الجيش الإسرائيليّ ليس مستعدًا للحرب على عدّة جبهات
في الوقت الذي تقوم فيه إسرائيل بقمع الفلسطينيين في القدس والضفّة الغربيّة، وفي الوقت الذي تخشى فيه من تحوّل المواجهات في محيط المسجد الأقصى لانتفاضةٍ ثالثةٍ، يُطرَح بتل أبيب السؤال: هل الجيش الإسرائيليّ مستعد للحرب على عدة جبهات في الوقت نفسه، بما في ذلك ما قد يحدث داخل البلدات العربيّة والبلدات المختلطة في الداخل الفلسطينيّ، مثل حالة “حارس الأسوار”؟ (العدوان الإسرائيليّ على قطاع غزّة في أيّار “مايو” من العام الماضي).
هذا السؤال جرت الإجابة عليه على لسان الجنرال في الاحتياط غرشون هكوهين الذي قال: “صحيح أنّهم في المؤسسة الأمنيّة والعسكريّة يتدرّبون ويستعدون جيدًا، لكن عديد القوات الموجود في الجيش من أجل التعامل مع معظم التهديدات محدود”. وفي هذه العُجالة وَجَبَ التأكيد على أنّ وزير الماليّة الإسرائيليّة، أفيغدور ليبرمان كان قد صرّح بأنّ آخر حرب انتصرت فيها إسرائيل كانت في عدوان حزيران (يونيو) من العام 1967، والمعروف عربيًا بـ”النكسة”.
وفي حديث لـ”إذاعة الشمال” الإسرائيليّة، وردًا على سؤال: هل نحن مستعدون للحرب؟، قال هكوهين: “لا سمح الله ألّا نكون كذلك”، لكنه تابع: “لعدم إخافة الجمهور، يوجد للجيش مسؤولية، وهو يلتزم بها. قيادة الجبهة الشمالية تستعد، قيادة الجبهة الجنوبية تستعد، سلاح الجو يستعد. لكن توجد عدة مشاكل أساسية من المهم التأكيد عليها، حتى أنّ رئيس الوزراء السابق إيهود أولمرت كتب مقالًا، مفاده أنّه لم تعد هناك تهديدات وأنّه يجب تصغير الجيش الإسرائيليّ. الأمر ليس فقط أنه لا يجب تصغيره، بل هو صغير بما يكفي الآن”.
وأضاف اللواء احتياط هكوهين “إذا نظرنا إلى عملية (السور الواقي)، حينها كانت لدينا صعوبات لو فتحت الجبهة الشماليّة، لأنّ ترتيب القوات لم يكف. لو فتحت الجبهة الشمالية في (السور الواقي) بشكل واسع، حينها ما كنّا لنستكمل أهداف (السور الواقي) في قيادة المنطقة الوسطى. من بين جملة أمور لم ننفذ سور واقي في غزة بسبب صعوبات في إدارة متوازية لأكثر من جبهة واحدة في جهد أساسي، ولذلك يجب زيادة الجيش الإسرائيليّ بثلاث أوْ أربعة فرق، وزيادة ترتيب القوات في الاحتياط وإعادة بناء الدفاع المناطقي في جميع البلدات. بعضهم محاط بمئات آلاف من العرب المسلحين”.
وتابع “هذا سيحدث إذا ضعفنا. هناك مثل عربي يقول: عندما يسقط الجمل يكثر الجلادين. فإذا بدأ الجمل الصهيوني في التمايل، سيكثر الأعداء”، حسب تعبير هكوهين.
جدير بالذكر أنّه في مقابلة مع القناة الـ12 بالتلفزيون العبريّ، قال قائد الجبهة الداخلية في كيان الاحتلال الإسرائيليّ، الجنرال أوري غوردين: “أنا أعتقد بأنّ (الأمين العام لحزب الله السيد حسن) نصر الله يُدرك قدراتنا، ولا شكّ أنّ لدى أعدائنا قدرات جوهرية موجهة أيضًا نحو نقاط الضعف لدينا”.
من ناحيته قال رون بن يشاي، محلل الشؤون العسكريّة في موقع (YNET)، التابِع لصحيفة (يديعوت أحرونوت) العبريّة، قال إنّ الاستعدادات الإسرائيليّة المحلل العسكريّ لا تعني بالضرورة أنّ إسرائيل معنية بمواجهةٍ شاملةٍ، كما أنّ الفصائل الفلسطينيّة المُسلّحة غير معنية بالتصعيد وتعي قدرات إسرائيل، مُشدّدًا في ذات الوقت على أنّه “في حال المواجهة الشاملة ستكون إسرائيل في معركة وجودية وستستعمل أسلحة فتاكة، التي ستؤدّي لدمارٍ شاملٍ للفصائل المسلحة”.
ولم يستبعد بن يشاي لجوء إسرائيل إلى المفاجأة والمبادرة بالهجوم وعدم الاكتفاء برد الفعل على هجمات الفصائل المسلحة، سواءً على جبهة غزة أوْ حتى سوريّة والجبهة الشمالية مع لبنان.
على صلةٍ بما سلف، من المُفيد التأكيد على أنّ العام الفائت اتسّم بتكثيف الجيش الإسرائيلي وبشكل غير مسبوق مناوراته التي تحاكي مواجهة على عدة جبهات، في مسعى لرفع جاهزيته في ظلّ ما يصفها بالمخاطر الأمنية التي تحيط به ممّا تُسّمى “دول الطوق”، كما أنّ العام 2021، الذي أُطلِق عليه “عام المُناورات”، قد شهِد العديد من المناورات التي جاءت لتُحاكي سيناريو يخوض فيه الجيش الإسرائيلي حربًا على عدّة جبهات مع لبنان وسوريّة وقطاع غزة، بالإضافة إلى الحرب السيبرانيّة والهجمات الإلكترونيّة.
صحيفة رأي اليوم الألكترونية