مصر «تجاكر» صندوق النقد: مشروعاتنا في مواعيدها
بعد ساعات قليلة من تصريحات مديرة «صندوق النقد الدولي»، كريستالينا جورجيفا، عن حاجة مصر الملحّة إلى إبطاء عدد من المشروعات التي تنفّذها بوتيرة سريعة، على اعتبار أنه جرى وضع جداولها الزمنية في ظروف اقتصادية مختلفة، كان الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، يَعقد اجتماعاً رئاسيّاً مع عدد من المسؤولين التنفيذيين، أكد خلاله الالتزام بالجداول المتّفق عليها. وعلى رغم أن جورجيفا لم تطالب بوقْف المشروعات، ولكن بإبطاء تنفيذها، ذلك أن استمرار الحكومة في العمل وفق الجداول الموضوعة سيؤدّي إلى «تقويض استقرار الاقتصاد الكلّي»، إلّا أن السلطات لم تعلّق على تصريحاتها، فيما أشار القائم بأعمال محافظ «المركزي»، حسن عبد الله، إلى وجود آليات عديدة يمكن البنك أن يتدخل فيها لضبط السوق، بعد ثلاثة تخفيضات لقيمة الجنيه المصري في أقلّ من عام.
وجاءت تصريحات جورجيفا على هامش اجتماعات الربيع لـ«صندوق النقد الدولي» التي اختُتمت الأسبوع الماضي، ولم تشهد أيّ توافق بين مسؤولي المؤسسة الدولية والحكومة المصرية حول الشريحة الثانية من القرض الذي كان يُفترض أن يُصرف في آذار الماضي. غير أن المراجعة في شأنه لم تتمّ، وبالتالي جرى تجميده وسط ترقّب للقرارات التي ستتّخذها الحكومة المصرية في الأيام المقبلة. وفرضت هذه الأخيرة عطلة على المصارف والبورصة لنحو أسبوعين، مقلّصةً أيّام العمل، بسبب الإجازات ظاهريّاً، وللتخفيف من استنزاف الموارد المالية وفق أسعار جرى التأكد من تغييرها، في وقت تتزايد فيه وتيرة خروج بعض الاستثمارات من البلاد وتسريع وتيرة تحويل الأموال إلى شركات دولية، فيما تقلّصت عمليات الإفراج الجمركي عن السلع، وسط تأخُّر أوامر التصدير بما لا يجعل هناك تكدّس في الموانئ، ولكن في الأوراق اللازمة للاستيراد. وعلى هذه الخلفية، عانت صناعات عديدة، في الأسابيع الماضية، من تراجع الاستيراد وتأخير الأوراق في البنوك التي لم تعطِ موافقات على توفير العملة الصعبة.
وحتى الآن، يَنتظر «صندوق النقد الدولي» تحديد موعد جديد لزيارة بعثته إلى مصر للتأكد من وجود تطبيق جزئي لسعر صرف مرن للجنيه أمام الدولار، وتعزيز لدور القطاع الخاص وبيع عدد من الشركات التي يملكها الجيش بشكل فعلي للقطاع الخاص وليس في إطار شكلي، فيما ستكون زيارة البعثة سريّة من أجل مراجعة الخطوات التي ستقوم بها الحكومة، على أن تعقبها أخرى قبل المراجعة الثالثة المقرّرة في أيلول المقبل. وطالب «الصندوق»، الحكومة، خلال اجتماعات الربيع، بضرورة الإسراع في تطبيق القرارات التي جرى التوافق في شأنها، ولا سيما أن التأخُّر عن إتمام هذه الإجراءات سيؤدّي إلى مزيد من التخفيض الإجباري لقيمة الجنيه أمام العملات الأخرى، فضلاً عن ضرورة اتّخاذ إجراءات صارمة عبر رفع الفائدة بما يتناسب مع معدّلات التضخّم المسجَّلة، فيما بات مسؤولو «النقد الدولي» متشكّكين إزاء قدرة الحكومة على تطبيق ما يطالب به. وقالت مصادر، لـ«الأخبار»، إن الحكومة تتوقّع الإعلان عن تنفيذ عدد من الصفقات التي تضخّ تمويلاً بالدولار مباشرة من دول الخليج فور انتهاء إجازة العيد، بعد الموافقة على استحواذ مستثمرين رئيسيين على الشركات المعروضة للبيع في حصص، فيما ستتمّ تسوية جميع النقاط الخلافية قبل الإعلان عن الصفقات، وسط جاهزية المستثمرين الذين حصلوا من بلادهم على موافقة لإتمام الاتفاق وحصانة «سياسية» من التشكيك في القيمة التي سيتمّ ضخّها مقابل الحصص المستحوذ عليها.
ومنح الصندوق الفرصة الأخيرة للحكومة المصرية، لأسابيع قليلة ستكون فاصلة بالنسبة إلى وضْع الاقتصاد، وذلك بعد فشل جميع المحاولات السياسية لإيجاد دعم اقتصادي من دون مقابل، وسط محاولات لتخفيف الضغط على العملة الأجنبية عبر بحث اتفاقات للتبادل بالعملات المحلية، على غرار ما يجري ترتيبه مع تركيا في الوقت الحالي لإتمام التبادل التجاري بين البلدَين بالعملات المحلية بدلاً من الدولار، أملاً بزيادة حجم التبادل التجاري مع استئناف العلاقات السياسية.
صحيفة الاخبار اللبنانية