المهارة… هل تجعل العمّال «بشراً» في قطر؟
في الوقت الذي انتشرت فيه الدعوات لمقاطعة مونديال قطر بسبب نظامها العبودي الخاص بالعمال في مواقع البناء ذات الصلة، تناقش الكاتبة نتاشا إسكندر اضطهاد العمالة المهاجرة هناك من منظور المهارة، التي تعرّفها بأنها مقياس للقدرة والتدريب. لكنّ كتابها «هل تجعلنا المهارة بشراً: العمال المهاجرون في القرن الحادي والعشرين في قطر وغيرها من مشيخات الخليج الفارسي» (منشورات جامعة برينستون ــ 2021) يُظهر بدلاً من ذلك أن الفروق في المهارات تُستخدم للحد من الحرية، وتضييق الحقوق السياسية، وحتى منع الوصول إلى الخيال والرغبة. تأخذ الأستاذة المشاركة في التخطيط العمراني والخدمة العامة، القراء إلى صناعة البناء المزدهرة في قطر في الفترة التي تسبق كأس العالم 2022، من خلال نظرة غير مسبوقة إلى تجارب العمال المهاجرين. نظرة كشفت أن المهارة تعمل كمؤشر إلى الاختلاف الاجتماعي، قويّ بما يكفي لهيكلة جوانب الحياة الاجتماعية والاقتصادية جميعها، بما في ذلك الاستجابات لتغير المناخ.
يستكشف هذا المؤلف النهج السياسي للمهارة، وهي لغة تثير الجدل حول سياسة سوق العمل، ومعايير الهجرة، وعدم المساواة في الثروة والفقر. والأفكار حول المهارة تدخل الحياة السياسية خلسةً، خَفيةً في ادعاءات السمات التي يمكن ملاحظتها موضوعياً. تمر المهارة كمسألة فنية، محمية من نوع المناقشة والتحليل الذي تظهر من خلاله الأبعاد السياسية للفئات الاجتماعية الأخرى، مثل العرق والجنس والأصل القومي، ويتم تحديدها. تقول الكاتبة إن هدف مشروعها هذا جعل لغة المهارة السياسية مسموعةً، وتوضيح الطرق التي تتميز بها كلغة قوة. إن سياسة المهارة تبعية للغاية، حيث تمس كل جزء من وجودنا البشري، بسبب الطرق التي تجنّد بها الجسد. نحن نستخدم المراجع التي تتسم بالجانب المادي العميق لإعطاء قيمة للمهارة، وتحديد من الماهر، ومن ليس كذلك.
تجيب الكاتبة عن السؤال المطروح في عنوان مؤلفها، فتقول: شكّلت المعتقدات حول المهارة والشخصية المنسوجة في الإجابة، الحقيقة عبر العديد من السجلات الاجتماعية والرمزية والمادية. وجاءت الإجابة عن السؤال بعدة نسخ، واتخذ كل فصل من هذا المؤلف تصوراً مختلفاً. الفصل الأول (التنظيم: كيف تصبح سياسة المهارة قانوناً)، نظر في المعجم السياسي الذي تم من خلاله صياغة الإجابة، وفحص كيفية استخدام المهارة لتحليل تعريفات الحرية والحقوق، وحصر حقوق غير المهرة في رفاههم الجسدي مع السماح للمهارات بمجموعة كاملة من الحريات، بما في ذلك الحقوق التي تشمل استحقاقهم للإبداع والرغبة والتنقل والفاعلية.
يصور الفصل الثاني (الإنتاج: كيف تصنع المهارة المدن)، المكان الذي تم فيه تقديم الإجابة عن هذا السؤال، وكيف جاءت الإجابة نفسها لتكوين المكان وينظر في التخطيط الحداثي لمشيخة الغاز الخليجية. في الفصل الثالث (المهارة: كيف تتجسد المهارة وماذا تعني للسيطرة على الأجساد؟)، تحوّل المؤلف إلى الطريقة التي تم بها استخدام الإجابة على عنوانه. لقد أظهر كيف تم استخدام التعريف السياسي للمهارة لانتزاع الممارسة الماهرة المتجسّدة من أجسام العمال وإعادة تعريفها كأصل مجرّد تم إدخاله في الإنتاج من قبل الإدارة. كما عرض بالتفصيل الرقابة التأديبية على العمال، بما في ذلك الإكراه الجسدي، ودورها في فرض أسطورة أنّ غير المهرة لا يملكون القدرة على الحرية.
استمع الفصل الرابع (الاحتجاج: كيف تصبح الممارسة الماهرة مقاومة؟)، إلى انتقادات العمال ضد المزاعم حول افتقارهم إلى المهارة والشخصية. أظهر كيف أن العمال، في سياق كانت الاحتجاجات والإضرابات وتنظيم العمل غير قانونية، استخدموا ممارستهم الماهرة لمقاومة خيالهم.
أظهر الفصل الخامس («الجسد: كيف تتسبب تعريفات المهارة في الإصابة»؟) إلى أي مدى تضرُّر إجابة السؤال حول إنسانية العمال. وكشف أنّ سياسات المهارة كانت متورّطة بشدة في تعرّض العمال لإصابات حرارية تهدد حياتهم. تعني لغة المهارة السياسية أن الإصابة، ولا سيما الضرر الذي يلحق بالإدراك بسبب الحرارة، يمكن تحريفه إلى دليل على أن العمال كانوا غير مهرة من الناحية الوجودية، أو حتى إنهم يقاومون المهارة والتعلم، ما يؤكد الادعاء بأنهم لا يمتلكون القدرات المطلوبة لكامل طاقتهم: الشخصية السياسية.
الفصل السادس والأخير (الأرض: كيف تشكل سياسات المهارة استجابات لتغيّر المناخ) يظهر كيف أدى التكافؤ بين المهارة والشخصية إلى شحذ عواقب الضرر البيئي لأولئك الذين تم تعريفهم على أنهم غير مهرة.