يصعب التكهّن بمآلات الصراع القانوني – السياسي الذي يتمحور حول المحكمة العليا وقراراتها المرتقبة حول قانون إلغاء “حجة المعقلوية” وغيرها من القوانين. تحيط بهذا الملف مجموعة من التعقيدات القانونية والسياسية، التي ستشغل الأوساط السياسية والإعلامية الإسرائيلية في الفترة المقبلة.
تُحال رئيسة المحكمة على التقاعد في 16 تشرين الأول/أكتوبر المقبل. قاضية أخرى أيضاً على وشك التقاعد. في حال غيابهما، قد يميل قرار المحكمة إلى عدم إبطال قانون إلغاء “حجة المعقولية” وفق بعض الخبراء الإسرائيليين.
لهذا السبب، تسعى الحكومة للتحايل على المحكمة، وفق قناة “كان” الإسرائيلية، من خلال طلب إرجاء موعد النظر في الالتماسات، بعد أن رفضت المستشارة القانونية للحكومة تمثيل الحكومة في المحكمة.
في ضوء ذلك، سيمثّل الحكومةَ أمام المحكمة محامٍ بديل يحتاج إلى وقت لدراسة الادعاءات الواردة في الاستئنافات، وإعداد الردود عليها من أجل دحضها أمام المحكمة.
السؤال، الذي يتابعه الرأي العام الإسرائيلي اليوم: هل ستوافق المحكمة على إرجاء موعد المداولات؟
مهما يَكُن التوجّه (بعد نشر المقال قررت المحكمة أنه لن يتم تأجيل الجلسة)، فإن هذا الإجراء لا يعدو عن كونه مجرد تفصيل في ملف شائك، يُتوقَّع أن يثير أزمة دستورية، ويُزخّم حالة الاعتراض التي تنظر إلى المحكمة على أنها الحصن الأخير في وجه المدّ الائتلافي، الذي يسعى لتغيير وجه الكيان وهويته.
الأزمة لا تقتصر في هذا الإطار على محاور المعارضة والائتلاف، وإنما تمتد أيضاً إلى مؤسسات الكيان. في هذا السياق، أوردت قناة “كان” أن قيادة الشرطة تستعد لإمكان الانزلاق الى أزمة دستورية، وتطرح هذا الاحتمال للمناقشة في ضوء الدور الذي ستقوم به واستعداداتها لكيفية التصرف في هذه الحالة.
تتلخّص الأزمة في احتمال أن تصدر المحكمة حكماً في القضايا المطروحة أمامها لا يروق للحكومة، فترفض الأخيرة تنفيذه. المفتش العام للشرطة كان له تصريح واضح في هذا الإطار، مفاده أن المؤسسة سوف تقف إلى جانب القانون، الأمر الذي استدعى رداً من وزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير.
رئيس نقابة العمال، “الهستدروت”، أوضح، من جانبه، في إثر تلميحات كبار المسؤولين في الائتلاف إلى أنهم لن ينفّذوا بالضرورة قرارات المحكمة، أن عصيان قرارات المحكمة العليا، والتسبب بأزمة دستورية، عبارة عن “كسر لكلّ المسلّمات”.
في ظل ذلك، وفي انتظار جلسة المحكمة، تتّسع مبادرة داخل الدوائر الاقتصادية والأكاديمية لحماية قرارات المحكمة من خلال الالتزام مسبقاً بتنفيذ إضراب عام مفتوح في حال امتنعت الحكومة عن الاستجابة لقرارات المحكمة العليا.
ثمة ما هو أخطر من ذلك، بحيث نقل موقع “يديعوت أحرنوت” أن تقديرات الحكومة تشير إلى أن الجيش والشاباك والموساد، وهي الهيئات الأهم في المؤسسة الإسرائيلية، سوف تلتزم أحكام المحكمة العليا في حال أي نزاع دستوري.
هذا الأمر يزعج نتنياهو، ويفسّر، وفق بعض المحللين الإسرائيليين، سبب هجوم أعضاء الائتلاف على رؤساء الأجهزة الأمنية في الأسابيع الأخيرة. في وقت ارتبط الهجوم ظاهرياً بمعالجة الإرهاب اليهودي ومكافحة عدم الامتثال للاحتياط، يُحتمل أنه كان يتعلق بهذه القضية.
حاجز التشريعات وإعفاء الحريديم من الخدمة
غير واضح حجم الضرر الذي ستخلّفه الطعون المُقدمة إلى المحكمة العليا وتبعاتها على “إسرائيل”، لكن استحقاق التشريعات القضائية، سواء استُؤنف العمل بها، أو جرى تجميدها، يمثّل هو الآخر حاجزاً يتعيّن القفز فوقه، وإلّا فإن محاذيره تنطوي على مزيد من تفكّك الجيش وتعميق الشروخ.
الإشارات، التي يعكسها الإعلام الإسرائيلي في هذا الصدد، متنوّعة ومتعارضة أحياناً، وتنطوي على مجموعة من القراءات التي تتباين من كاتب إلى آخر. يَمثُل هنا اعتباران:
أولاً، الوعود والاتفاقات، التي قام الائتلاف على أساسها، ومنها وعود لمجموعة الحريديم بشأن الإعفاء من الخدمة العسكرية.
ثانياً، الإشارات التي أطلقها نتنياهو في الفترة الأخيرة بشأن تراجعه عن تنفيذ حزمة “التعديل القضائي” بأكملها، إذ أوضح، خلال مقابلة مع وكالة “بلومبرغ”، في السادس من آب/أغسطس الماضي، أن من المرجح أن تكون المرحلة التالية من التعديلات القضائية هي الدفع إلى تعديل قانون تشكيل اللجنة التي تختار القضاة. وقال، من دون أن يخوض في التفاصيل، إنه يعتقد عدم ضرورة الدفع بشأن تشريعات أخرى.
إقفال باب التشريعات على لجنة تعيين القضاة يمثّل، وفق بعض المحللين الإسرائيليين، الحلقة الأخيرة من مجموعة قوانين تضمن لنتنياهو تحصين نفسه من الملاحقة القضائية. أحد هذه القوانين سبقت الإشارة إليه، وهو موجود على طاولة المحكمة العليا، ويتضمّن الحدّ من إمكان عزل رئيس الوزراء.
سوف ينجو نتنياهو في هذا الاستحقاق، وفي تحصين نفسه قضائياً، إذا تمكّن من تمرير لجنة تعيين القضاة، وجمّد بعدها حزمة “القوانين التشريعية”، كما قال، ولم تصدر المحكمة العليا، في الوقت نفسه، قراراً يقضي بإبطال قانون الحد من إمكان عزل رئيس الوزراء. في هذه الحالة، يبقى في السباق إلى أشواط أخرى.
لكنّ ثمة معضلة ماثلة أمامه في هذه الحالة. هذا التوجّه يصطدم برغبات الحريديم الذين يسعون لإقرار قانون الإعفاء من التجنيد لطلاب العلوم الدينية، على نحو ينسجم مع اتفاقات وافقوا على أساسها على انضمامهم إلى الحكومة. في حال رفض نتنياهو تحقيق طلب الحريديم، بغية تهدئة الشارع، فإنه سيواجه خطر انسحابهم من الحكومة. أمّا في حال خضع لابتزازهم، وأقر القانون الذي يطالبون به، فإنه سوف يواجه غضباً عارماً من المعارضة، ومزيداً من النزف في “الجيش”.
يرى العميد في الاحتياط، أرييل هايمان، وهو ضابط الاحتياط الرئيس سابقاً، وعضو في معهد أبحاث الأمن القومي حالياً، أنه، في حال تم إرضاء الحريديم على حساب المعارضة، فإن موجة الأحداث الحالية ستصبح تسونامي ضخمة تجتاح الكيان، وستُلحق ضرراً حرجاً بالجيش.
بين الاحتمالين يبقى هناك حلٌّ توفيقيٌّ يمثّل مخرجاً لنتنياهو وحكومته أمام هذا الحاجز. هذا المخرج مرهون بموافقة الحريديم، ومن شأنه تمرير قانون مخفّف بأقل الأضرار الممكنة. يتطلب ذلك إقناع الحاخامات بالموافقة على حل لقانون التجنيد، يكون مقبولاً لديهم، ولا يؤدي إلى موجة معارضة شديدة من الاحتجاج. حتى الآن، لم تنضج هذه التسوية بعدُ، على رغم أن الكاتب أمير إتينغر في “إسرائيل هيوم” يوحي بعكس ذلك.
يقول إن القانون الوحيد، الذي سيكون غالانت مستعداً لدفعه في المرحلة الحالية، هو مقترح يصعب على بيني غانتس معارضته. يستدعي الكاتب، في هذا الإطار، “مخطط أتياس”، الذي وقّعه غانتس في الاتفاق الائتلافي مع الليكود في “حكومة الوحدة” في عام 2020. إنه عبارة عن حل وسط يمنح تأجيلاً لطلبة المدارس الدينية، لكن يُلزم الذين لا يتعلمون بالوفاء بأهداف التجنيد لعامين، عبر قرارٍ حكومي، وليس وفق قانون.
يوضح الكاتب الإسرائيلي أن المعنيين في حزبي الحريديم، “شاس” و”يهدوت هاتوراه”، يفهمون أنهم لن يحصلوا على إعفاء جارف، ويقول إن مقترح أهداف التجنيد كان مقبولاً لديهم عام 2020، ومن الممكن أن يكون مقبولاً لديهم الآن أيضاً.
في كل الأحوال، يتعارض هذا المَخرج مع ما نقلته وسائل إعلام إسرائيلية بشأن مواقف رؤساء أحزاب الحريديم. هؤلاء نقلوا رسالة إلى نتنياهو، مفادها أنهم سيعملون على حل الحكومة إذا لم تتم المصادقة عند بداية دورة الكنيست المقبلة على مشروع قانون ينص على إعفاء طلاب المعاهد الدينية من الخدمة العسكرية.
يوضح مقال منشور في “هآرتس”، في هذا الإطار، أن الأحزاب الحريدية تؤدي، في الفترة الأخيرة، لعبة ذكية. فبينما تشير التسريبات من صفوفها إلى أن الحاخامات وأعضاء الكنيست الحريديم يُصابون بوجع بطن في ظل استمرار التشريع، إلا أن الحقيقة مغايرة: “الحريديم ببساطة غير مستعدين لدفع الثمن على قوانين تهم نتنياهو ولِفين (وزير القضاء)، من دون أن يحصلوا بدورهم على ما يطلبونه”.
تصريح رئيس “معسكر الدولة” المعارض، بيني غانتس، يؤكد بدوره أن توجّه الحريديم حقيقي وجِدّي، وليس مناورة. غانتس قال مؤخراً إن مشروع قانون التجنيد، الذي يسعى الائتلاف لتمريره، يقود إلى صِدام خطير سيُلقي ظلاله على “الجيش” وتماسك “المجتمع الإسرائيلي” برمته.
موقع “كان” أوضح رفض مصدر رفيع في الليكود مشروع قانون التجنيد الذي اقترحته الأحزاب الحريدية. ونقل عن المصدر أن هناك محاولات تُبذل من أجل التعاون مع “معسكر الدولة” في وضع خطة بديلة، بغية التوصل إلى توافق واسع قدر المستطاع.
وأوضح المصدر أن الائتلاف الحاكم يدرك حجم المعارضة الشعبية لمشروع القانون هذا، غير أنه ليس أمامه سوى المضيّ قدماً، بسبب قيود منبثقة من الاتفاقات الائتلافية.
إذا كان ثمة قوّة معاكسة لأي شرخ محتمل بين مكونات الائتلاف الحكومي، فهذا جانب منها:
تنقل آنا براسكي في “معاريف”، أواخر الشهر الماضي، عن سلسلة مصادر في الليكود، قولها إن استطلاعات الرأي اليوم تشكل اللاصق الأقوى للائتلاف الحالي، كون الانتخابات تمثّل الطريق المضمونة إلى انتحار جماعي لمعسكر اليمين.
وتنقل، عن مصادر في الائتلاف، أن محاولات تَجري من أجل إقناع الحاخامات الأكثر تعنتاً بأن “صيغة غير واقعية لقانون التجنيد ستقود إلى انتخابات بخلاف رغبتنا. وفي نهاية المطاف، يمكن أن يجد الحريديم أنفسهم في المعارضة، من دون قانون الإعفاء من التجنيد، ومن دون سلطة”.
هل من مَخرج؟
أمام هذا الواقع المعقّد، يرى اللواء احتياط أليعيزر مَروم، قائد سلاح البحرية سابقاً (موقع “القناة الـ12”) أن المَخرج الوحيد من الوضع الذي وقعت فيه “الدولة” هو، في هذه المرحلة، أمر رئيس الحكومة بتجميد “التشريع” بصورة أحادية الجانب لغاية الدورة الشتوية في تشرين الثاني/نوفمبر 2024.
لكن هذا الحلّ يتعارض مع رؤية الكاتبة رافيت هيخت في “هآرتس”، بحيث إن تشخيصها لوضع الحكومة ولرئيسها لا يسمح بوجود مثل هذا المخرج. ترى هيخت أنه، من دون التشريعات القانونية، لا فرصة لنتنياهو في وقف المحاكمة الجارية ضده والبقاء في كرسي رئيس الحكومة. من دونها، سيواجه صعوبة في المحافظة على ائتلافه. من دون “قانون الإعفاء” من الخدمة، الذي سيقضي على الجيش، ليس لديه الحريديم. لذلك قرر، وفق رأيها، قمع احتجاج الاحتياطيين وترهيب قادة الجيش.
الانقسام بشأن الخيارات والتوجهات لم يعد ينحصر بين الائتلاف والمعارضة، أو بين مكونات الائتلاف نفسه، لكنه بات ينسحب على حزب الليكود نفسه، بين معارضين لاستمرار تشريعات الخطة القضائية بصورة أحادية الجانب، وبين آخرين يطالبون بمواصلة التشريعات، حتى من دون توافق مع المعارضة.
في محاولة لحل هذا المأزق، يدرس نتنياهو فكرة إجراء تدوير مناصب واسع بين وزراء، وفق ما نقلت صحيفة “معاريف” الشهر المنصرم، بهدف تجاوز المصاعب التي تواجه وزير القضاء في الوصول إلى تفاهمات.
ونقل الإعلام العبري، أكثر من مرة، الشهر الماضي، أن الائتلاف الحكومي لا يملك أغلبية في الكنيست لتمرير مشروع قانون تغيير تركيبة لجنة تعيين القضاء، الأمر الذي يعني وجود معارضين لتمرير هذا القانون من داخل الائتلاف نفسه.
“القناة الـ13″ العبرية نقلت، عن وزير في الليكود، أنه في حال السير لاحقاً بـ”تشريع” أحادي الجانب، فسوف يحاول منعه ولن يصوّت لمصلحته. وبحسب قوله، هناك جهات إضافية في الليكود ستقوم بالأمر نفسه.
طُرُق هروب
سوف يتعيّن على نتنياهو، بناءً على ما تقدّم، تبني خيارات لا تخلو من تكاليف. انطلاقاً من الشهر الحالي، يستأنف طريق السير في حقل الألغام، وعينه على مواصلة السباق والاحتفاظ بالسلطة. وعلى رغم ذلك، فإن الطريق لا يخلو من مخارج إذا أسعفه الحظ وتلافى إصابات قاتلة.
تحت عنوان “الكثير من الخيارات السيئة وعدة طرق هروب: هكذا يمكن لنتنياهو الخروج من المأزق” (15/8/2023)، تعرض شيريت أفيطان كوهِن، في “إسرائيل هيوم”، العقبات والحلول أمام رئيس الحكومة. كل واحدة من هذه العقبات، بحسب الكاتبة، يمكن أن تكلف بقاء الائتلاف. لكن، في حالات أخرى، “طُرحت لدى أعضاء في الائتلاف، يمكن أن تتحول الأزمة إلى فرصة تكتيكية”.
تشرح: “دعوة إلى حكومة طوارئ وطنية؛ تشريع وفق توافق واسع؛ كبح فوري للضرر في الجيش الإسرائيلي وأمن إسرائيل”.
صحيح أنه، في ظل أزمة الثقة المستفحلة في الساحة الإسرائيلية، فإن هذا السيناريو، في رأيها، لا يحظى بنقاط عالية في السيناريوهات القابلة للتحقيق، لكنها تلفت إلى أن “واقعاً أمنياً معقَّداً يمكن أن يغيّر الصورة”.
كان هذا السينايو في صلب مقال، سبق أن نُشر في هذه الزاوية، بتاريخ 12 آب/أغسطس (انظر: نجاة نتنياهو وانقلاب المشهد في “إسرائيل”.. هل هذا ممكن؟)، يتناول فرضية وجود مَخرج لنتنياهو تحت وطأة عوامل بالغة الخطورة.
أعقب ذلك التاريخ ورود مجموعة من الإشارات التي تؤيد هذا الاحتمال، ضمنها مقال كوهِن آنف الذكر، بالإضافة إلى مخارج أخرى متداولة في أوساط رئيس الحكومة الإسرائيلي من أجل الخروج من المأزق، يقضي أحدها بوقف التشريع عاماً واحداً، وإنتاج توافق نحو “دستور”.
مَخرج حكومة الوحدة
من الإشارات الواردة إلى التوجه نحو حكومة إنقاذ، أو وحدة وطنية، ما نشره عضو الكنيست ماتان كاهانا في منصة “فايسبوك”، وأثار ضجة سياسية. كاهانا، الذي ينتمي إلى كتلة “معسكر الدولة”، التي يَرْئِسها بيني غانتس، عرض تشكيل حكومة وحدة في 17/8/2023. الحكومة المقترحة يشارك فيها حزبه، “معسكر الدولة”، إلى جانب حزبي الليكود و”هناك مستقبل”، برئاسة لابيد، “وكل حزب آخر يوافق على قبول خطوط الشركاء المُقترحين”.
نص اقتراح كاهانا على أن يعتزل نتنياهو الحياة السياسية بعد عامين، بحيث يتم إعلان إجراء انتخابات عامة. وأكد أن هذه الحكومة ستستطيع ردم الشرخ العميق في “المجتمع الإسرائيلي”، وإعادة الوحدة إلى صفوف الجيش، وبلورة “دستور”، أو سن “قوانين” أساس تعزز التوازن بين السلطات. كما رأى أن اقتراحه سيُساهم في دفع اتفاق سلام مع السعودية إلى الأمام.
الاقتراح بدا كأنه محاولة جس نبض، إذ سرعان ما تنصلّت مصادر مُقرَّبة إلى رئيس الحزب، بيني غانتس، من الاقتراح. ونقل موقع “كان” العبري، عن تلك المصادر، أنها تُعبّر عن رأيه الشخصي، وأنهُ نشر اقتراحه من دون التنسيق مع غانتس.
موقع “كان” نقل أيضاً، عن مصادر مقرَّبة إلى زعيم “هناك مستقبل”، يائير لابيد، رفضها الاقتراح، مؤكدةً أن حكومة مع نتنياهو هي بمنزلة حكومة استسلام، وليس وحدة.
الوزير الليكودي، شلومو كارعي، تفاعل مع الطرح، إلّا أنه دعا، في تغريدة في منصة “X”، أحزاب المعارضة إلى الانضمام إلى الحكومة الحالية على أساس خطوطها العريضة، رافضاً فكرة اعتزال نتنياهو الحياة السياسية.
تتباين التصريحات الرسمية في هذا الشأن وتتعارض أحياناً. أفيغدور ليبرمان، الذي كان أبدى استعداده في وقت سابق لتشكيل مثل هذه الحكومة، وفق شروط منها إخراج أحزاب الصهيونية الدينية، عاد وجبّ كلامه باستبعاد تشكيل حكومة برئاسة نتنياهو.
موقع i24news فسّر بعض جوانب هذه التباينات، إذ أورد أنه بينما ينفي “هناك مستقبل” و”معسكر الدولة” المعارضان بشدة مثل هذا الاحتمال، ويقولان إن الشراكة مع نتنياهو هي سيناريو خيالي لن يتحقق، فإن “الطرفين يقومان باستمرار، وراء الكواليس، بفحص إمكان تحقيق الأمر. لكن، في كل مرة يتمّ الحديث عن الوحدة، يجري الضغط فوراً على لابيد وغانتس من داخل المعارضة، ومن جانب قادة الاحتجاج”.
وذكر الموقع أن هناك نقاشاً جاداً داخل الليكود بشأن تشكيل حكومة وحدة وطنية ينضم إليها لابيد، لافتاً إلى أنه، بخلاف التركيز علناً على غانتس، انطلاقاً منه أنه احتمال واقعيّ للشراكة حتى الآن، إلّا أن كبار مسؤولي الليكود يتحدثون في الواقع عن زعيم المعارضة، يائير لابيد، كشخص لديه مصلحة في تغيير الاتجاه. ويرجع ذلك إلى تراجعه في استطلاعات الرأي، وفقدان الأسبقية على غانتس.
في كل الأحوال، توالت المواقف التي تؤيد مثل هذا الاحتمال، والمواقف التي تستبعده، في أوساط الليكود، كما في أوساط المعارضة. في هذا الإطار، صرّح عضو الكنيست، ألعازر شتيرن، من “هناك مستقبل”، الشهر الماضي، بأنه سيكون سعيداً بتلقي اقتراح تشكيل حكومة وحدة وطنية.
وكان وزير الأمن الإسرائيلي، يوآف غالانت، أعلن، وفق ما ذكر موقع “يديعوت أحرنوت”، أواخر تموز/يوليو الماضي، أنه يعتزم العمل من أجل إقامة مثل هذا التحالف مع حزبي “معسكر الدولة” و”هناك مستقبل”، ليحلّا مكان حزبي الصهيونية الدينية، حتى لو كان ذلك سيتعين عليه الاستقالة من منصبه الوزاري.
من المؤشرات، التي تدلّ على جدية هذا الطرح، ما نشرته، بداية الشهر الحالي، صحيفة مقرّبة إلى الحريديم، بحيث أشارت إلى أن نتنياهو يخطّط وراء الكواليس من أجل إطاحة الحكومة.
وبحسب المنشور، الذي نفى حزب الليكود مضمونه، فإن سبب هذا المخطط هو استيعاب نتنياهو أن مسيرته السياسية تقترب من نهايتها. ووفق كاتب المقال، فإن نتنياهو يستعد للخطوة بالتنسيق مع كبار المسؤولين في البيت الأبيض، وأن الخطوة تتضمن اتفاقاً مع السعودية وصفقة قانونية. وكل هذا ناتج، وفق الكاتب، من قناعة رئيس الحكومة بأنه لم تعد لديه القدرة على إدارتها، والبقاء في قيد الحياة، في ظل الأجواء الحالية.
الميادين نت