بين قوسين

ماذا تعلمت .. بعد خمس سنوات

ها وقد مضت خمس سنوات .. وانا هنا أراقب نفسي ومن حولي كيف نتغير .. وتتغير نظرتنا وتقيمنا لكل ما يحصل ونراه حولنا ..

طريقة حكمنا على الاحداث .. نظرتنا للاختلاف .. تقييمنا للاشخاص..  خبرة حياتية وتجارب مهمة تضاف كل يوم الى خزان حياتنا الذي بات مضغوطا من تراكم التجارب والخبرات ..

بعد خمس سنوات .. من اقامتي في اميركا اتناقش مع ابنتي حول اهمية كسر البراويظ التي أحطنا فيها أنفسنا .. وتحطيم القيود التي وضعنا الأخرين فيها .. وضرورة اطلاق الحريات واحترامها ..!!!

موضوع شائك .. وصعب على من أتى من مجتمع شرقي  قائم على تأطير الأخر ولجم الحريات واطلاق الأحكام .. موضوع خلافي ويسبب صراعاً فكرياً بين الصح والخطأ ، بين العادات والتقاليد .. بين العيب والمسموح ، وبين الحلال والحرام …

ما كان مرفوضا سابقا قد يصبح مقبولا اليوم والعكس صحيح ..

اعادة تقييم وبناء لثقافات تقبل الاختلاف ومعنى الحريات …

صراع اجيال .. صراع تكنولوجي … صراع وجودي … !! اجاباتي قد تختلف تماما عن اجوبة ابنتي … ونظرتي كذلك ، ولكن فكرها وطريقة تعبيرها واحترامها للأخر تجعلني اقف مع نفسي واعيد النظر ..

احتكاكي هنا مع ثقافات مختلفة .. وبشر متنوعين من بيئات غريبة تغير نظرتي الى الكثير من الأمور ..

صرت اقبل الاختلاف بطريقة افضل .. احترم الذي لم يكن مقبولا .. وأتغاضى عما كنا نعتبره مرفوضا ..

اصبح للحرية مفهوم اوسع .. وللاختلاف مدى أكبر … وللتنوع نطاق أعرض …

لم يعد اطلاق الاحكام ، وتصنيف الناس حسب لونهم أو عرقهم أو اشكالهم ، وحتى دينهم محصورا بنظرتنا الضيقة والمحدودة التي تربينا عليها وتلقيناها في مجتمعنا المحدود …

لم يعد الاستهزاء بشكل شخص .. او بفكره .. أو بجنسه يثير حس الدعابة ومادة للتداول والسخرية .. اصبح الاحترام وتقبل الاختلاف حالة صحية ومطلوبة من الجميع ..

(( قد لا أعجبك .. قد اكون برأيك غريب الشكل او الفكر او الجنس .. ولكن عليك احترام انسانيتي وعدم تقييمي واطلاق الاحكام المسيئة لانسانيتي وكرامتي …. )))

ماذا تعلمت .. بعد خمس سنوات

الاحترام الإنساني .. الحرية المسؤولة .. يجعلني اعيد حسابات كلماتي وترتيب افكاري وتغيير نظرتي للأخر  وكبح انفعالاتي وتعبيري العفوي والذي قد يسبب إساءة أو أذى للشخص المقابل ..

عدم التقييم حالة صحية جدا  ولكنها صعبة وتحتاج الى تدريب وضبط  لتصل الى قناعة أن أي انسان هو حر بطريقة تعبيره عن نفسه طالما انه لا يؤذي حرية الاخرين  ولا يتجاوز حدوده مع احد .. ولا يتعدى على خصوصية وحرية احد ..

هي حالة تعود وممارسة .. ثقافة ترتقي بسوية الانسان وتجعله يسمو ويتعايش ويتقبل .. ويبدع  !!

فكرة بسيطة ولكنها تصب في عمق الانسانية ..

فبالرغم من اننا ما زلنا نهوي في كثير من الأحيان الى قاع النقد والاساءات واطلاق الأحكام .. حتى أننا نصل الى مرحلة جلد الآخر باحكامنا ونقدنا اللاذع  ..!! فإننا  نحتاج فعلا ان نبذل جهدا لنستطيع أن نحرر عقولنا من القوالب الجاهزة والمعدة مسبقا لنخنق فيها حريةالأخر .. ونحكم عليه .. !!

فكرة بسيطة .. ولكنها جدا عميقة … احببت ان اشارك بها .. وما زلت أتعلم ..

بوابة الشرق الأوسط الجديدة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى