التوحش” عبر تكتيك: النكاية (التنكيل/ عملياً) والتمكين (الأماكن/ أينما كانت) والتطهير (القتل على هوية التكفير)
ونتيجة التأمل الأوروبي بمسألة التنظيمات الجهادية هذه سيكون: “نحن جميعنا أهداف”
جميعنا من البلطيق إلى المتوسط. ونرى :
أي دولار يرسل عبر أي وسيط، وأي سلاح يرسل من أي شخص عبر أي دولة…
وأي معسكر لتدريب جيوش بديلة…
هو إدامة صراع، في بؤره المحلية، مع تفاديه في بيئة عالمية.
كيف ظبطت؟؟
لا أحد يعرف إلا بإعادة تعريف ما يسمى المصالح الكونية.
لقد طبقوا إحدى مقولات داعش:
كن مسلماً وفرنسياً
مسلماً وامريكياً
كن من تشاء …فقط لاتقترب من… !