الجزائر تفشل في اقحام ملف الصحراء في قمة البحرين
فشلت مساعي الجزائر في إقحام جامعة الدول العربية في نزاع الصحراء المغربية لجعله ضمن أجندة برنامج القمة العربية المرتقبة التي تحتضنها البحرين في 16 مايو/أبريل الجاري، رغم الضغط الإعلامي والسياسي الذي مارسته بهذا الصدد لاسيما أن غالبية الدول العربية تتوافق مع الرؤية المغربية ومقترحها باعتباره الحل الوحيد للنزاع المفتعل؟
ونقل موقع “الصحيفة” المغربي عن مصادر مسؤولة في جامعة الدول العربية أن “الجامعة ستَبقى بعيدة عن الملف وسيادة الدول العربية الأعضاء على أراضيها، ولن تكون هذه السيادة مطروحة في أي وقت للنقاش أو المساومة”.
وهو ما أكدته تصريحات المتحدث باسم الأمين العام لجامعة الدول العربية جمال رشدي لـ”بي.بي.سي” إن “وقف إطلاق النار والحرب في غزة سيحتل مكاناً متقدماً على أجندة القمة بكل تأكيد”.
وإضافة لحرب غزة تحدث المختصون عن أبرز الملفات المتوقع طرحها على الطاولة العربية، مثل الحرب السودانية التي دخلت عامها الثاني وتتجه “بسرعة نحو وضع مرعب جداً ومثير للقلق الشديد، والوضع الإنساني ربما هو الأسوأ في العالم”، بحسب رشدي.ولم يتم التطرق من قريب أو بعيد للنزاع المفتعل في الصحراء بحسب ما تُروج وسائل إعلام جزائرية تحدّثت عن ضمه إلى أجندة القمّة المقبلة.
برنامج القمة العربية المقبلة سيتطرّق بالدرجة الأولى إلى تطورات القضية الفلسطينية والوضع في قطاع غزة، والتحديات الأمنية والاقتصادية التي تجابه المنطقة العربية عموما.
وحل رئيس الحكومة المغربية عزيز أخنوش، الأربعاء بالمنامة لتمثيل العاهل المغربي الملك محمد السادس في أعمال الدورة الثالثة والثلاثين لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة.
ووجد رئيس الحكومة في استقباله بمطار البحرين الدولي الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة. فيما يضم الوفد المغربي في هذه القمة بالخصوص ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج.
وأكدت مصادر مطلعة بأن برنامج القمة المقبلة سيتطرّق بالدرجة الأولى إلى تطورات القضية الفلسطينية والوضع في قطاع غزة، والتحديات الأمنية والاقتصادية التي تجابه منطقتنا العربية عموما، مع ما تفرضه المستجدات الأخيرة منذ آخر قمة، من ضرورة التوصل إلى قرارات بناءة تسهم في تعزيز التضامن العربي ودعم جهود إحلال السلام والأمن والاستقرار في المنطقة.
وكثيرا ما أقحم الإعلام الجزائري تصريحات لمسؤولين أجانب وزعماء دول، بنسب الحديث أحيانا أو التأويل أحيانا أخرى بشأن قضية الصحراء كما حدث لقاء الرئيس عبدالمجيد تبون مع الرئيس رجب طيب أردوغان، حيث خرج الإعلام الجزائري بنسخة أحادية ونقل عن تبون قوله “سجلنا توافقا في وجهات النظر بين الجزائر وتركيا حول ملفات دولية على غرار مالي والنيجر والصحراء” المغربية في حين لم يتحدث أردوغان نهائيا عن قضية الصحراء ولم تنقل وسائل الإعلام الرسمية التركية عنه أي تصريح مشابه.
ونقلت وسائل إعلام جزائرية، من بينها صحيفة “الشروق” المقربة من النظام الحاكم، هذه التصريحات عن تبون الذي حمل تركيا موقفا جديدا يهم قضية الصحراء لم يسبق لها أن اتخذته، إذ لطالما حرصت أنقرة على موقف حذر من هذه القضية لعدم الإضرار بمصالحها فهي تحاول الحفاظ على توازن في العلاقات لضمان مصالحها ولن تغامر بعلاقاتها مع الرباط ومواقفها دائما براغماتية لا تغضب الجزائر ولا تستفز المغرب.
ويبدو أن التلفيقات الجزائرية بخصوص المواقف الدولية من قضية الصحراء المغربية تشمل جميع اللقاءات الرسمية الجزائرية مع مسؤولي الدول الغربية والإقليمية، إذ سبق أن قام الإعلام الجزائري بتحوير تصريحات أميركية بهذا الخصوص لترد واشنطن وتدحض الشائعات الجزائرية حول موقفها.
كما أن وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف لم يفوت فرصة لقائه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في يناير/كانون الثاني الماضي، دون إثارة النزاع المفتعل بالصحراء المغربية. وحاول التركيز على القضية لكنه لم يخرج بنتيجة، بحسب ما أظهر البيان الصحافي لعطاف، باعتبار أن المسار الأممي للملف واضح وهو البحث عن حل واقعي وقابل للتنفيذ مع الإشادة بمقاربة المغرب المتمثلة في الحكم الذاتي تحت السيادة.
وفي مارس/آذار الماضي، خرج الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون بتصريح في حوار خاص على القنوات الجزائرية الرسمية، قال فيه إن “قضية الصحراء هي قضية تصفية استعمار ولو تم استعمال منطق العقل بدل منطق القوة لتم إيجاد الحل”، قبل أن يضيف أنه “لا يوجد قرار للجامعة العربية حول سيادة المغرب في الصحراء”.
ولم يكتف تبّون حينها بهذا التصريح، بل عاد للقول إن “قرار الجامعة العربية القديم بالاعتراف بسيادة المغرب في موريتانيا لا نحاسب عليه، لأننا لم ننل حينها استقلالنا.. ” مضيفا “تشرذم الدول العربية يكفي ولا أريد أن أزيد الطين بلة بالتعليق على اعتراف الجامعة العربية بسيادة المغرب على أراضي موريتانيا”. وفق تعبير تبون وهو يُحاول ربط موضوع دعم مجلس الجامعة العربية للمغرب في دعواه بضم موريتانيا، بملف الصحراء المغربية، وهو ما استنفرت له أروقة الجامعة حينها.
ويبدو أن موقف دول الخليج يثير استياء السلطات الجزائرية، حيث أكد وزراء خارجية دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، في مارس/آذار الماضي في الرياض، على المواقف والقرارات الثابتة للمجلس، المؤيدة لمغربية الصحراء.
وشدد الوزراء على المواقف والقرارات الثابتة للمجلس والداعمة للحفاظ على أمن واستقرار المملكة المغربية وسيادتها التامة على صحرائها، والمساندة لمبادرة الحكم الذاتي كحل وحيد في إطار سيادة المغرب ووحدته الوطنية والترابية.
وجاء هذا التأكيد في ختام جلسة العمل المشتركة التي جمعت، بمقر الأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج، ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج مع وزراء خارجية دول أعضاء المجلس.
وتحتضن المنامة في 16 مايو/أيار الجاري، لأول مرة اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمّة في دورته العادية الثالثة والثلاثين، في ظروف استثنائية تواجه المنطقة العربية والمغاربية، سواء على المستوى الإقليمي أو ما يتعلق بتفاعلات النظام الدولي، في مقدمتها التطورات المفصلية التي تشهدها المنطقة ارتباطا بالعدوان الإسرائيلي على غزة منذ عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.
ميدل إيست أون لاين