افتتاحية الموقع

من يضييع الهوية العربية في التسوية الإقليمية الجارية ؟؟!

بعد إضعاف العرب إلى حالهم الحالي تستمر القوى المستفيدة من ضعفهم في التنافس فيما بينها لإسباغ هوية كل منها على المنطقة العربية التي تشكل أساس ومركز النظام الإقليمي الذي سينتج عن هذه التسوية … فكيف يمكن أن يسمح العرب بتراجع أو تلاشي هويتهم العربية الحضارية أمام هويات الطامعين بفرض نفوذهم على منطقتهم وثرواتها و موقعها الإستراتيجي.

و إذا كانت تركيا و إيران و إسرائيل هي القوى الأساسية المتنافسة على السيطرة و فرض النفوذ والهوية على المنطقة العربية بتغييب عروبتها أولاً، فإن هذه القوى تحاول كل منها فرض هويتها و إيديولوجيتها على المنطقة . كسلاح حاكم و متحكم بشعوب و مقدرات المنطقة العربية .

المشكلة هي في أن كل من هذه القوى الثلاثة تريد التحكم بالمنطقة العربية عبر هويتها ، و هي هوية دينية وذاخرة بمطامع قومية ولاهوتية تحقق مصالحها السياسية . تركيا، ومنذ تسلم حزب العدالة و التنمية، تنمي و تطور هوية عثمانية مستعادة ببعدها الديني المسلح بأطماع لا تشبه المنطقة العربية . كذلك فإن إيران تفتخر بهويتها الدينية التي تريد معالجة مظلومية متوارثة كمتخيل يعد بخلاص يتحقق على أيدي أحفاد المهدي إنتظاراً لفرجه و نشره للعدل الكوني . و هذا ما يشكل معنى وجوهر الولي الفقيه بعد سيطرته على المنطقة . كذلك فإن إسرائيل تتسلح بهويتها المحشوة بخرافة شعب الله المختارالذي لا يحقق وعد الله المتوهم إلا بالسيطرة على المنطقة العربية وإخضاعها. و إذا كانت أميركا و روسيا ، كقوتين عظميتين ، لهما القرار النهائي او الرعاية الأساسية لشكل التسوية الإقليمية، فإن أميركا تحاول أن تصهر كل هذه الهويات الدينية المتنافسة على المنطقة لتخرج علينا بهوية مفبركة دينية الإيحاء و المضمون بعباءة إستخباراتية  ألا وهي هوية أبراهام . و بينما روسيا لا تمانع بل تؤيد هذا المنحى، تتمايز إيران برفضها و مقاومتها .  و أخطر  ما في هوية إبراهام هو تغييب الهوية العربية وروح المنطقة و شعوبها وعقلها الإنساني المبدع . و هذا التغييب شكل من أشكال  العدوان على حضارة العرب، و نوع من أنواع الجريمة ضد الإنسانية . و كلاهما ، العدوان و الجريمة،  يرتكبهما آخرون ضدنا.  أما إنسحابنا و خضوعنا أو إستسلامنا أو توهمنا بالشراكة مع أي من الهويات الطامعة والمعادية بمنطقتنا فهو الإنتحار الحضاري القاتل للهوية الحضارية الإنسانية العربية المبدعة ..

و السؤال، إلى متى يتلهى حكامنا و نخبنا بنزاعاتهم و صراعاتهم دون أن ينتبهوا أن بتفرقهم و تقاتلهم يغذون الهويات الأخرى المنافسة و الطامعة في السيطرة على منطقتهم وحياتهم و مستقبلهم ؟؟ ليس أمام العرب إلا التمسك بهويتهم العربية الحضارية الإنسانية لأنها الأقوى في إعطاء منطقتهم معناها الإنساني الحضاري .

بوابة الشرق الأوسط الجديدة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى