تحليلات سياسيةسلايد

هل ستُقدِم حركة “حماس” على إعدام الأسرى الإسرائيليين

عبد الباري عطوان

بعد التوصّل إلى قرارِ وقفِ إطلاق النّار “الهش” بين دولة الاحتلال الإسرائيلي وحركة المُقاومة الإسلاميّة اللبنانيّة “حزب الله” عادَ التّركيز الأمريكي الإسرائيلي على قطاع غزة مجددًا، سواءً من خلال العودة إلى مُفاوضات الهدنة، أو بتكثيف مجازر حرب الإبادة والتّطهير العِرقي لمُمارسة ضُغوط على المُقاومة التي تقودها حركة “حماس” في إطار قناعة ربّما تكون وهميّة، مفادها أنّ خُلفاء الشّهيد يحيى السنوار في القيادة ربّما يكونون أكثر مُرونةً وأقل تشدّدًا.

تّهديدات ترامب التي توعد فيها فتح أبواب الجحيم على حركة “حماس”

 التّهديدات التي أطلقها الرئيس الأمريكي القادم دونالد ترامب بعد عشائه مع سارة نتنياهو وتوعّد فيها فتح أبواب الجحيم على حركة “حماس” إذا لم تفرج عن الأسرى الإسرائيليين (101 أحياء حتّى الآن) وعليها أن تتوقّع دفع ثمن باهظ ومكلف جدًّا إن لم تنفّذ هذا الطّلب، هذه التّهديدات هي العنوان الأبرز للمرحلة القادمة في الصّراع العربي- الإسرائيلي.

هذه التهديدات لن تأتي أكلها لسببين: الأوّل: أنّ ما تعيشه الحاضنة الشعبيّة للمقاومة في القطاع أخطر بكثير من الجحيم. فلا يمر يوم دون استشهاد مئة مدني فِلسطيني في مجازر جيش الاحتلال وغارات طائراته المسيّرة أو صواريخه الأمريكيّة الصّنع، معظمهم من النّساء والأطفال أيضا. علاوةً على الاستخدام المفرط لسِلاح التّجويع، وضنك الحياة في الخيام البالية. التي تتحوّل إلى أفرانٍ في الصّيف، وثلّاجات في صقيعِ الشّتاء.

فإذا كانَ استشهاد ما يقرب الخمسين ألفًا، وإصابة مئتيّ ألف آخرين ليس هو الجحيم الذي يتحدّث عنه ويهدّد بفتح أبوابه الرئيس ترامب فما هو الجحيم إذن؟

بيان حركة “حماس” ويتحدّث عن إقدام الحركة على إعدام جميع الأسرى الإسرائيليين

الجديد في هذا المِلف الذي لا يمكن تجاهله أو القفز عنه. ذلك البيان الدّاخلي الذي قِيل أنه صدر عن حركة “حماس”، ونقلته وكالة “رويترز” العالميّة للأنباء. ويتحدّث عن إقدام الحركة على إعدام جميع الأسرى الإسرائيليين في حالِ تنفيذ الجيش الإسرائيلي هجومًا وشيكًا للإفراج عنهم. على غرارِ عمليّةٍ مماثلة نفّذها في مِنطقة النصيرات وسط القطاع، نجحت في الإفراج عن أربع رهائن في حزيران (يونيو) الماضي. ولكن بعد ارتكاب مجزرة راح ضحيّتها أكثر من 200 شهيد.

الأمر المؤكّد أنّ تهديدات ترامب لن يكون لها أيّ تأثير على أبناء القطاع أو مقاومته الصّامدة منذ 14 شهرًا. وفشلت كل الضّغوط والمجازر في دفعها للتّنازل عن ملّيمتر واحد من شروطها في جولات المفاوضات برعايةِ ممثّلي أمريكا ووسطاء عرب سواءً في القاهرة أو الدوحة.

التشكّيك بصحة البيان لانه لا ينبع من عقيدتها الإسلاميّة

أمّا إذا انتقلنا إلى ما يسمّى بالبيان الدّاخلي لحركة “حماس” الذي تضمّن تهديدًا بقتل الأسرى. الذي حظي بتغطيةٍ إعلاميّةٍ واسعةٍ عربيًّا ودوليًّا، فإنّنا ما زلنا نشكّك بصحّته. والنّوايا الخبيثة وراء ترويجه. فحركة “حماس” لا يمكن أن تقدم على هذه الخطوة. انطلاقًا من استراتيجيّتها التي تنبع من عقيدتها الإسلاميّة وتؤكّد على المعاملة الحسَنة للأسرى. فجميع الأسرى الإسرائيليين الذين جرى الإفراج عنهم، سواءً في إطار الاعتبارات الإنسانيّة، أو في إطار اتّفاقٍ دوليّ، أو حتّى بالقوّة، مثلما حصل في مخيّم النصيرات، أشادوا بالمُعاملة الإنسانيّة المسؤولة التي عوملوا بها من قِبَل حرّاسهم من أبناء الحركة طِوال فترة أسرهم، مِثل المعاملة الطبيّة الجيّدة، وعدم تعرّضهم لأيّ تعذيب جسماني أو نفسي، والأكل من الطّعام نفسه لحرّاسهم دون أيّ تمييزٍ أو تجويع.

ختامًا، وفي ظِل قرب العودة إلى مفاوضات وقف إطلاق النّار في القاهرة والدوحة للإفراج عن الأسرى من الجانبين، نتمنّى على حركة “حماس” أن تصدر توضيحًا تؤكّد فيه عدم دقّة هذا البيان الدّاخلي، وما تضمّنه من تهديداتٍ بالقتل للأسرى لأنّ من يقتلهم هو بنيامين نتنياهو وجيشه ومسيّراته، وليس الحركة التي توفّر لهم كل شروط الرّاحة والمعاملة الكريمة وفق تعاليم الشّريعة الإسلاميّة السّمحاء.

عدم الرّضوخ للضّغوط الأمريكيّة العربيّة للوصول إلى اتّفاقٍ لوقف إطلاق النّار والإفراج عن الأسرى،

الأمر الآخر الذي يتوجب علينا التّذكير به في هذه العجالة، هو حتميّة التمسّك بإرث الشّهيد البطل يحيى السنوار في عدم التّنازل، والسّير على نهجه في عدم الرّضوخ للضّغوط الأمريكيّة العربيّة، وتقديم تنازلات للوصول إلى اتّفاقٍ منقوصٍ لوقف إطلاق النّار والإفراج عن الأسرى، فها هو نتنياهو يرتكب، وقوّاته، أكثر من مئة اختراق لوقف إطلاق النّار الذي جرى التوصّل إليه في لبنان قبل سبعة أيّام فقط، وتنصّله من معظم، إن لم يكن كل بنوده، حيث لم يكتفِ بمنع النّازحين اللبنانيين من العودة إلى قراهم وبلداتهم في الجنوب، بل أقدم على قتل العديد منهم بالرّصاص الحي، ولم يتردّد في إرهابِ قوّات الجيش اللبناني، وفرق المراقبين الدّوليين، وقتل العديد منهم.

المقاومة التي أبدعت في التّخطيط والتّنفيذ لمعجزة “طوفان الأقصى” ودمّرت هيبة دولة الاحتلال وجيشها. وقوّضت الأُسس التي قامَ عليها المشروع الصّهيوني بنسفِ أساطير القوّة والأمن والتفوّق العسكري والاستخباري لن تستسلم. وستواصل المقاومة حتّى النّصر السّاحق.. والأيّام بيننا.

صحيفة رأي اليوم الألكترونية

لزيارة موقع بوابة الشرق الاوسط الجديدة على الفيسبوك

لزيارة موقع بوابة الشرق الاوسط الجديدة على التويتر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى