تحليلات سياسيةسلايد

انقلاب عسكري في الغابون ينهي مبكرا الولاية الرئاسية الثالثة لعلي بونغو

أعلنت مجموعة تضم نحو 12 من عناصر الجيش والشرطة في الغابون الأربعاء في بيان تلي عبر محطة “غابون 24” التلفزيونية من مقر الرئاسة، إلغاء نتائج الانتخابات وحل “كل مؤسسات الجمهورية” و”إنهاء النظام القائم” ليأتي هذا الانقلاب الجديد في خضم مجموعة من الانقلاب العسكرية التي تعصف بالقارة الإفريقية خاصة منطقة الساحل والصحراء كان آخرها انقلاب النيجر.

وأعلن العسكريون الذين أكدوا أنهم يتحدثون باسم “لجنة المرحلة الانتقالية وإعادة المؤسسات” أنه “بسبب حوكمة غير مسؤولة تتمثل بتدهور متواصل للحمة الاجتماعية ما قد يدفع بالبلاد إلى الفوضى قررنا الدفاع عن السلام من خلال إنهاء النظام القائم”.

وأوضح هؤلاء “لهذه الغاية، ألغيت الانتخابات العامة التي جرت في 26 آب/أغسطس 2023 فضلا عن نتائجها”.

وأضاف البيان “حلت كل المؤسسات، الحكومة ومجلس الشيوخ والجمعية الوطنية والمحكمة الدستورية. ندعو المواطنين إلى الهدوء ونجدد تمسكنا باحترام التزامات الغابون حيال الأسرة الدولية” مؤكدأ إغلاق حدود البلاد “حتى إشعار آخر”.

 

ووضع رئيس الغابون “قيد الإقامة الجبرية” محاطا بعائلته وأطبائه، فيما أوقف أحد أبنائه بتهمة “الخيانة العظمى”، على ما أعلن الأربعاء العسكريون الذين قاموا بالانقلاب.

وقال الانقلابيون  “الرئيس قيد الإقامة الجبرية، وهو محاط بعائلته وأطبائه” مؤكدين أنه “تم توقيف” نورالدين بونغو فالنتان ابن الرئيس ومستشاره المقرب، وإيان غيزلان نغولو رئيس مكتب بونغو، ومحمد علي ساليو نائب رئيس مكتبه، وعبدالحسيني وهو مستشار آخر للرئاسة، وجيسيي إيلا إيكوغا وهو مستشار خاص وناطق رسمي باسم الرئاسة، بالإضافة إلى أهم رجلين في الحزب الديمقراطي الغابوني القوي الذي يتزعمه بونغو.

وأوضحوا أنه تم ايقاف المقربين من الرئيس خصوصا بتهم “الخيانة العظمى ضد مؤسسات الدولة واختلاس أموال عامة على نطاق واسع واختلاس مالي دولي ضمن عصابة منظمة والتزوير وتزوير توقيع رئيس الجمهورية والفساد والاتجار بالمخدرات”.

ومن بين هؤلاء العسكريين عناصر من الحرس الجمهوري المنوط حماية الرئاسة فضلا عن جنود من الجيش وعناصر من الشرطة. وتلي البيان عبر تلفزيون الغابون الرسمي أيضا.

وخلال تلاوة البيان سمع الصحفيون إطلاق نار من أسلحة اوتوماتيكية في أحياء عدة من ليبرفيل.

وجاء الإعلان بعيد نشر النتائج الرسمية للانتخابات الرئاسية التي جرت السبت وأظهرت إعادة انتخاب الرئيس علي بونغو أوديمبا الذي يحكم البلاد منذ 14 عاما، لولاية ثالثة بحصوله على 64.27 % من الأصوات.

وقال قائد الحرس الجمهوري في الغابون الجنرال بريس أوليغي نغيما الذي شارك في الانقلاب لصحيفة “لوموند” الفرنسية اليوم الأربعاء إن الرئيس علي بونغو أونديمبا “أحيل على التقاعد”.

وصرّح الجنرال نغيما أن بونغو الذي وضع قيد الإقامة الجبرية “أحيل على التقاعد ولديه كل حقوقه. هو مواطن غابوني عادي مثل أي شخص آخر”، مضيفا “لم يكن لديه الحق في تولي فترة ولاية ثالثة وانتُهك الدستور (…) لذلك قرر الجيش تولي مسؤولياته”.

وتفوق بونغو في انتخابات جرت بدورة واحدة على منافسه الرئيسي البير أوندو أوسا الذي حصل على 30.77 % فيما حصل 12 مرشحا آخر على ما تبقى من أصوات على ما أوضح ستيفان بوندا رئيس المركز الغابوني للانتخابات عبر التلفزيون الرسمي. وبلغت نسبة المشاركة 56.65 %.

وكان أوسا تحدث عن “عمليات تزوير أدارها معسكر بونغو” قبل ساعتين من إغلاق مراكز الاقتراع السبت وأكد فوزه بالانتخابات. وناشد معسكره بونغو الاثنين “لتنظيم تسليم السلطة من دون إراقة دماء” استنادا إلى فرز للأصوات أجراه مدققوه ومن دون أن ينشر أي وثيقة تثبت ذلك.

وتعليقا على التطورات في الغابون قال جوزيب بوريل مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي اليوم الأربعاء إن وزراء دفاع دول التكتل سيبحثون الموقف في البلد الافريقي وإذا تأكد وقوع انقلاب هناك فسيودي ذلك لمزيد من الاضطرابات في المنطقة.

وأضاف متحدثا أمام اجتماع لوزراء دفاع دول الاتحاد في توليدو بإسبانيا “إذا تأكد ذلك، فسيكون انقلابا عسكريا آخر يفاقم عدم الاستقرار في المنطقة بأكملها”.

وتابع “المنطقة بأكملها بدءا من جمهورية أفريقيا الوسطى ثم مالي ثم بوركينا فاسو والآن النيجر وربما الغابون في موقف صعب للغاية وبالتأكيد الوزراء… سيبحثون بتعمق فيما يحدث هناك وكيف يمكننا تحسين سياستنا المتعلقة بتلك الدول… هذه مشكلة كبيرة لأوروبا”.

وتمتلك دول اوروبية خاصة فرنسا نفوذا كبيرا في الغابون ما جعل رئيسها الراحل عمر بونغو يقول ان “للغابونيين وطنا هو الغابون، وصديقا هو فرنسا”.

ودعت الصين التي تمتلك استثمارات في الغابون الأربعاء، الانقلابيين إلى “العودة الفورية” للنظام الطبيعي في البلاد، مطالبة بضمان السلامة الشخصية للرئيس.

وقال متحدث الخارجية الصينية وانغ وينبن، في تصريحات للصحفيين، إن بكين “تتابع عن كثب تطورات الوضع في الغابون، وتدعو الأطراف المعنية إلى العمل من أجل مصلحة الشعب الغابوني”.

وأضاف “تدعو الصين إلى العودة الفورية للنظام الطبيعي وضمان السلامة الشخصية لعلي بونغو”.

وابدت روسيا بدورها قلقا إزاء الوضع في الغابون حيث قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية ماريا زاخاروفا للصحفيين “استقبلت موسكو بقلق تقارير عن تدهور بالغ في الوضع الداخلي بالدولة الأفريقية الصديقة. نواصل مراقبة تطور الأوضاع عن كثب ونأمل في الاستقرار سريعا”.

وصرح ديمتري بيسكوف المتحدث باسم الكرملين أن موسكو تراقب الوضع عن كثب.

من جانبها قالت رئيسة وزراء فرنسا إليزابيت بور ان بلادها تتابع عن كثب تطورات الوضع في البلد الافريقي وذلك خلال إلقائها لخطاب أمام اجتماع للسفراء في باريس.

وقال متحدث مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض جون كيربي “نتابع محاولة الانقلاب العسكري عن كثب، وهي بالتأكيد الأحدث في المنطقة التي تعرضت لانقلابات عسكرية وعمليات استيلاء على السلطة غير دستورية”، مضيفا أن “الأمر مقلق للغاية بالنسبة لنا”.

وأضاف “سنظل ندعم شعب المنطقة وشعب الغابون وندعم مطالبهم بالحكم الديمقراطي. لكننا سنركز على مواصلة العمل مع شركائنا الأفارقة وجميع شعوب القارة لمعالجة التحديات ودعم الديمقراطية”.

وأكّد المغرب على “أهمية الحفاظ على الاستقرار”وقالت وزارة الخارجية المغربية في بيان إنّ المملكة “تتابع عن كثب تطور الوضع في الجمهورية الغابونية”.

وأضاف البيان أنّ الرباط “تؤكّد على أهمية الحفاظ على استقرار هذا البلد الشقيق وطمأنينة ساكنته”.

وأكّدت الوزارة في بيانها أنّ “المغرب يثق في حكمة الأمة الغابونية وقواها الحيّة ومؤسساتها الوطنية للسير قدما نحو أفق يتيح العمل من أجل المصلحة العليا للبلد وصون المكتسبات التي تحقّقت والاستجابة لتطلّعات الشعب الغابوني الشقيق”.

وقال الرئيس النيجيري بولا أحمد تينوبو إنه يعمل بشكل وثيق مع الزعماء الأفارقة الآخرين بخصوص كيفية الرد على الانقلاب العسكري في الغابون.

وأدان تينوبو الذي يتولى أيضًا رئاسة المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا “إيكواس” بشدة الانقلاب العسكري في الغابون، بحسب بيان صادر عن الرئاسة النيجيرية.

وأضاف تينوبو أنه يراقب عن كثب و”بقلق عميق” التطورات في الغابون فيما يخص الاستقرار الاجتماعي والسياسي في البلاد و”الوباء الاستبدادي الذي يبدو أنه ينتشر في أجزاء مختلفة من القارة”.

وأردف “يجب ألا نسمح أبدا لقارتنا العظيمة بالاندثار من خلال الالتزام بسيادة القانون والقرارات الدستورية ووسائل حل الخلافات الانتخابية”.

وتعتبر الغابون، الثرية بالنفط واليورانيوم بلدا مهما لفرنسا في القارة ويقال دائما انه ل يمكن لاي شخص الوصول الى السلطة في هذا البلد الإفريقي دون موافقة باريس لكن يبدو ان الامر بات يتغير اليوم وباتت المصالح الفرنسية مهددة.

وقالت شركة التعدين الفرنسية إراميت، التي تملك وحدة كوميلوج لإنتاج المنجنيز في الغابون، اليوم الأربعاء إنها علقت كافة عملياتها في البلاد في أعقاب تطورات وقعت خلال الليل في البلاد حيث قال متحدث باسم الشركة “بدءا من هذا الصباح تم تعليق كل عمليات كوميلوج وستراج، فضلا عن وقف عمليات النقل عبر السكك الحديدية”.

ويأتي الانقلاب العسكري في الغابون ليزيد من المخاوف إقليميا ودوليا من تصاعد وتيرة الانقلابات العسكرية على الانظمة المدنية والديمقراطية في القارة السمراء بعد انقلاب مالي وبوركينافاسو والنيجر.

 

 

ميدل إيست أون لاين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى