وسط الترويج لانتقاد الادارة الأمريكية لسياسة نتنياهو تطالعنا نيويورك تايمز بخبر معبر جدا يقول أن (قائد الجيوش الأمريكية “رئيس الأركان المشتركة” تابع العملية الإسرائيلية ضد مصياف من غرفة عمليات الشمال في الأركان الإسرائيلية). وطبعا قائد جيوش عندما يتابع عملية عسكرية فهو لابد أن يشارك بقيادتها والإشراف على تنفيذها. الأمر واضح فاضح. أمريكا شريك في العدوان على سورية المنفذ في مصياف، كما أنها شريكة في الحرب الإسرائيلية الجارية في المنطقة، والخلاف بينهما حول الشكل والترويج والتكتيك وليس حول الأهداف والتوجه الاستراتيجي.
بموازاة عدوان مصياف وبالتزامن معه، جددت الادارة الأمريكية جميع صفقات السلاح التي قدمتها لإسرائيل خلال العام الماضي. وفوقها قدم البيت الأبيض هذا الأسبوع معدات عسكرية ب 160 مليون دولار لتل أبيب دون المرور على الكونغرس. وأبلغ ما تتجلي فيه الشراكة الأمريكية لإسرائيل في عدوانها على غزة هو تزويدها بأخطر أنواع الأسلحة تدميرا وإبادة وبالمعلومات الاستخبارية الخبيثة القاتلة.
وبينما تبشر أمريكا العالم وتعده بمبادرة جديدة لاتفاق وقف للنار وتبادل للرهائن، يخرج نتنياهو على العالم بقراره العلني الوقح (توسيع التصعيد على الجبهة الشمالية)، أي توسيع الحرب. ومنذ بداية العدوان الإسرائيلي ضد غزة تنادي واشنطن معلنة أنها ضد توسيع الحرب. وبينما تكرر أميركا تأكيد رفضها توسيع الحرب يصدر نتنياهو قرارا رسميا بتوسيع الحرب في الشمال ضد الجنوب اللبناني. ولم نسمع أي اعتراض أمريكي على هذا التوسع. حتى هوكشتاين الذي زار تل أبيب هذا الأسبوع لم يأت لمنع التوسع بالحرب، بل جاء لبحث تفاصيل ترسيم بري مع لبنان يأمل بإنجازه قبل نهاية ولاية بايدن.
يبدو أن نتنياهو يتصرف بكل تهوره لانه متأكد من الدعم الأمريكي لما يقوم به، والعدوان على مصياف هو توسيع للحرب الذي تسعى إسرائيل لتحقيقه مما سيجعل من سوريا ولبنان ساحة واحدة، وهذا ما يضع المنطقة في حالة تهديد بانفجار خطير لن يقف عند حدود المنطقة ولن تكون إسرائيل مطلقة اليد فيه، خاصة وأن المقاومة تتوعد برد قاهر، إضافة إلى تدخل إيران بقوة. وكل ذلك يطال حتما المصالح الأمريكية في المنطقة والعالم؟؟ فهل ستستمر واشنطن في الاستغراق بالرقصة الإسرائيلية الشيطانية في المنطقة؟؟
لو كانت واشنطن تنوي وقف الحرب فعلا لكانت أوقفتها منذ البداية، خاصة وأن رقبة إسرائيل بيدها. وقد ذكرنا هذا الأسبوع كاتب مرموق بما جاء في كتاب (الحرب بوسائل أخرى) للكاتبين الأميركيين روبرت بلاكويل و جنيفر هاريس، الصادر في العام 2016 حيث أورد الكاتبان كيف اجبر الرئيس الأمريكي دوايت أيزنهاور بريطانيا العظمى على وقف غزوها والانسحاب من مصر في عدوان 1956 الثلاثي بمشاركة فرنسا وإسرائيل. وبمجرد أن هدد بريطانيا بالعمل على خفض قيمة الجنيه الإسترليني إذا لم تنه غزوها لمصر، وإذا لم تنسحب من قناة السويس، بمجرد أن هددها انسحبت بريطانيا من مصر ومن المشاركة بالعدوان الثلاثي ومن القناة. فإذا كانت واشنطن قادرة على ضبط إمبراطورية عظمى مثل بريطانيا ألا تستطيع أن تلجم كيان كإسرائيل؟؟ والسؤال هل تريد واشنطن أن تلجمها فعلا؟؟ وهل واشنطن بالفعل ضد استمرار وتوسيع الحرب لتصبح حرباً طويلة ومستمرة وعميقة؟؟؟
الأيام والأحداث تجيب بصدق أكبر!!!
بوابة الشرق الأوسط الجديدة