تحالف أوبك+ يقر أكبر خفض للإنتاج متجاهلا الضغوط الغربية
تجاهل تحالف أوبك+ الذي يضم 13 دولة عضوة في منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) بقيادة السعودية و10 أعضاء من خارجها بقيادة روسيا، الضغوط الأميركية الداعية لرفع الإنتاج، ليقر الكارتل النفطي اليوم الأربعاء أكبر خفض في حصص الإنتاج بنحو مليوني برميل يوميا في خطوة من شأنها أن تعزز موقف موسكو وتغضب واشنطن.
وانتقد البيت الابيض قرار التحالف النفطي واتهمه بالانحياز لروسيا، مضيفا أنه قرار “خاطئ ومضلل”. كما أكد أن الرئيس الأميركي جو بايدن يشعر بخيبة أمل.
وتابع أن بايدن سيدعو إدارته والكونغرس لبحث سبل تعزيز إنتاج الولايات المتحدة من الطاقة وتقليل سيطرة أوبك على الأسعار بعد قرار خفض الإنتاج “قصير النظر” الذي اتخذته المنظمة.
وقال مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان ومدير المجلس الاقتصادي الوطني برايان ديس في بيان إن بايدن سيواصل أيضا إصدار توجيهات للإفراج عن كميات من الاحتياطي الاستراتيجي للبلاد من النفط كلما اقتضت الضرورة.
وفي طريقه للاجتماع ردّ وزير الطاقة السعودي الأمير عبدالعزيز بن سلمان على أحد الصحافيين سأله عما إذا كانت أوبك ستدخل في صدام مع الولايات المتحدة، بالقول للصحافيين “اليوم مشمس استمتعوا بالشمس”، في رسالة سلطت الضوء حتى قبل بدء الاجتماع على عزم الكارتل النفطي المضي في سياسة دعم الأسعار.
قرار أوبك+ بخفض الإنتاج بنحو مليوني برميل يوميا يأتي بينما يسعى الرئيس الأميركي إلى منع ارتفاع أسعار البنزين في الولايات المتحدة
وقال مندوب إيران في أوبك أمير حسين زماني نيا إن المنظمة التي تضم 13 دولة وحلفاءها العشرة بقيادة روسيا اتفقوا خلال اجتماعهم في فيينا على خفض في الإنتاج بمقدار مليوني برميل يوميا اعتبارا من نوفمبر/تشرين القادم. وهذا أكبر خفض منذ ذروة تفشي جائحة كوفيد عام 2020.
ويمكن أن تؤدي هذه الخطوة إلى زيادة أسعار النفط الخام، ما سيفاقم التضخم الذي وصل إلى مستويات قياسية منذ عقود في العديد من البلدان ويساهم في تباطؤ الاقتصاد العالمي.
كما يمكن أن يعطي دفعة لموسكو قبل حظر الاتحاد الأوروبي لمعظم صادراته من النفط الروسي في وقت لاحق من هذا العام ومحاولة مجموعة الدول السبع للحد من أسعار النفط.
وناشد الرئيس الأميركي جو بايدن شخصيا القادة السعوديين في يوليو/تموز زيادة الإنتاج من أجل كبح الأسعار التي ارتفعت مع بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في 24 فبراير/شباط، لكن أسعار النفط تراجعت في الأشهر الأخيرة بفعل القلق من تضاؤل الطلب والمخاوف من ركود عالمي محتمل.
وقال كريغ إيرلام المحلل في منصة “أواندا” قبل الاجتماع “مع تنفس المستهلكين الصعداء بعد إجبارهم على دفع أسعار قياسية في محطات البنزين، لن تلقى تخفيضات اليوم ترحيبا”.
وعند سُؤاله كيف سيكون رد فعل الولايات المتحدة على التخفيض، شدد وزير الطاقة الإماراتي سهيل المزروعي على أن أوبك مجرد “منظمة فنية”.
أما ألكسندر نوفاك نائب رئيس الوزراء الروسي المسؤول عن الطاقة الذي يخضع لعقوبات أميركية، فالتزم الصمت عند وصوله لحضور أول اجتماع حضوري للمجموعة في مقرها في فيينا منذ مارس/اذار 2020.
وقام التحالف المعروف باسم “أوبك+” بخفض كبير في الإنتاج بنحو 10 ملايين برميل يوميا في أبريل/نيسان 2020، ما أنهى الانخفاض الهائل في أسعار النفط الناجم عن عمليات الإغلاق خلال تفشي كوفيد.
وباشر التحالف زيادة الإنتاج العام الماضي بعد تحسن السوق وعاد الإنتاج إلى مستويات ما قبل الجائحة هذا العام ولكن على الورق فقط إذ يواجه بعض الأعضاء صعوبات للوفاء بحصصهم.
واتفقت المجموعة الشهر الماضي على خفض رمزي صغير قدره 100 ألف برميل يوميا من أكتوبر/تشرين الأول، كان الأول منذ أكثر من عام.
دعت الدول المستهلكة لأشهر أوبك+ لزيادة الإنتاج على نطاق أوسع بهدف خفض الأسعار، لكن التحالف واصل تجاهل تلك النداءات.
بايدن سيواصل إصدار توجيهات للإفراج عن كميات من الاحتياطي النفطي الاستراتيجي للولايات المتحدة كلما اقتضت الضرورة
وقالت إيبيك أوزكاردسكايا المحللة في بنك سويسكوت، إنه “من المعلوم أن روسيا مستعدة لخفض الإنتاج ويمكن أن يُنظر إلى هذه الخطوة على أنها تصعيد آخر للتوترات الجيوسياسية” بين موسكو والغرب.
وأجرى الرئيس الأميركي زيارة مثيرة للجدل إلى المملكة العربية السعودية في يوليو/تموز، هدفت جزئيا لإقناع المملكة بزيادة الإنتاج. وشهدت الزيارة لقاء بايدن مع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان رغم تعهده خلال حملته للانتخابات الرئاسية بجعل الرياض “منبوذة” بعد مقتل الصحافي السعودي المعارض جمال خاشقجي عام 2018.
ويأتي قرار أوبك+ قبل انتخابات التجديد النصفي لأعضاء الكونغرس في الولايات المتحدة الشهر المقبل، ولن تخدم زيادة الأسعار للأميركيين في محطات الوقود حظوظ الحزب الديمقراطي الحاكم.
وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارين جان بيار الثلاثاء “سنواصل اتخاذ خطوات لحماية المستهلكين الأميركيين”، رافضة التعليق على نقاشات أوبك مباشرة.
وارتفعت الأسعار لتقارب 140 دولارا للبرميل في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا في أواخر فبراير/شباط، لكنها انخفضت إلى ما دون 90 دولارا في الآونة الأخيرة.
وبعد الارتفاع في وقت سابق من هذا الأسبوع وسط تكهنات بشأن خفض أوبك+ للإنتاج، تأرجح مؤشر خام برنت بحر الشمال الأربعاء عند نحو 92 دولارا للبرميل.
قرار أوبك+ يأتي قبل شهر من انتخابات التجديد النصفي لأعضاء الكونغرس ولن تخدم زيادة الأسعار للأميركيين في محطات الوقود حظوظ الحزب الديمقراطي الحاكم
وصعدت أسعار النفط إلى أعلى مستوياتها منذ ثلاثة أسابيع اليوم الأربعاء بعد اتفاق مجموعة أوبك+ على أكبر تخفيضات في الإنتاج منذ تفشي جائحة كوفيد-19 عام 2020، وذلك على الرغم من شح المعروض ومعارضة الولايات المتحدة ودول أخرى لتقييد الإمدادات.
وارتفعت الأسعار أيضا على خلفية بيانات حكومية أميركية تظهر تراجع مخزونات الخام والوقود الأسبوع الماضي.
وصعد خام القياس العالمي مزيج برنت 2.01 دولار أو ما يعادل 2.2 بالمئة إلى 93.81 دولار للبرميل في الساعة 15:40 بتوقيت غرينتش. وبلغ خام برنت أعلى مستوى له في الجلسة عند 93.96 دولار للبرميل وهو أعلى مستوى منذ 15 سبتمبر/أيلول.
وارتفع خام غرب تكساس الوسيط الأميركي 1.78 دولار، أو 2.1 بالمئة، إلى 88.30 دولار للبرميل. وبلغ 88.42 دولار للبرميل خلال الجلسة وهو أعلى مستوى له منذ منتصف سبتمبر/أيلول. وكانا قد سجلا زيادة كبيرة في اليومين الماضيين.
وقد يؤدي خفض أوبك+ الإنتاج بواقع مليوني برميل يوميا إلى تعافي أسعار النفط التي هبطت إلى حوالي 90 دولارا مقارنة مع 120 دولارا قبل ثلاثة أشهر بسبب مخاوف من حدوث ركود اقتصادي عالمي وارتفاع أسعار الفائدة في الولايات المتحدة وازدياد قوة الدولار.
وقالت فيونا سينكوتا كبيرة محللي الأسواق في سيتي إنديكس، إن أسعار النفط ترتفع حتى الآن هذا الأسبوع تحسبا للتخفيضات.
وجاء إنتاج أوبك+ في أغسطس/آب دون المستهدف بمقدار 3.58 ملايين برميل يوميا حيث عملت العديد من الدول بالفعل على ضخ كميات أقل بكثير من حصصها الحالية.
وقال مصدر مطلع إن الولايات المتحدة تحث منتجي أوبك+ على تجنب إجراء تخفيضات كبيرة في الوقت الذي يسعى فيه الرئيس جو بايدن إلى منع ارتفاع أسعار البنزين في الولايات المتحدة.
وقالت إدارة معلومات الطاقة إن مخزونات الخام والبنزين ونواتج التقطير في الولايات المتحدة تراجعت الأسبوع الماضي. وسجلت مخزونات الخام انخفاضا مفاجئا بواقع 1.4 مليون برميل إلى 429.2 مليون برميل.
وهبطت مخزونات البنزين الأميركية أكثر من المتوقع، بمقدار 4.7 مليون برميل، في حين سجلت مخزونات نواتج التقطير، التي تشمل الديزل وزيت التدفئة، أيضا تراجعا أكبر مما كان متوقعا بلغ 3.4 ملايين برميل.