فن و ثقافة

الحركة السياسية في سورية قبل وبعد السقوط (الحلقة الأولى)

عماد نداف

إن أحد أكبر الأخطار التي وقعت فيها سورية خلال الحقبة الماضية، هي تهميش العمل السياسي، وتأطيره في مؤسسة جامدة، إضافة إلى تحويل الإعلام إلى ماكينة تحتاج إلى طاقة وخطة عمل لذلك ظلت تعمل من دون حركة، أي أن أهم عاملين في المجتمع الحضاري تم الإطباق عليهما .

 

ففي تاريخ الحياة الحزبية في سورية، عرفت البلاد حركة نشطة، تم التعبير عنها في طيف واسع من الحياة الحزبية، برزت فيها أحزاب هامة قبل  الاستقلال وبعده، فتلاشت الأحزاب القوية بعد حركة 8 آذار 1963، وبقيت هياكل أحزاب تعمل في ظروف صعبة من بينها :

حزب البعث العربي الاشتراكي وقد تشظى إثر الموقف من الانفصال، الحزب الشيوعي السوري، حركة الاشتراكيين العرب، الحزب القومي السوري، حزب الإخوان المسلمين، حزب التحرير الإسلامي، الاتحاد الاشتراكي العربي ..

بدأ الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، الخطوة الأولى بحل الأحزاب في وحدة 1958، وبعد الانفصال جرت محاولات لإعادة الحياة الحزبية، ثم خمدت المحاولة مع حركة 1963، وتفيد التفاصيل الحقيقية لانقلاب 1963 أن من قام بالحركة هم الناصريون والبعثيون، وقد استُجِر الناصريون إبان حركة 18 تموز من العام نفسه، أي بعد عدة أشهر من الانقلاب إلى مذبحة ذهب ضحيتها نحو مائتي شخص بين الإذاعة في ساحة الأمويين والأركان المجاورة لها ، وتلاشى الناصريون من التحالف، وبقي حزب البعث في الحكم، حيث بدأ صراع الأجنحة فيه .

أثمر الصراع بين أجنحة حزب البعث عن إسقاط اليمين في شباط 1966 بعد تفكيك المحموعات الصغيرة، ثم تم إسقاط اليسار (صلاح جديد ، نور الدين الأتاسي ، يوسف زعين) في تشرين الثاني 1970 بقيادة الرئيس الراحل حافظ الأسد ، واستمر هذا الجناح حتى كانون الأول 2024 .

عندما سقط نظام بشار الأسد ، لم يكن في سورية حراك سياسي مشروع إلا من خلال الجبهة الوطنية التي شكلت في 7 آذار 1971، وبعض القوى والتحزبات الجديدة المؤيدة التي نشأت خلال الحرب ، وأحزاب الجبهة تراجعت في أدائها السياسي بالتدريج، وتآكلت بفعل الانشقاقات الكثيرة، ولم نلمس أي فعالية لها في الآونة الأخيرة ، بل أن أخبارها حجبت عن الإعلام المحلي وتوقف الدعم عنها .

تشمل هذه القوى حزب البعث نفسه إضافة إلى جناحين من الحزب الشيوعي السوري وأحد أجنحة الحزب القومي الاجتماعي (القومي السوري سابقا)، وهناك الاتحاد الاشتراكي العربي وحزب العهد الوطني والوحدويين الاشتراكيين والحزب الوحدوي الاشتراكي الديمقراطي .

عندما سقط النظام انكفأت هذه الأحزاب عن التواجد في المقر الرسمي للجبهة، وأعلن حزب البعث تجميد نفسه وسعت بعض الأحزاب إلى تشكيل موقف أولي من التغييرات الجديدة ، وسأرصدها في الحلقة القادمة .

بوابة الشرق الأوسط الجديدة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى