قرار مفاجئ للمركزي التركي يدفع الليرة إلى هوة سحيقة
فاجأ البنك المركزي التركي اليوم الخميس الأسواق بخفض جديد في سعر الفائدة بمئة نقطة، ما دفع العملة الوطنية الليرة إلى قاع سحيقة في أحدث موجة انهيار تأتي بينما تئن تركيا تحت وطأة أزمة اقتصادية لم تفارق معها حالة الاضطراب المالي نشأت في السنوات الأخيرة على وقع تدخلات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في السياسة النقدية للبلاد.
ويخوض أردوغان معركة خفض سعر الفائدة معتبرا أنها سبب كل الشرور بما في ذلك ارتفاع التضخم إلى مستويات قياسية تقول البيانات الرسمية إنه عند عتبة الـ80 بالمئة وتتوقع تراجعها، بينما تقول مجموعة خبراء مستقلين إن نسبة التضخم تبلغ حاليا أزيد من 175 بالمئة.
وفيما تتحرك البنوك المركزية حول العالم لتشديد السياسة النقدية، استمر المركزي التركي في تنفيذ مقاربة أردوغان للنمو الاقتصادي والتي تناقض القواعد الاقتصادية العالمية وتعتمد على خفض تكاليف الاقتراض لزيادة الصادرات والاستثمار.
وهوت الليرة لمستوى قياسي بلغ 18.42 مقابل الدولار، وهو دون المستوى الذي سجلته خلال أزمة العملة الشاملة في ديسمبر/كانون الأول قبل أن ترتفع إلى 18.38 بحلول الساعة 11:25 بتوقيت غرينتش.
ويقول محللون إن التيسير النقدي غير مُستدام ويأتي استجابة لجهود الرئيس رجب طيب أردوغان لخفض تكاليف الاقتراض لزيادة الصادرات والاستثمار، ويتوقعون المزيد من الانخفاض في قيمة العملة في المستقبل.
وأدت التخفيضات غير التقليدية في أسعار الفائدة خلال العام الماضي، إلى جانب ارتفاع أسعار السلع الأساسية، إلى ارتفاع التضخم إلى أعلى مستوى له في 24 عاما، وأثار أزمة غلاء بالنسبة للأتراك.
وبرر البنك المركزي هذه الخطوة بالمؤشرات المستمرة على التباطؤ الاقتصادي، وقال من جديد إنه يتوقع بدء تراجع معدل التضخم.
وقالت لجنة السياسات بالبنك إن “المؤشرات الرئيسية للربع الثالث تواصل الإشارة إلى فقدان الزخم في النشاط الاقتصادي بسبب تراجع الطلب الخارجي”.
وكان 11 من بين 14 خبيرا اقتصاديا استطلعت رويترز آراءهم يتوقعون الإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير. وتوقع أحدهم خفضا بمقدار 50 نقطة أساس إلى 12.50 بالمئة، بينما توقع اثنان خفضا بمقدار 100 نقطة أساس إلى 12 بالمئة.
ومن شأن انهيار الليرة مجددا أن يفاقم متاعب الأتراك الذين يشتكون من موجة غلاء غير مسبوقة وتدهور قدرتهم الشرائية، بينما يدعوهم الرئيس التركي إلى التقشف والصبر، مؤكدا أن الوضع سيتغير للأحسن، لكن منتقدين لسياساته يقولون إنه يبيع الأوهام للشعب لاسباب انتخابية.
ويخوض أردوغان انتخابات مقررة في صيف العام القادم برصيد من النكسات المالية والاقتصادية ويواجه في الوقت ذاته تحالفات بين أحزاب المعارضة ومن ضمنهم قادة سابقون في حزبه حزب العدالة والتنمية الذين انشقوا احتجاجا على نزعته الاستبدادية داخل الحزب والدولة.
كما انتقدوا مرارا تدخله في السياسة النقدية ودفعه الليرة إلى القاع، فيما اتهمته المعارضة بتدمير الليرة بتدخلاته التي دفعت الاقتصاد للركود وأثرت على القدرة الشرائية للأتراك.