بينما يحتج الشارع الإسرائيلي على نتانياهو تحت شعار (توقف عن الكذب، وأعد الرهائن) يستمر رئيس وزراء إسرائيل بتمسكه بكل ما يعيق الوصول إلى اتفاق مع حماس.
وبينما تصر حماس على ضرورة تضمين أي اتفاق انسحابا كاملا من غزة وخاصة من فيلادلفيا، وعودة للفلسطينيين إلى شمال القطاع بحرية، بينما تتطرف إسرائيل بمواقفها وتتمسك المقاومة بحقوقها، يتضح أن طريق الاتفاق على وقف للنار مسدود ولا أمل في الوصول إلى نهايته، خاصة وأن إسرائيل توسعت بعدوانها إلى الضفة الغربية ودمرت الكثير في جنين، وطولكرم، وتوباس وغيرها.
رغم كل ذلك تعلن الادارة الأمريكية عن انشغالها في إنجاز (صيغة اتفاق لوقف النار وتبادل الرهائن) وتعتبرها الصيغة الأخيرة، وستطرحها على الطرفين وفق مبدأ (خذها أو أتركها) كي لا تغرق في تفاصيل التعديلات التي عطلت وتعطل أي اتفاق بمجرد فتح الباب لها.
ومع انسداد آفاق التسوية. يعلن رئيس الأركان المشتركة الأمريكي الجنرال براون تخوفه من فشل مساعي الوصول إلى اتفاق. ويشمل تخوفه ألا يتولد عن هذا الفشل توسع للصراع وتمدد للحرب. ويؤكد الجنرال بروان أن أمريكا وحلفاؤها يتخذون كل الإجراءات اللازمة لمنع توسع الحرب في المنطقة. فهل ستكون المنطقة بالفعل مهددة بتوسع الحرب إن فشلت التسوية؟؟ وهل منع أمريكا لتوسع الحرب يعني قبولها باستمرار الحرب كما هي ضد الفلسطينيين.
طبعا توسع الحرب سيبدأ من لبنان حيث تتوجه الأنظار الإسرائيلية إلى جبهة الجنوب بأمل تحقيق (هيكلة أمنية عسكرية) جديدة على الحدود مع لبنان. وبينما تل أبيب تستعد لحرب تحقق لها هدفها، تسعى الادارة الأمريكية لتحقيق ذلك بالتفاوض والدبلوماسية. والمشكلة أن الحماقة الإسرائيلية إذا انزلقت الى الهجوم على لبنان ستضع إسرائيل في مرمى قوة حزب الله التي تطال كل بقعة فيها. وهذا لابد سيجر أمريكا وإيران للتدخل.
وستشمل الحرب اليمن والعراق وسورية فتشتعل حربا واسعة مدمرة وهذا ما لا تريده الادارة الأمريكية التي تتحضر للانتخابات الرئاسية، وما لا تريده إيران أيضا، وفقط نتنياهو ومجانينه يسعون له.
اليمين الإسرائيلي الحاكم لا يهتم بحياة الرهائن الإسرائيليين، ولايهتم بمصالح الإدارة الأميركية الحالية، ولايهمه لا الأمن ولا الاستقرار بالمنطقة كما أكد توماس فريدمان في مقاله الأخير. ويفضل نتنياهو وشركاؤه الاستغراق في الحرب لتحقيق خرافات الأيديولوجية بإنهاء القضية الفلسطينية. وأمريكا لم تقرر بعد أن تجبر تل أبيب على قبول الاتفاق. والعرب لم يجدوا بعد طريقهم لتفعيل فعلهم الدبلوماسي ضد الإبادة الإسرائيلية للفلسطينيين، ولم يعثروا على سبيلهم لاتخاذ موقف فاعل وعملي وموحد من الجنون الإسرائيلي الذي يستهدفهم جميعا وتباعا.
وهكذا لا يبقى في الساحة إلا قوة المقاومة للتصدي لإسرائيل وعدوانها المتمادي ضد الشعب الفلسطيني الأعزل والمحاصر بالنار والتشرد والجوع و المرض. خاصة وأنه إذا تكرس فشل الوصول إلى اتفاق وقف النار وتبادل الرهائن فإن الخطر الصهيوني يتعاظم، وتصبح المنطقة أمام خطر الانزلاق الفعلي إلى حرب أوسع وأخطر، ولا بد من موقف عربي يساند المقاومة. ولا بد من موقف للمقاومة يفعل استعادتها لعمقها العربي بالتنسيق الحقيقي والفعال مع الدول العربية.
بوابة الشرق الأوسط الجديدة