هل النظام الغذائي الخالي من الغلوتين يُنقص الوزن؟
على مدى السنوات الماضية، كان هناك ارتفاع في عدد المشاهير والمدونين الصحيين الذين يروجون لاستخدام نظام غذائي خالٍ من الغلوتين لأغراض إنقاص الوزن، ويقول المدعون إنه يحسن الهضم ويعزز مستويات الطاقة، لكن هل تدعم الأسانيد العلمية هذه الشهادات، وفقا لما ورد في مقال نشره موقع Live Science.
حساسية الغلوتين
الغلوتين هو بروتين يوجد في الغالب في الحبوب مثل القمح والشعير. من المعروف أنه يتسبب في التهاب وإتلاف أمعاء المصابين بمرض الاضطرابات الهضمية.
فبالنسبة لأولئك الذين يعانون من حساسية الغلوتين، يمكن أن يسبب أعراضا مثل الانتفاخ والغازات والإسهال.
ويعد النظام الغذائي الخالي من الغلوتين هو العلاج الوحيد لهذه الحالات، لكن بشكل عام لا يشكل الغلوتين أي خطر ولا يوجد ما يدعو إلى تجنبه.
ويشير باحثون، في تقرير نشرته دورية Pediatrics، إلى أنه لا يوجد دليل على أن الأنظمة الغذائية الخالية من الغلوتين يمكن أن توفر أي فوائد صحية كبيرة لأولئك الذين ليس لديهم مشاكل في هضم الغلوتين.
مصادر الغلوتين
وفقًا لمؤسسة Celiac Disease Foundation، تشمل المصادر الرئيسية للغلوتين الحبوب مثل القمح والجاودار والشعير والشوفان، بالإضافة إلى مشتقاتها مثل الشعير والخميرة ونشا القمح. لذلك يحتاج الأشخاص الذين يعانون من مرض الاضطرابات الهضمية أو حساسية الغلوتين إلى تجنب العديد من المواد الغذائية الشائعة، بما يشمل المعكرونة والخبز والمخبوزات وحبوب الإفطار.
يوجد الغلوتين أيضًا بشكل شائع في الصلصات والتوابل، وخاصة صلصة الصويا وخل الشعير. كما يستخدمه مصنعو المواد الغذائية كمادة مضافة أو حشو. وفي هذه الحالات، يتم إدراجه عادةً على الملصقات تحت مسميات مثل مالتوديكسترين أو نشا القمح.
الغلوتين وفقدان الوزن
نظرًا لأن البدائل الخالية من الغلوتين تميل إلى أن تكون باهظة الثمن ويصعب الحصول عليها، فإن النظام الغذائي النموذجي الخالي من الغلوتين يتكون عادةً من أطعمة كاملة خالية من الغلوتين بشكل طبيعي، بما يشمل الفواكه والخضراوات والحبوب الخالية من الغلوتين مثل الأرز البني والكينوا والدخن.
يمكن أن يساعد استبعاد تناول الأطعمة، التي تحتوي على نسبة عالية من الكربوهيدرات البسيطة، واستبدالها بأطعمة غنية بالألياف قليلة المعالجة على تعزيز فقدان الوزن والشعور بالراحة.
تشير الأدلة القصصية من الممارسات السريرية إلى أن مرضى الاضطرابات الهضمية الذين يتحولون إلى نظام غذائي خالٍ من الغلوتين ربما يجدون أنهم يفقدون الوزن بسهولة أكثر.
من جانبها، قالت دكتورة صوفي ميدلين، استشارية التغذية إن “ما يحدث عادة إذا تجنب شخص ما الغلوتين هو أنه يحد من الكربوهيدرات وبالتالي ينتهي به الأمر إلى فقدان الوزن”، شارحة أن الأمر لا يرتبط بالغلوتين وإنما يرجع السبب إلى النظام الغذائي المقيد، الذي يؤدي إلى فقدان الوزن.
رأي العلم
إلى ذلك، تُظهر الدراسات البحثية نتائج مختلطة، إذ توصل العديد من الأوراق إلى أن الاستغناء عن الغلوتين يمكن أن يساهم بالفعل في زيادة الوزن. ووفقًا لدراسة نُشرت في دورية Alimentary Pharmacology and Therapeutics، تسبب اتباع نظام غذائي خالٍ من الغلوتين في زيادة الوزن، في حين أن 22٪ ممن المرضى الذين كانوا يعانون من زيادة في الوزن بالفعل اكتسبوا المزيد من الوزن.
أظهرت دراسة مماثلة من الدورية الأميركية لأمراض الجهاز الهضمي أن 81٪ من مرضى الاضطرابات الهضمية يكتسبون الوزن بعد عامين من اتباع نظام غذائي خالٍ من الغلوتين.
نتائج متناقضة
في الوقت نفسه، اكتشف باحثون، في دراسة نشرتها الدورية الأوروبية للطب الباطني وأمراض الجهاز الهضمي السريرية، أن التخلص من الغلوتين ربما يكون له تأثير مفيد على مؤشر كتلة الجسم، على حد سواء لكل من يعاني من نقص الوزن وكذلك الذين يعانون من السمنة المفرطة. وتوصلت دراسة، أجريت على الحيوانات عام 2013، إلى أن النظام الغذائي الخالي من الغلوتين يمكن أن يزيد من قدرات حرق الدهون وكذلك يقلل من مقاومة الأنسولين والالتهابات داخل الأنسجة الدهنية. ولكن مازال هناك حاجة لدراسات على البشر لتأكيد هذه النتائج.
سر الاختلافات الصارخة
يرجح العلماء أن يكون السبب وراء هذه الاختلافات الصارخة إلى أنه عند التشخيص، كان معظم مرضى الاضطرابات الهضمية يعانون من زيادة الوزن ولم يكن لديهم فهم جيد للتغذية الصحية. يضيف الغلوتين الملمس والهيكل والرائحة والفم إلى المنتجات المخبوزة. ولتقليد التأثيرات الوظيفية والحسية للغلوتين، يمكن إثراء العديد من المنتجات الخالية من الغلوتين بمكونات أقل فائدة من الناحية الصحية.
تقول دكتورة ميدلين: “يضطر مصنعو المواد الغذائية إضافة المزيد من الدهون والسكر والإضافات لجعل طعم الطعام لطيفًا وكي يبدو كما لو كان يحتوي على الغلوتين”، موضحة أن خلو الطعام “من الغلوتين لا يرتبط بأي شكل من الأشكال بكونه أكثر فائدة صحيًا.”
مخاوف الأطباء
يشعر المهنيون الطبيون بالقلق أيضًا من أن الوجبات الغذائية الخالية من الغلوتين يمكن أن تؤدي إلى نقص محتمل في العناصر المغذية. تقول دكتورة واسرمان: “إن قلقي الرئيسي هو كيف يستعيد المرء مصادر الكربوهيدرات المعقدة الرئيسية التي يتم التخلص منها من وجباته”. وتضيف قائلة إن “بعض النظم الغذائية الخالية من الغلوتين يمكن أن تتسبب أيضًا في الحرمان من فيتامينات B والألياف وحمض الفوليك والكالسيوم والحديد الموجود في الكربوهيدرات”.
البروتين والمغنيسيوم
وفقًا لمراجعة علمية، نُشرت في دورية Nutrients، فإن الاستغناء عن الغلوتين يمكن أن يؤدي إلى انخفاض كبير في تناول البروتين والمغنيسيوم والبوتاسيوم وفيتامين E والفولات والصوديوم. لذلك تنصح دكتورة ميدلين قائلة: “إذا كان الشخص لا يعاني من مرض الاضطرابات الهضمية أو حساسية الغلوتين، فيجب عليه “عدم الامتناع بشكل نهائي عن الغلوتين”.