مشاعر الإسرائيليين متباينة بين العزلة والظلم وسط موجة الانتقادات
عديد الإسرائيليين يعتبرون الحرب على حركة حماس بمثابة “صراع وجودي”، بينما يعتقد آخرون أن العالم ضدهم.
يشعر الإسرائيليون بالعزلة والظلم وسط موجة الانتقادات التي تطال الدولة العبرية ما بين تهديدات من المحاكم الدولية والتنديد بقصف أودى بالعشرات في مخيم للنازحين الفلسطينيين في رفح بجنوب قطاع غزة وتظاهرات تعم الجامعات الغربية تأييدا للفلسطينيين.
وكانت إسرائيل واثقة بعد هجوم حركة حماس غير المسبوق على أراضيها في السابع من أكتوبر/تشرين الأول من أنها ستحصل على دعم ثابت من حلفائها كما من قسم كبير من الرأي العام الدولي، غير أن التعاطف معها تراجع على وقع استمرار قصفها المدمر لقطاع غزة حيث حددت هدفا لها “تدمير” الحركة.
أثارت ضربة إسرائيلية في 26 مايو/أيار على رفح بأقصى جنوب القطاع، أودت بحياة 45 شخصا في مخيم للنازحين بحسب وزارة الصحة التابعة لحكومة حماس، حملة تنديد عمت العالم من اسطنبول إلى بكين ومن واشنطن إلى باريس.
وردا على هذه الضربة، تداول أكثر من 47 مليون حساب عبر العالم على إنستغرام صورة ولّدها الذكاء الاصطناعي وتحمل شعار “كل العيون على رفح” الذي بات وسما منتشرا على الموقع.
وقالت ناتالي الفرنسية الإسرائيلية طالبة عدم كشف كنيتها “إنها مأساة للجميع”، مشيرة كذلك إلى مصير المدنيين الفلسطينيين، مضيفة “بما أن الجميع متصل بالإنترنت، نرى ما يجري، نشعر أننا مكروهون فعليا من الجانبين”.
وتابعت “نشعر بأننا متهمون بأننا مستعمرون وإمبرياليون، في حين أننا نرى أنفسنا لاجئين”، في إشارة إلى اليهود الذين وصلوا إلى المنطقة قبل وبعد 1948، عام “النكبة” التي أرغم خلالها نحو 760 ألفا منهم على ترك موطنهم.
ولفتت داليا شيندلين المحللة السياسية العاملة في تل أبيب إلى أن الإسرائيليين يعتبرون الرد الإسرائيلي على هجوم حركة حماس بمثابة “صراع وجودي”.
ففي ذلك اليوم أوقع الهجوم الأسوأ في تاريخ الدولة العبرية 1189 قتيلا، معظمهم مدنيون، بحسب تعداد لوكالة فرانس برس يستند إلى أحدث البيانات الإسرائيلية الرسمية.
كما احتُجز 252 رهينة ونقلوا إلى غزة. وبعد هدنة في نوفمبر/تشرين الثاني سمحت بالإفراج عن نحو مئة منهم، لا يزال 121 رهينة محتجزين في القطاع، بينهم 37 لقوا حتفهم، بحسب الجيش.
وردت إسرائيل متوعدة بـ”القضاء” على حماس وهي تشن منذ ذلك الحين حملة قصف مدمر على قطاع غزة أتبعتها بعمليات برية، ما تسبب بسقوط 36379 قتيلا، معظمهم مدنيون، وفق وزارة الصحة التابعة لحماس.
وفي محاولة للتعبير عن الشعور السائد في إسرائيل، تصف شيندلين “معاناة مشروعة” للإسرائيليين الذين ما زالوا تحت وطأة “صدمة” هجوم حماس، مبدية في الوقت نفسه أسفا “للأعمال المدمرة وغير المقبولة” ضد المدنيين في قطاع غزة.
وقالت الباحثة إن الإسرائيليين “يعتقدون أن العالم ضد إسرائيل. يشعرون بأن العديد من الهيئات والدول معادية للسامية وأن هناك ازدواجية في المعايير”.
وشددت على أن “رؤية إسرائيل متّهمة من محكمتين دوليتين بارزتين بأسوأ الجرائم في العالم التي يعتقد الإسرائيليون أنها ارتُكبت بحقهم وحدهم” أمر “يصعب جدا” عليهم تقبله.
وأمرت محكمة العدل الدولية إسرائيل بوقف هجومها على مدينة رفح في حكم صدر إثر رفع جنوب إفريقيا شكوى إلى الهيئة القضائية العليا في الأمم المتحدة متهمة إسرائيل بارتكاب “إبادة جماعية”، فيما طلب المدعي العام لدى المحكمة الجنائية الدولية كريم خان إصدار مذكرات توقيف بحق مسؤولين إسرائيليين في طليعتهم رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو وثلاثة من قادة حماس.
وأوضحت الباحثة المتخصصة في استطلاعات الرأي السياسية في إسرائيل أن الإسرائيليين يرون أن هجوم حركة حماس “يفترض أن يبرر كل ما تفعله إسرائيل”.
ويمكن رؤية صور الرهائن المحتجزين في قطاع غزة معلقة في كل مكان في إسرائيل، منذ الوصول إلى مطار تل أبيب وحتى الخروج في شوارع المدينة.
وردا على صورة “كل العيون على رفح”، نظّمت في إسرائيل حملة مضادة على مواقع التواصل الاجتماعي حيث انتشرت صورة مركبة لوجوه الرهائن يعترضها شعار “إن كانت عيونكم على رفح ساعدونا في العثور على الرهائن”.
وأظهر استطلاع للرأي أجراه معهد “بيو ريسيرتش سنتر” قبل قصف مخيم النازحين في 26 مايو/أيار، أن 40 في المئة من الإسرائيليين كانوا يعتقدون أن الدولة العبرية ستحقق “بلا أي شكّ” كل أهدافها الحربية ضد حماس.
وبحسب الاستطلاع، فإن 4 في المئة فقط من الإسرائيليين كانوا يعتقدون أن الرد العسكري الإسرائيلي في غزة ذهب “أبعد مما ينبغي”.
وفي القدس، رأت أني ديكبيكيان الأرمنية المولودة في المدينة أن الحرب زادت “الكراهية” من الجانبين، مضيفة “هذا له وقع علينا، وأتكلم بصفتي مسيحية” متمنية عودة “السلام والمحبة والاحترام”.
ميدل إيست أونلاين