الجيش الإسرائيلي يتوغل في رفح ويعترف بمقتل أحد جنوده في الجنوب
أعلن الجيش الإسرائيلي، الأربعاء، مقتل جندي خلال معارك مع الفصائل الفلسطينية جنوب قطاع غزة الذي يتعرض لحرب متواصلة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
وقال الجيش في بيان مقتضب: “الرقيب إيرا غيسبان، 19 عاما، الجندي في الكتيبة 75، قُتل أمس الثلاثاء، بالمعارك جنوب قطاع غزة”.
وبهذا الجندي، حسب الجيش على موقعه، ارتفع العدد المعلن لعناصره القتلى منذ اندلاع الحرب إلى 621، بينهم 273 بالمعارك البرية التي بدأت في 27 أكتوبر الماضي.
فيما بلغ عدد الجرحى المعلن 3 آلاف و456 عسكريا، بينهم ألف و689 منذ بدء المعارك البرية، وفق الجيش الذي يواجه اتهامات محلية بإخفاء حصيلة أكبر من القتلى والجرحى.
كما أعلن الجيش الإسرائيلي، الأربعاء، انسحابه من حي الزيتون جنوب مدينة غزة، مهددا بالعودة واستئناف العمليات العسكرية “إذا لزم الأمر”.
وقالت هيئة البث العبرية الرسمية، إن “الجيش انسحب من حي الزيتون بعد عملية عسكرية استمرت نحو أسبوع”، مشيرة إلى أن القوات “قد تعود (وتستأنف عملياتها) إذا لزم الأمر”.
واستشهد عدد من الفلسطينيين وأصيب آخرون، الأربعاء، جراء قصف طائرات حربية إسرائيلية تجمعا لمدنيين شمالي مدينة غزة.
وأفاد شهود عيان لمراسل الأناضول، بأن طائرات حربية إسرائيلية قصفت تجمعا لمدنيين في شارع الجلاء شمالي مدينة غزة، ما أسفر عن استشهاد عدد لم يتضح على الفور من الفلسطينيين وإصابة آخرين.
وأضاف الشهود أن طواقم طبية ومواطنين عاديين نقلوا القتلى والمصابين إلى مستشفى المعمداني في مدينة غزة.
ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، تشن إسرائيل على غزة حربا خلفت أكثر من 114 ألفا بين شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، ونحو 10 آلاف مفقود وسط دمار هائل ومجاعة أودت بحياة أطفال ومسنين.
وتواصل إسرائيل الحرب رغم صدور قرار من مجلس الأمن الدولي بوقف القتال فورا، وكذلك رغم أن محكمة العدل الدولية طالبتها بتدابير فورية لمنع وقوع أعمال إبادة جماعية، وتحسين الوضع الإنساني بغزة.
وفي السياق، أفاد شهود عيان لمراسل الأناضول، بأن الآليات العسكرية الإسرائيلية “انسحبت من حي الزيتون بمدينة غزة وسط إطلاق نيران الأسلحة الرشاشة تجاه منازل الفلسطينيين (أثناء انسحابها)”.
وأضافوا أن القوات الإسرائيلية انسحبت بـ”اجتيازها شارع 10 باتجاه الجنوب، وصولا إلى مواقع تمركز الجيش الإسرائيلي في محور نتساريم وسط القطاع”.
هذا وتوغلت دبابات إسرائيلية في شرق رفح ووصلت إلى بعض المناطق السكنية أمس الثلاثاء في تصعيد لهجوم إسرائيل على المدينة الواقعة جنوب قطاع غزة والتي يحتمي بها أكثر من مليون شخص، فيما قصفت قواتها شمال القطاع في بعض من أشرس الهجمات منذ أشهر.
ودعا حلفاء لإسرائيل ومنظمات إغاثة مرارا إلى وقف التوغل البري في رفح المكتظة بالنازحين حيث تقول اسرائيل إن أربع كتائب تابعة لحماس تتحصن هناك وإن العملية ضرورية للقضاء على فلول المقاتلين.
وقال البيت الأبيض إن مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان سيزور إسرائيل والسعودية مطلع الأسبوع المقبل. ورفضت إدارة الرئيس جو بايدن التعليق على تقرير لموقع أكسيوس يفيد بأن إسرائيل وافقت على عدم توسيع عملياتها في رفح بشكل كبير قبل زيارة سوليفان.
وقال مسؤول أمريكي طلب عدم نشر اسمه لرويترز إن إسرائيل وعدت بعدم القيام بأي تحرك كبير في رفح دون مشورة واشنطن.
واشتد وطيس القتال في أنحاء القطاع في الأيام القليلة الماضية، بما في ذلك الشمال، مع عودة الجيش الإسرائيلي للمناطق التي زعم أنه قضى فيها على وجود حماس قبل أشهر. وقال سكان ومصادر من المسلحين إن الاشتباكات التي وقعت الثلاثاء كانت الأعنف منذ أشهر.
وقال هاجاري “نعمل بتصميم في أجزاء قطاع غزة الثلاث. القوات تضرب أهدافا إرهابية من الجو والبر والبحر في وقت واحد” في إشارة إلى شمال القطاع ووسطه وجنوبه.
وتجاوز عدد الشهداء الفلسطينيين في الحرب الحالية 35 ألفا حتى الآن، بحسب مسؤولي الصحة في غزة الذين لا تفرق أرقامهم بين المدنيين والمقاتلين. وقالوا إن 82 فلسطينيا استشهدوا خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية، وهو أعلى عدد من الشهداء في يوم واحد منذ أسابيع. واستمرت معارك ضارية حتى وقت متأخر من أمس في مخيم جباليا مترامي الأطراف الذي أقيم للنازحين قبل 75 عاما في شمال القطاع.
وقال ناصر (57 عاما) وهو أب لستة أطفال لرويترز عبر الهاتف “كتير من الناس متحاصرة داخل بيوتهم وفقدنا الاتصال مع أقربائنا بعد ما وصلهم تحذير من الجيش على التلفون إنهم يخلوا البيت ورفضوا”.
وفي مدينة غزة، بشمال القطاع أيضا، قال مسعفون إن أربعة أشخاص استشهدوا وأصيب عدد آخر في غارة جوية إسرائيلية على منزل في حي الشيخ رضوان في وقت متأخر من مساء الثلاثاء.
وفي حي الزيتون بمدينة غزة، هدمت جرافات إسرائيلية مجموعات من المنازل لشق طريق جديد للدبابات لتتجه إلى الضواحي الشرقية. وقال الجيش الإسرائيلي إنه قضى على نحو 150 مقاتلا ودمر 80 مبنى تستخدمها حماس هناك.
ومع اشتداد القتال، قال رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني أمس إن محادثات وقف إطلاق النار في قطاع غزة وصلت إلى طريق مسدود.
“لا مكان آمن”
وحث بايدن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على عدم اجتياح رفح دون ضمانات للمدنيين وأجل الأسبوع الماضي شحنة قنابل كبيرة إلى إسرائيل.
لكن مسؤولين أمريكيين قالا أمس الثلاثاء إن وزارة الخارجية أحالت حزمة مساعدات أسلحة بقيمة مليار دولار لإسرائيل إلى الكونجرس لمراجعتها.
وقال ستيفان دوجاريك المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش أمس إن جوتيريش يشعر بقلق بالغ من التصعيد الإسرائيلي في رفح وما حولها، ومن إطلاق حماس العشوائي للصواريخ هناك.
وأضاف دوجاريك “يتعين احترام وحماية المدنيين في جميع الأوقات، في رفح وفي غيرها من مناطق غزة. بالنسبة للناس في غزة، لا يوجد مكان آمن الآن”، مضيفا أن جوتيريش دعا مرة أخرى إلى وقف لإطلاق النار على الفور لأسباب إنسانية.
وفي رفح، قال سكان فلسطينيون إنهم شاهدوا دخانا يتصاعد فوق الأحياء الشرقية وسمعوا أصوات انفجارات عقب قصف إسرائيلي لمجموعة من المنازل.
وقالت كتائب القسام، الجناح العسكري لحماس، إنها دمرت ناقلة جند إسرائيلية بصاروخ الياسين 105 في حي السلام شرق رفح مما أدى إلى مقتل بعض أفراد طاقمها وإصابة آخرين.
وفي عرض موجز لتحركاته، قال الجيش الإسرائيلي إن قواته قضت على “عدة خلايا لمخربين مسلحين” في معارك مباشرة على جانب قطاع غزة من معبر رفح. وفي شرق رفح، قال الجيش الإسرائيلي إنه قضى أيضا على مسلحين وموقع تُطلق منها صواريخ على قوات الجيش الإسرائيلي.
وأمرت إسرائيل المدنيين بإخلاء أجزاء من رفح، وتقدر وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) في غزة أن زهاء 450 ألف شخص فروا من رفح منذ السادس من مايو أيار. ويلوذ بالمدينة أكثر من مليون مدني.
وينتقل الناس لأراض خاوية، بما في ذلك منطقة المواصي وهي شريط محاذ للساحل تصفها إسرائيل بأنها منطقة إنسانية. وحذرت وكالات الإغاثة من أن المنطقة تفتقر للمنشآت الصحية وغيرها من المرافق اللازمة لاستيعاب تدفق النازحين.
وتقول الأمم المتحدة إن الحرب دفعت الكثير من سكان غزة إلى شفا المجاعة ودمرت المنشآت الطبية بالقطاع، إذ تعاني المستشفيات التي لا تزال تعمل من نقص الوقود اللازم لتشغيل مولدات الكهرباء وغير ذلك من الإمدادات الأساسية.
وقال وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس أمس الثلاثاء إن مهمة “منع حدوث أزمة إنسانية في قطاع غزة تقع الآن على عاتق أصدقائنا المصريين”. وأضاف أنه يتعين “إقناع مصر بإعادة فتح معبر رفح”.
ورد وزير الخارجية المصري سامح شكري بغضب على تصريحات كاتس بالقول في بيان إن سيطرة إسرائيل على معبر رفح وعملياتها العسكرية في المنطقة هي العائق الرئيسي أمام إدخال المساعدات.
وقال سكان ووسائل إعلام فلسطينية إن إسرائيل طلبت من التجار في غزة استعادة البضائع التجارية العالقة عند معبر كرم أبو سالم الحدودي في إسرائيل منذ هجوم حماس في السابع من أكتوبر تشرين الأول.
ودخلت شاحناتهم رفح أمس عبر بوابة على الخط الحدودي بين غزة ومصر حيث تتمركز الدبابات الإسرائيلية، وهي أول إمدادات من نوعها خلال الهجوم البري الإسرائيلي على غزة في شرق رفح. ولم تعلق إسرائيل.
وقالت محكمة العدل الدولية إنها ستعقد جلسات استماع يومي الخميس والجمعة لبحث إجراءات طوارئ جديدة طلبت جنوب أفريقيا فرضها بسبب الهجمات الإسرائيلية على مدينة رفح في قطاع غزة. وتقول قطر إن العملية الإسرائيلية في رفح أدت لتعثر محادثات وقف إطلاق النار.
ويأتي طلب جنوب أفريقيا في إطار قضية مستمرة تتهم فيها إسرائيل بارتكاب أعمال إبادة جماعية ضد الفلسطينيين، ووصفت إسرائيل القضية بأنها لا أساس لها من الصحة. وقالت المحكمة إن إسرائيل ستقدم يوم الجمعة آراءها بشأن الشكوى الأخيرة لجنوب أفريقيا.
صحيفة رأي اليوم الالكترونية