أميركا وغطرسة «الحليف»!

في كتابه الجديد: «الحليف: رحلتي عبر الانقسام الأميركي – الإسرائيلي»، يروي السفير الإسرائيلي السابق لدى الولايات المتحدة مايكل أورين كيف أنه تلقى اتصالاً مقلقاً في وقت متأخر ذات ليلة من نتنياهو، يحذره فيه من حقيقة أن الفلسطينيين كانوا يتأهبون لتقديم طلب إلى الأمم المتحدة من أجل الاعتراف بفلسطين كدولة. وكانت رسالة نتنياهو لسفيره هي البدء مباشرة بالاتصال بأعضاء الكونغرس لحضهم على إصدار بيانات تدين بقوة التحرك الفلسطيني، مقترنة بتهديدات حول وقف المساعدات الأميركية إلى السلطة الفلسطينية.

الكتاب يبدي اهتماماً خاصاً بقضيتين محددتين: الرئيس أوباما واليهود الأميركيون الليبراليون. وبرغم أن أورين ديبلوماسي سابق، وهو الآن عضو في الكنسيت الإسرائيلي (وشريك في الائتلاف الحاكم)، إلا أن هجومه المركز على رئيس الولايات المتحدة يبدو قاسياً ومهيناً بطريقة صادمة. فهو يتهم أوباما بخيانة إسرائيل من خلال انتهاك ما يزعم أنهما مبدآن لطالما حكما العلاقات الأميركية الإسرائيلية، أوّلهما «ألا يفاجئ أي من الطرفين الآخر»، وثانيهما «ألا يحدث اختلاف علني بين المواقف العامة التي يتخذها قادة البلدين».

وبحسب أورين، فقد انتهك أوباما هذين المبدأين عندما لم يقدم لنتنياهو نسخة مسبقة عن كلمته في القاهرة إلى العالم الإسلامي، وعندما أعلن أوباما في العام 2011 أن حدود العام 1967 (مع تبادل الأراضي المتفق عليه) ينبغي أن تكون أساساً للسلام الفلسطيني – الإسرائيلي الدائم. ومن الواضح، بالنسبة لأورين، أن هذين المبدأين لا ينطبقان على الجانب الإسرائيلي. فهو لم يجد خطأ في خطابات رئيس وزرائه المفرطة في انتقاد أوباما أمام الكونغرس، أو في إعلاناته المحبطة عن بناء مستوطنات جديدة، ومغازلته الحزب الجمهوري في الانتخابات الأميركية الأخيرة.

ومما يزعج هو الملاحظات الشخصية التي يظهرها أورين عن الرئيس أوباما في كتابه. فهو يتهمه بتبني أفكار مناهضة للولايات المتحدة، وبعدم تقدير «الاستثنائية الأميركية» حق قدرها، وهو اتهام غريب من شخص مثل أورين، الذي تنازل عن جنسيته الأميركية كي يصبح ديبلوماسياً وسياسياً إسرائيلياً.

من ناحية ثانية، يولي الكاتب اهتماماً كبيراً باليهود الأميركيين الليبراليين في وسائل الإعلام وفي الحكومة، ممن ينتقدون إسرائيل، ويتهمهم بأنهم يفتقرون إلى الثقة بالنفس، أو بأنهم يسعون إلى الشهرة.

كما يرفض سياسات الرئيس الأميركي – التي تتسق مع سابقيه خلال العقود الأربعة الماضية ـ فضلاً عن انتقادات اليهود الأميركيين الليبراليين لجهود حزب «الليكود» الرامية إلى إحباط حل الدولتين.

خلال الأسابيع القليلة الماضية، أصبح واضحاً بما لا يدع مجالاً للشك دور الكونغرس، ليس فقط كحامي حمى المصالح الإسرائيلية، وإنما كمُمكّن لسلوك إسرائيلي مشابه لما عبر عنه أورين. فقد مرر قانوناً تجارياً يتضمن مادة تجمع للمرة الأولى منذ حرب 1967 بين إسرائيل والأراضي التي تسيطر عليها، واصطف أعضاء الكونغرس يشجبون الاتفاق المحتمل بين مجموعة «5 + 1» وإيران، بينما أصدر آخرون بياناً يشجبون فيه إما تقرير الأمم المتحدة بشأن غزة العام 2014، أو الرد الفلسطيني على تساؤلات المحكمة الجنائية الدولية، مهددين مرة أخرى بقطع المساعدات الأميركية كافة عن السلطة الفلسطينية.

صحيفة السفير اللبنانية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى