بعد أقلّ من 5 أشهر على زيارته الأخيرة لسوريا، وفي خطوة هي الثالثة من نوعها خلال عام واحد، تفقّد قائد القيادة المركزية في القوات الأميركية (Centcom)، مايكل كوريلا، المناطق التي تقع تحت سيطرة تلك القوات وحلفائها في سوريا، كما زار المخيّمات التي تضمّ عائلات عناصر تنظيم «داعش»، والتقى قيادة «قوات سوريا الديموقراطية». واكتسبت الزيارة هذه المرّة أهمية استثنائية، كونها تزامنت مع معلومات عن عمليات تحشيد أميركية على الحدود السورية – العراقية، والحديث عن نوايا أميركية لقطع طريق دمشق – بغداد، من خلال ربط التنف بالبوكمال. ومن هنا، عمد البعض إلى الربط بين خطوة كوريلا والإعداد المفترض لمعركة في الشرق السوري، تتطلّب مسبقاً الاطّلاع على جاهزية القوات. وممّا عزّز تلك التخمينات حديث الأمين العام لـ«عصائب أهل الحق» العراقية، قيس الخزعلي، عن أن «هدف القوات الأميركية من التحرّكات الأخيرة في العراق، هو إقامة إقليم على الحدود مع سوريا»، وأن «هناك تفاصيل كاملة عن استبدال القوات الموجودة بأخرى قتالية لا تقلّ عن 2500 فرد، مع عدد إضافي بحدود 1500 للذهاب من قاعدة الحرير إلى سوريا».
إلّا أن البيان الرسمي حول زيارة كوريلا لم يأتِ على ذكر أيّ تحرّكات أميركية جديدة على الأرض، مبيناً أن المسؤول الأميركي «زار مخيّمَي الهول وروج شمال شرق سوريا، والتقى قوات قسد»، فيما تضمّنت «زيارته كذلك لقاءات مع مديري المخيمات وقاطنيها لمراقبة الظروف الإنسانية الحالية، والتحسينات المستمرّة في أمن المخيمات، وجهود إعادة التأهيل والاندماج، لإعادة السكان إلى بلدانهم الأصلية». وأضاف البيان أن كوريلا التقى أيضاً بقوات «قسد»، و«ناقش الحملة المستمرّة لهزيمة داعش، ومواصلة جهود المساعدة الإنسانية في المنطقة». من جهتها، أفادت مصادر مطّلعة، «الأخبار»، بأن «قائد القيادة المركزية الأميركية أتى إلى مناطق سيطرة قسد، يوم الإثنين، قادماً من الأردن، بعد أن التقى رئيس هيئة الأركان المشتركة الأردنية، يوم الأحد»، مرجّحةً أن «يكون كوريلا قد تفقّد قاعدة التنف على الحدود مع الأردن، قبل توجّهه إلى مناطق سيطرة قسد، في ظلّ تسريبات عن استعداد القاعدة لاستقبال دفعات من مقاتلي العشائر من مناطق سيطرة الاحتلال التركي، لتدريبهم في التنف ونشرهم في منطقة الـ55 كم». واعتبرت المصادر «زيارة كوريلا لمناطق سيطرة قسد اعتيادية، وغير مرتبطة بالتحرّكات الأخيرة للجيش الأميركي على الحدود بين سوريا والعراق»، مضيفةً أن «المعطيات تشير إلى أنه لم يجرِ التطرّق إلى أيّ مواضيع أخرى، غير تلك المعلنة».
مع ذلك، تؤكد مصادر ميدانية، في حديث إلى «الأخبار»، «وجود معطيات ميدانية أوّلية عن مخطّط أميركي – إسرائيلي مشترك، لتحقيق هدفَين رئيسيَن، هما: قطع المعابر بين سوريا والعراق؛ وإنشاء حزام أمني يضمّ درعا والسويداء على طريق تشكيل منطقة عازلة جنوباً»، مشيرةً إلى إمكانية استغلال الحراك الشعبي الحاصل في السويداء لتمرير هذا المخطّط. ويعرب الصحافي والكاتب السوري، كيفورك ألماسيان، بدوره، في حديث إلى «الأخبار»، عن اعتقاده بأن «هنالك مشروعاً أميركياً إسرائيلياً لإغلاق الحدود بين سوريا والعراق عبر معبرَي التنف والقائم، وإخراج الدولة نهائياً من السويداء ودرعا»، مبيناً أن «الهدف من ذلك هو عزل سوريا نهائياً عن العراق وبالتالي إيران، مع إنشاء منطقة منزوعة السلاح بين الجولان السوري المحتل والعاصمة دمشق».
اللافت أن وسائل إعلام تركية أعادت، في الأيام الماضية، نشر معلومات في الاتّجاه نفسه، متحدّثةً عن وجود مخطّط أميركي لإنشاء جبهة على الحدود الجنوبية السورية، تضمّ القنيطرة والسويداء ودرعا، وتكون موالية للأميركيين المتمركزين في قاعدة التنف. وأشارت وسائل الإعلام تلك إلى أن «قوات التحالف تعتزم إرسال أسلحة ثقيلة وذخائر ومقاتلين إلى درعا والسويداء والقنيطرة، كما ستقوم باستخدام التنف على الحدود مع الأردن، كقاعدة لها لإنشاء جيش جديد قوامه 30 ألف رجل لفتح جبهة الجنوب»، مضيفةً أنه «من المفترض أن يشارك أبناء السويداء بشكل نشط في هذا الجيش لأوّل مرّة». وكانت أثارت زيارة المسؤول العسكري الأميركي لمناطق «قسد»، حفيظة أنقرة، التي سارعت إلى الردّ عليها برسائل ميدانية، من خلال استهداف طائرة مسيّرة تركية سيارة تقلّ فريقاً إعلامياً كان يرافق رتلاً لـ«التحالف الدولي» على طريق القامشلي – عامودا عند قرية تل شعير، ما أدّى إلى مقتل سائق السيارة وإصابة صحافية بجروح، من دون إلحاق أيّ أضرار بآليات «التحالف».
صحيفة الأخبار اللبنانية