تقارير عسكريّة تُؤكّد أن الطائرات الأمريكيّة المقاتلة المُباعَة للعرب “خُردَة”..
تتهافت الحُكومات العربيّة لشِراء طائرات مُقاتلة أو قاذفة أمريكيّة من طِراز “إف 16” أو “إف 15” باعتِبارها الأحدث والأقوى في العالم، ولكن غالبًا ما تكون هذه الطائرات منزوعةً من الأجهزة الإلكترونيّة والصواريخ الحديثة، ومرفوقةً بشُروطٍ تُقيّد استِخدامها.
مجلّة “ميليتري ووتش” المُتخصّصة في السّلاح والعتاد العسكري، ويُحرّرها خُبراء مُختصّون على درجةٍ عالية من الخبرة والمعرفة أكّدت هذه الحقيقة في دراسةٍ نشرتها مُنذ أيّام قالت فيها إن الولايات المتحدة قامت بإجراء تعديلات على هذه الطائرة المُقاتلة بهدف جعلها أقل قُدرةً وتَطَوُّرًا من أجل بيعها إلى دول العالم الثالث، والعربيّة منها خُصوصًا.
واعترفت المجلّة في الدّراسة نفسها بوجود فُروقات كبيرة بين تلك المُصنّفة للجيش الأمريكي أو لنُظرائه في الغرب، والأُخرى المُصنّعة من أجل البيع لدُول العالم الثالث، من حيث نزع جميع التقنيات الإلكترونيّة المُتطوّرة جدًّا، والصواريخ المُجهّزة بها، وفرض شُروط صارمة على أماكن تشغيلها واستِخدامها.
الجيش العِراقي، وبعد إلحاحٍ غير مسبوق، على إثر تفاقم خطر هجمات الدولة الإسلاميّة “داعش” استَطاع شِراء 34 طائرة “إف 16” بين عاميّ 2014 و2017، ولكن واشنطن منعت تجهيزها بأحدث الصواريخ أُسوَةً بنظيراتها الموجودة في حينها في الجيشين الأمريكي والإسرائيلي، علاوةً على نزْع أجهزة الرّصد والتّوجيه الإلكتروني والمَعدّات الأُخرى المُماثلة، بحيث لا تمنع هذه الطائرة الاختِراقات الإسرائيليّة المُتكرّرة للأجواء العِراقيّة، رُغم أن الجيش العِراقي جرى تدريبه وتأسيسه من قِبَل الولايات المتحدة باعتبار العِراق دولةً حليفة.
نَكتُب هذا الكلام بعد الكشف عن أنباء عزم الولايات المتّحدة بيع هذا النّوع من الطائرات إلى الأردن (12 طائرة)، علاوةً على مَعدّاتٍ أُخرى بقيمة 4.2 مِليار دولار، وصفقات مُماثلة للسعوديّة والإمارات بقيمةٍ أكبر، وقُرب قيام وفد عسكري تركي بزيارة واشنطن لشِراء هذا النّوع من الطائرات (إف 16) كبَديلٍ لطائرة الشّبح (إف 35) الذي رفضت أمريكا بيعها لتركيا بسبب شِرائها منظومات الصواريخ الروسيّة “إس 400″، والجيش التركي يملك حاليًّا 250 مُقاتلة “إف 16″، ولكنّه يُريد شِراء النّسخة الأحدث والأكثر تَطَوُّرًا إذا استطاع إليها سبيلا، وهو أمْرٌ موضع شُكوك رُغم عُضويّة أنقرة في حِلف الناتو.
أُسطورة تفوّق الطائرات الأمريكيّة بدأت تتآكل بشَكلٍ مُتسارع، لعدّة أسباب أبرزها تطوير الصواريخ القادرة على إسقاطها في روسيا والصين ولعلّ نجاح الدّفاعات الجويّة السوريّة في إسقاط إحداها من نوع “إف 16” عام 2018 أثناء غارةٍ لها في العُمُق السوري، ولم تجرؤ من ذلك الحين على اختِراق الأجواء السوريّة، وتطوير مُسيّرات رخيصة الثّمن، سواءً مُسلّحة أو استطلاعيّة للقِيام بالكثير من المَهمّات المُماثلة.
الولايات المتحدة فرضت حظْرًا على العديد من الدول يحول دُون شِرائها طائرات مُقاتلة من أمريكا أو أوروبا أو حتى روسيا، وإيران وفنزويلا وكوريا الشماليّة أحد الأمثلة، ولكن هذه الدّول، وخاصَّةً ايران، استطاعت تعويض هذا النّقص بالتّركيز على صناعة الصواريخ من كُلّ الأبعاد والأحجام وتطوير قُدراتها النوويّة بحيث أصبحت “دولة حافّة” أيّ تملك الإمكانات والخُبرات واليورانيوم المُخَصَّب بنسبٍ عالية ما يُمكّنها من إنتاج رؤوسٍ نوويّة في أسابيع قليلة في حالِ صُدور قرار المُرشد الأعلى بذلك.
التعبير الرّائج في الكثير من الأوساط العربيّة ويقول بأن أمريكا تبيع العرب أسلحة “خُردة” مُقابل عشَرات، بل مِئات المِليارات، وبدأت تتأكّد صحّته يومًا بعد يوم، ولعلّ فشل صواريخ “باتريوت” في التصدّي للصواريخ الحوثيّة في حرب اليمن، وفشل القبب الحديديّة النّسخة الإسرائيليّة في التصدّي إلى صواريخ أقل تَطَوُّرًا في حُروب غزّة الأخيرة الدّليل الأبرز في هذا الصَّدد.
الطائرات الروسيّة، القاذِفة والمُقاتلة، من طِراز “سوخوي”، وخاصَّةً “إس 35” أثبتت في معارك أوكرانيا أنها أكثر تَقَدُّمًا من نظيراتها الأمريكيّة، حسب رأي الكثير من الخُبراء، وهُناك تقارير تُؤكّد أن النّسخ الصينيّة الجديدة التي دخلت الخدمة في الجيش الصيني ربّما تكون مُفاجأة الأعوام القليلة المُقبلة.. واللُه أعلم.
صحيفة رأي اليوم الألكترونية