بارقة أمل من جنيف: هل تسبق «المصالحة» الدستور؟
بعد الاتفاق على العديد من الموادّ الخاصة بالدستور الليبي في ثلاث جولات اجتماعات استضافتها القاهرة خلال ثلاثة أشهر، تَلوح بارقة أمل من جنيف، إثر تحديد موعد لعقْد لقاء فيها (28 و29 حزيران) بين رئيس البرلمان عقيلة صالح، ورئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري، بهدف حسم المواد الخلافية المتّصلة بقانون المصالحة، بما يعني الدخول في مساومات يبقى الانخراط في العملية السياسية بصورة كاملة، مرهوناً بها. ويأتي هذا اللقاء، الذي سيتوّج اجتماعات ممثّلين عنهما واجتماعاً في القاهرة غير معلَن بينهما، في محاولة لمعالجة النقاط التي لا تزال تحول دون عرْض النصوص الدستورية كاملة على استفتاء شعبي، يَعقبه إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية بحلول عام 2023، وهو موعد مبدئي ترى المستشارة الأممية، ستيفاني وليامز، أنه يناسب الوضع الحالي، خاصة مع التشديد على الإشراف الدولي على العملية الانتخابية.
وبالتالي، ما يتوخّاه المشري وصالح، هو التوافق على بنود المصالحة، بما يتيح تأمين حصانة لفرقاء النزاع المحلّي كافة من المحاسبة والمحاكمة في المستقبل القريب. ولكن لا يزال الخلاف بينهما يدور حول بعض التفاصيل؛ فالمشري يرغب مثلاً في السماح بعودة ليبيين موجودين في الخارج، فيما يريد صالح أن تكون المصالحة مع غير المتورّطين في أعمال العنف المسلّحة، وهي مسألة تثير الجدل في ظلّ تحارُب كلا الطرفين سابقاً عبر وكلائهما. ويحاول صالح إمرار القانون بشكل توافقي، لا بالقوّة من خلال البرلمان على غرار ما فعل إبّان تشكيل حكومة فتحي باشاغا على سبيل المثال، وهو يتطلّع إلى إدخال المستشارة الأممية والجامعة العربية والاتحاد الأفريقي كشركاء في هذه الخطوة، التي ستكون من شأنها المساهمة في تهدئة الأوضاع سياسياً والبدء في مرحلة إعادة البناء المتعثّرة.
وصار إمرار قانون المصالحة المطروح، الأمل الوحيد لتبنّي الدستور وفق الرؤية الأممية، خاصة أن المفاوضات على النصوص الدستورية يعتريها الغموض هي الأخرى، سواء لناحية فترة العمل بالدستور أو آلية اعتماده، وصولاً إلى سؤال: مَن سيشرف عليه؟ وعلى رغم أن قانون المصالحة يحظى بموافقة مبدئية من رئيس البرلمان، واللواء المتقاعد خليفة حفتر، إلى جانب باشاغا، إلا أنه يُرتقب أن يدور حوله نقاش طويل في المجلس الرئاسي في الأيام المقبلة، علماً أن النقاط الخلافية فيه مرتبطة بأحداث ومواقف لم يتمّ التحقيق فيها. وفي حال التوافق عليه، فسيكون إقرار القانون بمثابة طيّ لصفحة الماضي، وإنهاء لإمكانية محاسبة أيّ طرف، بمَن في ذلك مرتزقة لا تزال أعداد كبيرة منهم موجودة في الأراضي الليبية.