ألف باء المواطن
ألف باء المواطن المواطن .. كلمة سمعناها منذ نعومة أظفارنا .. قرأناها في كتبنا المدرسية ، وفي الجرائد اليومية وفي القصاصات الحكومية .
ابتسمنا عندما نادانا بها أحدهم .. وطربنا عندما سمعناها كلمة في أغنية … كتبنا عنها وعن ضرورتها وأهميتها .. لنعيش الحرية والديمقراطية .. وعلمناها لأولادنا كضرورة الحياة اليومية ..
ولكن الى اليوم أسأل نفسي … هل عشناها ؟؟ !!!
فعن أي مواطن كنا نتكلم ونتغنى ونستفيض ..؟
مضحك فعلاً عندما نعود الى أنفسنا .. ونقف وقفة حقيقية مع ذواتنا .. ونقيم أداءنا وتطبيق مانتغنى بضرورته، وأهميته على حالنا أولا” فالمواطن هو ليس شعار حملة انتخابية جميلة لكسب أصوات .. وليس عنواناً لأجندة سياسية في حزب ما
إنه كتلة من الحقوق والواجبات والممارسات ، لا تقف عند حد تأليف أغنية عن تعتير المواطن وضياع حقوقه ، والمطالبة باسترداد هذه الحقوق فقط ..
أعرف أن من حقي أن أنتخب وأن أمارس حريتي .. وأشارك في صنع القرار والسياسة في بلدي .. أن أكون متساوٍ مع غيري دستورياً وأمام القانون وأخذ فرصي في التغيير والتطوير ..
ولكن من واجبي أيضاً أن أحترم حقوق الآخر وحريته وقرار الأكثرية ، واعطاء فرصة لهم لإبداء صحة قرارهم أم لا .. من حقي أن أنتقد الخطأ، ولكن ليس من حقي تفشيل العمل وإهانة من يعمل .. من حقي أن أشارك .. ولكن ليس من حقي أن أحتكر المشاركة وأمنع الآخرين منها .. من حقي أن أقول رأيي بحرية .. ولكن ليس من حقي شتم وتجريح وتشويه سمعة الآخر ..من حقي أن أطالب بحقوقي .. ولكن ليس من حقي أن أنكر على الأخر حقوقه..
مبادئ بسيطة جداً .. علمناها لأولادنا .. رفعناها لافتات في مظاهراتنا .. نسيناها في زحمة القضايا الوطنية الكبيرة .. ونسينا أن هذه المبادئ البسيطة طريقنا لانجاح القضايا الوطنية الكبيرة ..
ضعنا في زحمة الحقوق ونسينا الواجبات .. وبات هاجسنا لماذا كل هذا الضياع وهذا الفشل … ؟؟!!
التهينا برمي التهم والتخوينات .. والبحث عن شماعات لتعليق العجز والفشل .. نعتبر الاعتراف بالخطأ ضعف .. ونكابر من أجل الاحتفاظ بماء الوجه ولو على حساب القضية .. لنبرر دوماً لأنفسنا خوفنا وضعفنا ، وعدم مصالحتنا مع أنفسنا ومع منحولنا ..
تمسكنا بالشعارات الكبيرة .. وحلمنا أن نكون أصحاب قضية .. فنسينا القيم والمبادئ الأساسية الانسانية والوطنية .. وتمسكنا بأذناب القضية.
صار همنا وطن .. بعد أن كنا نسعى لأجل وطن أفضل، نعيش فيه مواطنين ومواطنات .. حقيقة وليس مجرد شعارات .. وجدنا أنفسنا في لحظة غرباء عن من حولنا تفاجأنا برد فعلهم ورد فعلنا .. بتنا نتلمس حقيقة مرة أننا غرباء في وطننا ، لا
نعرف جيداً ناسنا وأهلنا .. ولا يربطنا بهم شيء مما يسمى مواطنة …
كذبوا علينا حكامنا عندما قالوا لنا أننا مواطنين .. وأننا في دول مثالية من المواطنة ومن الوطنيين .. كذبوا علينا عشرات السنين في المدرسة والجامعة والعمل .. لنكتشف أننا كنا مجرد مستوطنين .. نعيش ونأكل ونشرب ونحمد الحاكم على نعمة الحياة المستمدة من رب العالمين ..!! نصفق ونرفع لافتات ونضحك بالمؤتمرات وأمام الكاميرات .. ونخرج بمسيرات شكر وتمجيد وتسليم .. وعند أول مطب حقيقي لنختبر حريتنا وكرامتنا وحقوقنا وواجباتنا .. نكتشف أننا مجرد قطعان ، لم يسبق لنا أن نظرنا حولنا
لنتعرف إلى بعضنا البعض .. بل كنا ننظر باتجاه ولي النعمة .. لنقدم له فروض الطاعة والتكريم .. لندرك تماما أن أي حلم بالتغيير يبدأ منا نحن لنتعرف على أنفسنا أولاً ، ونعرف تماماً حقوقنا وواجباتنا لننطلق نحو الآخر لنتعرف عليه … ونتقبله باختلافه .. ونتحاور معه لنتعرف عليه أكثر .. عندها ننطلق معا نحو تغيير الوطن الى مكان يجمعنا معاً .. باختلافنا وتنوعنا .. باسم المواطن … والمواطنة .. والوطن.