افتتاحية الموقع

الإمارات والمسار الإقليمي الجديد مع روسيا وتركيا وسوريا

استغرب بعض المراقبين توقيت زيارة وزير الخارجية الإماراتية إلى دمشق الأسبوع الماضي. ولكن المتابع لأحوال المنطقة لابد أن ينتبه إلى حقيقة العلاقة الإماراتية السورية التي وصفها الاسد بأنها )تاريخية و ممتدة( إضافة إلى أن الإمارات تتواصل مع سوريا نيابة عن دول الخليج وخاصة المملكة العربية السعودية.  كما أن الخليج العربي ممثلاً بالإمارات ينخرط مع روسيا في تكييف العلاقة التركية مع سوريا لاستكمال مقومات هذا المسار لتحقيق (استقرار المنطقة ) بما يمكن تسميته  بـ (نظام إقليمي جديد) لما بعد الإرهاب او بمواجهته المستمرة.
إان وجود الإمارات العربية نيابة عن دول الخليج في تفعيل عملية التعاون التركي السوري لطي صفحة الحرب أولا، وفي التعاون في مكافحة الإرهاب ثانيا، وفي التبادل التجاري والاقتصادي ثالثا، وفي تبادل التمثيل الدبلوماسي رابعا، ولتحقيق هذا التعاون الذي يشكل مرحلة متقدمة من المسار الإقليمي (الروسي الإماراتي التركي السوري) وهو المسار الذي يشكل حجر أساس في بناء (النظام العالمي الجديد) والتفاعل معه وانخراط الإمارات في المسار الإقليمي يجعل للدور العربي قوة مؤثرة  تدفعه بطاقة تنعش العروبة التي تمثلها سوريا وتتمسك بها.
‏يشكل نضوج هذا المسار استقراراً لدول المنطقة بمعزل عن الهيمنة الأمريكية المباشرة. وليس بعيدا عن سياسة واشنطن، خاصة وان مستشار الأمن القومي الأمريكي اعترف للكاتب ديفيد اغناطيوس في بداية العام أن (هيكل العالم) الذي بني بعد الحرب العالمية الثانية لم يعد صالحاً ويجري بناء هيكل جديد وما سماه جيك سليفان بـ (هيكل العالم) ليس إلا النظام العالمي الجديد. وكشف سوليفان عن أن سياسة الادارة للتعاطي مع عملية بناء هيكل (نظام) للعالم ستعتمد على (التكييف والمرونة) لتحقيق المصالح الأمريكية .فهل يمكن أن تقود هذه السياسة إلى الاعتراف ولو بخجل بقوة الواقع وغض النظر عن تطور هذا المسار إلى مراحله المتقدمة قبل أن تنخرط فيه لتعديل بعض توجهاته حسب مصالحها؟؟؟  المهم إنخراط الدول الخليجية في المسار الإقليمي الروسي التركي السوري عبر الإمارات فيه تعبير عن صعود قوة إقليمية متميزة عن أمريكا، وغير متصادمة معها ومنخرطة في إنشاء نظام إقليمي يشحن قوة المنطقة في مواجهة الإرهاب، وفي معالجة مشاكل المنطقة الاقتصادية، وفي الإسهام في توازن الطاقة، وكل ذلك إسهام أساسي في بناء نظام عالمي جديد يقوم على (تعدد المصالح) بما يتجاوز (تعدد الأقطاب) وهذا ما يجعله سالكا باتجاه القبول الأمريكي بالواقع الجديد.

‏لابد أن وجود روسيا والإمارات بعلاقتهما الجيدة مع تركيا وبمصالح تركيا معهما سيجعل تركيا أكثر مصداقية و فاعلية في تحقيق هذا المسار مع سوريا .ويرى الخبراء أن المضي في هذا الطريق يستلزم من أنقرة خطوات عملية مثل ترحيل الإرهابيين من تنظيم القاعدة وأخواتها إلى أفغانستان كما رحلت الإخوان إلى دول أخرى عندما أرادت التطبيع مع مصر والسعودية .وترحيل تركيا للإرهابيين إلى أفغانستان تفتح الطريق لحل مشكلة إدلب حيث تقوم سوريا بتسوية أوضاع الفصائل المعارضة مع استعادة السيادة على الأرض والشعب والمؤسسات في كل أنحاء إدلب وشمال حلب. هذه الخطوة متاحة لأنقرة ولا دخل لأمريكا فيها ، ويمكن إنجازها وفق جدولة  سورية تركية واضحة . حل قضية  إدلب وشمال حلب يفتح طريق التعاون التجاري الاقتصادي و التبادل الدبلوماسي . ويمكن لأردوغان أن يعلن استعداده لهذه العملية في إدلب وشمال حلب حتى تتيسر قضية اجتماعه مع الرئيس الأسد بما يجعل الطريق مفتوحا للمضي في هذا المسار الإقليمي الدولي الجديد.

‏ولكن هل يمكن للإدارة الأمريكية أن تتنازل عن جزء من هيمنتها؟؟؟ وهل يعقل أن تترك مساراً تقوده روسيا ليستكمل نضوجه ؟؟؟ البعض يرى أنه براغماتية السياسة الأمريكية وانتهازيتها يمكن أن تجعل الادارة تنعطف باتجاهات تجنبها خسائر اكبر. كما أن وجود تركيا الأطلسيه في المسار ربما يدفع بايدن ليترك الأمر يتم . ولكن من جهة أخرى لابد من الانتباه أن سياسة (التكييف والمرونة )التي تحدث عنها سوليفان ربما تتضمن ما يعيق أي تعاون إقليمي، وربما احتوت أيضا على ما يجهض أي فعالية إقليمية تسعى للاستقرار والتعاون بدلاً من التنابذ والتحارب. المتفائلون يعتبرون ان بصيرة المقدمين على المسار الإقليمي الجديد وقوة تأثيرهم في المنطقة سيتجاوز المعيقات الأمريكية ولو بصعوبة..  والأيام القادمة ستكشف حقيقة الاتجاهات.

بوابة الشرق الأوسط الجديدة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى