منذ بدء الحرب الإسرائيلية على غزة تستمر إسرائيل بإعلان ما تريد تحقيقه من أهداف نتيجة هذه الحرب. وجاءت وثيقة نتنياهو، التي طالب حكومته بإقرارها وتبنيها، لتكشف أهم أساس من أسس السياسة الإسرائيلية. هذا الأساس المتمثل بـ (استمرار الحرب) لإنهاء المقاومة وتصفية القضية الفلسطينية، واستكمال التهجير القسري للفلسطينيين لتحقيق (الدولة اليهودية) على أشلاء وجثث الحق الفلسطيني. لذلك فإن وثيقة نتنياهو ليست عن (اليوم التالي) للحرب، كما تدعي، بل هي عن (استمرار الحرب طويلا). الاستمرار الذي لا يشكل خطرا على الوجود الوطني الفلسطيني فقط بل ويمثل تهديدا لاستقرار المنطقة كلها، خاصة وأن نتنياهو اعترف بكل وقاحة أن حربه ضد غزة (ستغير شكل الشرق الاوسط كله) وهذا ما يجعلها حرباً على المنطقة كلها وعلى دولها كافة.
يتوهم نتنياهو أنه قادر على إلغاء المقاومة الفلسطينية عبر التدمير والقتل والتهجير، وعبر المناطق العازلة المزعومة، ولا ينتبه رئيس حكومة إسرائيل، إلى أن مسعاه هذا ليس إلا زراعة لمقاومة فلسطينية أشد وأقوى. وبدلاً من أن تنتج سياسته وثقته أمن إسرائيل، ستزيد من الخطر عليها لأن المقاومة ستتوسع وهي مشحونة بآلام القتل والتدمير والتهجير التي أنتجها وينتجها العدوان الإسرائيلي الذي يمارسه نتنياهو في غزة والضفة. وثيقة نتنياهو ليست أكثر من وصفة لاستجرار وتوليد وإنتاج مقاومة فلسطينية أكثر قوة وتصميما ضد إسرائيل وأمنها وسكانها. وبالتالي فإن إسرائيل بعد الحرب الإسرائيلية على غزة، وفق وثيقة نتنياهو، ستعيش بخوف أكبر وبأمن ضائع أكثر، و ستبقى عرضة لمقاومة ترد على جرائمها وجرائم نتنياهو التي قتلت و شردت وسجنت وتسجن آلاف الآلاف من الفلسطينيين في الضفة و القطاع.
بعدما أعلن نتنياهو نواياه في وثيقة لتأجيج الصراع، بات العالم على علم بما يفعله وما ينوي فعله من إلغاء للوجود الفلسطيني وإنكار للحقوق الوطنية الفلسطينية. لا يمكن أن يكون دفاعاً عن النفس، بل هو عدوان موصوف ضد شعب صاحب الأرض ومالك حقوق تاريخية وسيد وطن قوي. وهو عدوان يحاول تصفية قضية هذا الشعب، الذي يزداد تصميماً وإصراراً على المقاومة حتى الحصول على حقوقه الوطنية في دولة مستقلة ضمن حدود 67 وعاصمتها القدس الشرقية. فهل تستمر أمريكا بترداد (حل الدولتين) بينما ترسل لإسرائيل كل الأسلحة والذخائر والأموال التي تساعدها على حرب الإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني ولكل الحلول المطروحة.
وثيقة نتنياهو عدوان سياسي تاريخي وقح ولابد من اتخاذ موقف واضح وعملي وجدي لمنع إسرائيل من استمرارها في زعزعة استقرار المنطقة، وتهديد حياة وحقوق الفلسطينيين، وعلى أمريكا مسؤولية عظمى في ضرورة وقف ومنع نتنياهو مما يسعى إليه. وعلى الدول العربية كافة الدفاع عن استقرارها وأمنها تجاه مخاطر ما يفعله نتنياهو. وعلى أوروبا أن تنتظر وصول الحريق الناتج عن إرهاب نتنياهو ضد فلسطين والفلسطينيين، وضد العرب والدول العربية، وضد المقدسات المسيحية والإسلامية. لابد من اتخاذ موقف إقليمي ودولي لوقف نتنياهو ومنعه من الاستغراق في حربه العدوانية، خاصة وأنه أعلن في وثيقة عن نواياه الإجرامية تجاه فلسطين والقضية الفلسطينية و تجاه المنطقة وأمنها واستقرارها.
بوابة الشرق الأوسط الجديدة