الحق في النسيان…أسحب ادّعائي …..

أضمّ صوتي إلى صوت الذين يريدون مقاضاة أحد محركات البحث العملاقة من تلك التي تحشر أنفها الالكتروني في كل شاردة وواردة ممّا كتبته وعرضته، نشرته أو نشرت عرضه غاضباً أو محتفلاً أو هامساً أمام لوحة المفاتيح أو الميكروفون أو عدسة الكاميرا ..

االلعنة … من هذا المخبر الواشي الذي لا يغفر لنا هنّة ولا زلّة، يعرض خدماته التجسسيّة بالمجّان ويقدّم تقاريره بالتفصيل لكل من هبّ ودبّ، دون مراعاة لحقنا في النسيان وواجبنا في التناسي ….؟؟!

” يداك أوكتاه وفوك نفخ ” …هكذا يمكن أن يردّ محامي الدفاع الافتراضي لدى هذا الخصم الذي لم يعد افتراضيّاً … ألست أنت الذي جعلته يستوطن بيتك، بل يسكن جيبك ويتربع فوق مكتبك عن طيب خاطر ؟..ثمّ من ضربك على يدك حتى تقوم بفعل استثنائي يثير الدهشة أو الريبة أو الاستهجان أو الإعجاب، حتى ندوّنه في كتابنا تدوينا …وبحبر عصيّ عن المحو والتلف ؟

ما الحيلة في أن يمشي الواحد من ” الحيط للحيط ويطلب السترة ” دون أن تستباح أفعاله وأقواله فتمسي مضغة على ألسنة الفضوليين والمتطفلين والإعلاميين وحتى المقرّبين وغيرهم من المهتمّين بسيرته الذاتية عن سوء أو حسن نيّة مبيّتة ؟

عد إلى رشدك يا سيد “غوغل” ولا تقتفي أثري مثل مخبر رديء، من أدراك أنني قد تراجعت عن بعض أقوالي وأفعالي وقناعتي، فسبحان الذي لا يتغير ولا تأخذه سنة ولا نوم ..اتّق الله في أخطائنا وهفواتنا والساعات التي تأخذنا فيها العزة بالإثم ..إنّ فوقنا خالق غفور رحيم .

يردّ محامي الدفاع ” تمهّل، نحن لا نطلق حكم قيمة، لم نأت بجديد ولم نسقط عليكم لعنة من السماء، إنما جئنا لنعوّض الصناديق التي تهددها الرطوبة وتقرضها الجرذان، نسهّل من عمل البحث والأرشفة وقد نقطع الطريق أمام المزورين والمدلّسين ….متى كان للإنسان وجود خارج التاريخ ومتى كان التاريخ بلا ذاكرة أيها الحيوان المتذكّر ؟”.

لكنّ مدوناتكم انتقائية بالضرورة يا سيدي الباحث اللاهث خلفي، ثمّ إنها لا تعترف إلاّ بما يحدث داخل بقع الضوء ..ومن الحماقة أن تنير المنار و تبحث في المكان المضاء سلفاً !

ــ ” التاريخ هو ما تحاول إثباته أو نفيه أنت عن نفسك، أمّا الصامتون فبإمكانك البحث عنهم حين تسكت محركاتنا عن البحث المباح ..فإذا وجدتهم وقلتهم للضوء ..فلن يعودوا ملكك أنت وحدك …كيف أشرح لك أيها المتسرّع أنّ ما خرج منك بلغة مفهومة ومقروءة ومسموعة لا سلطان لديك عليه …إنه في قبضتنا، لقد حصّل ما في ” السطور ” …

ـ لكنّ من حقي أن أنعم بالنسيان يا سيد غوغل، بل من واجبي أن أفتح ذراعيّ للذي رفضته يوما في غضب، أصافح وأصفح عمّن جرحني منتقماً، أعاتب من كرهني دون سبب وأطوي مع الجميع كل الصفحات المشوهة بالأحقاد والآراء المتسرّعة والأعمال التي ينقصها النضوج .

قال محامي الدفاع بلغة حاسمة لا ينفع فيها زر ” الإلغاء “على لوحة المفاتيح:

“من حقك أن تسامح، لكن ليس من حقك ولا من واجبك أن تنسى أو ترغم الآخرين على النسيان … هل تريد أن أفتح لك صفحات مخصصة لتصريحات ألدّ الأعداء في تاريخ البشرية وكيف صاروا اليوم سمنا على عسل ..كذلك في حوزتي صفحات لمن كانوا في الأمس عشّاقاً متيّمين وصاروا اليوم على مسافات متباعدة، بل وفي براثن ما صنع الحدّاد شعوباً وأفراداً “.

أنظر الآن إلى قائمة الأصدقاء الافتراضيين منهم والحقيقيين على صفحتي في موقع التواصل الاجتماعي، كيف لم يخطر لي مراجعة الأجناس والأعراق والعقائد والآراء والميولات ..حتى أنّ بعضهم يختلفون و يتلاسنون في التعليق على رأي كتبته فأقف بينهم أحياناً مزهوّاً وضعيفاً ومخدوعاً ورماديّاً مثل مبعوث دولي في بؤرة توتّر …

بعضهم صار في ذمّة الله ولم أتجرأ على شطب اسمه ومحو صورته وقتله مرة أخرى .

هل صرت أشبه بحارس مقبرة المدينة، يسقي الزهور بالتساوي بين القبور ويطلب الرحمة للجميع …..؟!! ..ألا فقل إنّ من الموحش أن تكون بلا أصدقاء ..لكنّ من العار أن تكون بلا أعداء .

أيها الأحرار، وقّعوا وابصموا بثقة عمياء على كل كلمة كتبتموها في السرّ والعلن بحضور مدوّن محضر الجلسة السيد “غوغل ” أو في غيابه، لا تكونوا كالمرتاب الذي يكاد يقول “خذوني “..شاهد أنت عليهم …. وعليك الكلمات .

كلمة في زحام “غوغل “

أسحب ادّعائي على كل محركات البحث ولا أطالب بأي تعويض جزائي غير المزيد من التذكّر …بل سأدّعي عليها في حالة النسيان أو التناسي .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى