إسرائيل: لافروف تخلّص من الوفد العربي باعتباره “مصدر إزعاج”!
إسرائيل: لافروف تخلّص من الوفد العربي باعتباره “مصدر إزعاج”!… قال مُستشرِق إسرائيليٌّ في تحليلٍ نشره اليوم الأحد في صحيفة (هآرتس) العبريّة، قال إنّ دولة الاحتلال هي الدولة الأضعف في ما أسماه بالشرق الأوسط الجديد، الذي يتشكّل في هذه الفترة عقب الحرب الروسيّة الأوكرانيّة، لافِتًا إلى أنّه في الوقت الذي تفقِد فيه جامعة الدول العربيّة أهميتها أوْ ممّا تبقى منها، بينما تقوى دول الخليج بدعمٍ من مصر وتركيّا، يبدو واضحًا أنّ لإيران يوجد مكانًا مهّمًا في هذه الخريطة، وأيضًا لإسرائيل، ولكنّه استدرك قائلاً إنّ دولة الاحتلال ستكون مُجرّد عضو في الائتلاف الواسِع الذي يتشكّل، وليست الدولة التي تقود الحلف، أوْ تكون على رأسه، كما أكّد.
وتطرّق المُستشرِق د. تسفي بارئيل، الذي يعمل محللاً للشؤون العربيّة في (هآرتس) العبريّة، تطرّق أيضًا إلى زيارة وفد الجامعة العربيّة إلى موسكو في محاولةٍ للتوسّط لوقف الحرب مع أوكرانيا، ونقل عن مصادره الخاصّة بتل أبيب قولها إنّ وزير الخارجيّة الروسيّة، سيرغي لافروف، استقبل الوفد باحترامٍ وتهذيبٍ، ولكنّه في الوقت عينه “تخلّص” من أعضاء الوفد، كما يتخلّص الإنسان مصدر إزعاج، على حدّ وصفه.
د. بارئيل لفت في تحليله إلى أنّ السواد الأعظم من الأمّة العربيّة لا يُقيم وزنًا لجامعة الدول العربيّة، التي تلفظ أنفاسها الأخيرة، وشدّدّ على أنّ وسائل التواصل الاجتماعيّ انقضّت على زيارة الوفد وقام المُغرّدون العرب بتحويل الزيارة إلى موضوعٍ للتندّر، ونقل عن أحد المُغرّدين العرب اقتراحه على الرئيس الروسيّ، فلاديمير بوتن، بحجز أعضاء الوفد في موسكو ونفيهم بعد ذلك إلى سيبيريا.
عُلاوة على ذلك، قال إنّه لا يوجد بعد اليوم موقفًا عربيًا مُوحدًا، بل كلّ دولةٍ ترقص على ليلاها، لأنّه عندما تقوم السعوديّة والإمارات وتركيّا وإيران وإسرائيل، كلّ واحدةٍ على حدّةٍ، بنقل الرسائل بين روسيا وأوكرانيا بحسب مصالحها، فإنّه لم يعُد للجامعة العربيّة أيّ دورٍ، ولا يوجد بجعبتها اقتراحات لعرضها.
وشدّدّ د. بارئيل على أنّه في المعركة الحالية تمّ تقسيم الرابحين والخاسرين: من ناحية دول الخليج هي الفائزة لأنّها تجني الأرباح الطائلة من ارتفاع أسعار النفط والغاز، أمّا باقي الدول، أيْ الفقيرة في الوطن العربيّ، فإنّها تبحث عن مصادر للطاقة، وتدُقّ على أبواب الدول الغنيّة للحصول على القمح بهدف إطعام شعوبها، وتزويدهم بمصادر الطاقة بأسعارٍ غاليّةٍ، وهو الأمر الذي أدّى لانخفاضٍ آخرٍ في مستوى المعيشة، كما قال.
المُحلِّل نقل عن مصادره بتل أبيب قولها إنّ زيارة الرئيس السوريّ، د. بشّار الأسد، إلى الإمارات العربيّة المُتحدّة، كان تحولاً إستراتيجيًا، ولكنْ بسبب الحرب الروسيّة-الأوكرانيّة لم تحظَ الزيارة بتغطيةٍ كبيرةٍ، مُضيفًا أنّ الزيارة وتحسين العلاقات بين أبو ظبي ودمشق أدّى لتوتّرٍ في العلاقات الإماراتيّة مع واشنطن، التي فسّرت الزيارة على أنّها عمليًا تأييدًا من أبو ظبي لروسيا، والأخيرة هي التي تسعى لإعادة الرئيس الأسد إلى موقعه في الوطن العربيّ، بهدف إدخال القشّة الحادّة كالموس في عينيْ الولايات المُتحدّة الأمريكيّة، التي ما زالت تفرِض العقوبات على سوريّة، كما قال.
المصادر في تل أبيب أكّدت بحسب المُستشرِق أنّ أبو ظبي لم تهتّم بتاتًا من الغضب الأمريكيّ بسبب زيارة الأسد، بلْ أكثر من ذلك، فقد أوضحت هذه الدولة الخليجيّة أنّها ترفض الانضمام إلى العقوبات التي فرضتها واشنطن على روسيا.
المُستشرِق أشار أيضًا إلى أنّ ما أسماه باجتماع الأخوة في النقب، أيْ قمّة النقب، بمشاركة أربع وزراء خارجيّة عرب بالإضافة إلى وزير الخارجيّة الأمريكيّة والإسرائيليّة، لم يُحقق الأهداف المرجوّة التي أرادتها واشنطن، إذْ أنّ الوزراء العرب أوضحوا أنّه يجِب التفريق بين مصالحهم، وبين المصالح التي تجمعهم مع إسرائيل والولايات المُتحدّة.
وأضاف أنّ التماهي التقليديّ بين دول الخليج ومصر مع واشنطن لم يعُد بعد اليوم كما كان بشكلٍ أوتوماتكيٍّ، مُوضحًا أنّ روسيا ليست حليفةً إستراتيجيّةً لهذه الدول، ولكنّها في الوقت عينه هي دولةً عُظمى وحيويّةً، وأنّ روسيا بالنسبة لهذه الدول هي على الأقّل كالسوط المُهدّد الذي بواسطته تتمكّن هذه الدول العربيّة الرياديّة من إلزام الولايات المُتحدّة بالتعامل مع طلباتها بجديّةٍ بالِغةٍ، كما قال المُستشرِق الإسرائيليّ.
وخلُص المُستشرِق إلى القول إنّ الحلف الجديد، الذي يتشكّل في هذه الأيّام هو ليس حلفًا للحرب ضدّ إيران، كما عرض ذلك رئيس الوزراء السابِق، بنيامين نتنياهو “اتفاقيات إبراهيم”، أيْ التطبيع مع الدول الخليجيّة، كما أنّ هذا الحلف هو ليس بمثابة “ناتو عربيّ-إسرائيليّ”، جازمًا بأنّ الحلف الجديد هو بين دولٍ لها مصالحها، والأعضاء في هذا الحلف سيقومون برسم الحدود فيما بينهم بهدف التعاون حتى في حالة وجود خلافاتٍ بين الأعضاء، كما قال.