قصر السكاكيني.. تحفة أثرية تحمل الطراز الأوروبي

يمثّل قصر السكاكيني تحفة أثرية تحكي جزءاً هاماً من تاريخ مصر، حيث يمتزج الطراز المعماري الأوروبي الرائع مع الروح المصرية، ليكون نسخة من ذلك القصر الذي شاهده غابرييل حبيب السكاكيني صاحب القصر في إيطاليا ووقع في غرامه، ويخرج مشهد فني خاص تتداخل فيه الطرازات المختلفة من حول العالم.

بني القصر الذي يتوسط ميدان السكاكيني في منطقة الظاهر بوسط مدينة القاهرة، في عام 1897 على الطراز الإيطالي، عن طريق شركة إيطالية كلفها حبيب باشا السكاكيني، هذا الرجل السوري الذي قدم إلى مصر في عمر يتراوح بين 16 إلى 17 عاماً، وعشقها وعاش بها لسنوات، ويحتل القصر موقعاً جذاباً يشع منه 8 طرق رئيسية، ما جعله نقطة مركزية في تلك المنطقة ولم يكن الحصول على مثل هذا الموقع سهلاً في ذلك التوقيت، إلا أن علاقة السكاكيني باشا مع الخديوي سهلت المهمة.

يظهر تصميم القصر الأوروبي حرف (S) أول حرف من اسم السكاكيني بالإنجليزية، ويعتليه قبابة مخروطية الشكل تربطه بالتصميم المعماري البيزنطي المنتمي للعصور الوسطى، وتبلغ مساحته 2698 متراً مربعاً، ويتكون من حديقة محاطة بسور يطل عليها تمثال نصفي لحبيب باشا السكاكيني عند المدخل الرئيسي، بجانب تماثيل وزخارف، بالإضافة إلى النقوش والتماثيل اللتين طمستا مع مرور الزمان، ويوجد تمثالان كبيران على هيئة أسد، تمّ محو وجهيهما، إلا أنهما يحتفظان بهيئتهما العامة.

ويحتوي القصر على عمودين يحملان تمثالين من المرمر على جانبي المدخل اختفيا مع الزمن، هذا بجانب تمثال فتاة “درة التاج”، والتي يوجد منها عشرات التماثيل المنتشرة في أنحاء القصر، إضافة إلى بقايا تمثال على هيئة تمساح، ويتزيّن القصر بتماثيل صنعت من الرخام، وأشكال أطفال وفتيات اختفى اللون الأصلي لكل منهم إلا أنها لا تزال منحوتة على الجدران.

يضمّ قصر سكاكيني بين طياته أكثر من 50 غرفة و400 نافذة وباب و300 تمثال، ويصل ارتفاعه لخمسة طوابق، وبه صالة رئيسية تتراوح مساحتها ما بين 6 إلى 10 أمتار، بها 6 أبواب تؤدي إلى قاعات القصر، وأنشئت أرضيتها من الرخام، أيضاً قاعات للاحتفالات الرسمية والطعام، عبارة عن غرفة مستديرة وبحوائطها براويز مرسومة بيد رسامين إيطاليين والسقف مزين بالزخارف الزيتية.

أما الأدوار الباقية فهي عبارة عن حجرات للنوم واستخدامات لمعيشة أسرة السكاكيني، كما يحتوي القصر أيضاً على بدروم، ينخفض 6 درجات عن الأرض وبه 3 قاعات متسعة و4 صالات ودورات مياه وغرفتان، ويخلو من الزخارف، حيث كان مخصصاً للخدم والحشم والمطابخ.

يحيط بأركان القصر 4 أبراج تعلو كل برج قبة صغيرة، وعند الدخول إلى القصر من البوابة الخلفية توجد نافورة جفت منها المياه، تتوسط مساحة من الأزهار والأشجار، وأمامها تمثالان لأسدين من الجرانيت الأبيض والرخام قدما من إيطاليا، بجانب حوامل التماثيل الملقاة على الأرض، أما المدخل الرئيسي للقصر فيعلوه تمثال نصفي لحبيب باشا السكاكيني.

ويقول د. صلاح الناظر، الباحث الأثري: إن قصر السكاكيني تحفة معمارية بنيت في القرن الثامن عشر، لتعكس امتزاج الثقافات والتداخل الحضاري في تلك الفترة، لافتاً إلى أن أهم ما يميز هذا القصر هو الطراز المعماري الأوروبي الذي بني به، ويأخذ الشكل البيزنطي القديم، حيث بنيا على يد معماريين إيطاليين جاؤوا خصيصاً للمشاركة في بنائه، وتتداخل فيه الطرازات المختلفة من حول العالم، ويُعتبر نموذجاً لفن الروكوكو.

ويضيف الناظر: قصر السكاكيني من أقدم قصور مصر، حيث تمّ بناؤه عام 1897 في منطقة الظاهر المزدحمة بالسكان وعرف محيط القصر لاحقاً بحي السكاكيني. ويتابع: في عام 1923 توفي حبيب باشا السكاكيني صاحب القصر، وقسّمت ثروته بين الورثة الذين قاموا بإعطاء القصر للحكومة، حيث قام أحد أحفاد السكاكيني وكان طبيباً بالتبرع بحصته لوزارة الصحة والتي لم تكن الجهة المؤهلة لوراثة مثل هذا القصر، ما جعله يتعرّض للإهمال ولا يأخذ حقه كقيمة أثرية وتحفة فنية. (خدمة وكالة الصحافة العربية)

ميدل ايست أونلاين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى