تحليلات سياسيةسلايد

على إسرائيل استغلال طرد إيران والاعتراف بسوريّة وبقادتها الجُدُدْ عاجلاً أمْ آجلاً كما فعلت بالماضي مع التنظيمات السلفيّة..

زهير أندراوس

رأى المستشرق الإسرائيليّ، جاكي حوغي أنّهم “في الكيان هم على يقين من أنّ الجولاني جهاديٌّ تحت ستار حمامة وينسون أنّه في العقد الماضي كانت المؤسسة الأمنية على اتصالٍ مع المنظمات الجهادية في سوريّة، وفي هذه الأثناء تتلمس دول العالم طريقها إليها بقوة”، مضيفًا أنّه سيتعيّن على إسرائيل أنْ تعترف بالنظام الجديد في دمشق عاجلاً أم آجلاً.

 

وتابع في مقالٍ نشره بصحيفة (معاريف) العبريّة: “تصعد الوفود واحدًا تلو الآخر إلى دمشق لرؤية المعجزة، ويستقبلهم أحمد الشرع الملقب أبو محمد الجولاني، بحفاوةٍ، في البداية كان الأتراك، وقد زار وزير خارجيتها فيدان دمشق مرتين منذ سقوط نظام الأسد، ومن بعده جاء الفرنسيون ومن بعدهم وصل الأمريكيون كما وصل ممثلون عن الحكومة الإيطالية تبعهم الأردنيون والقطريون”، لافتًا إلى أنّ “هذه ليست مجرد زيارات مجاملة، الجميع يريد أنْ يتساءل عن الرئيس الجديد ويقيم علاقة معه، كلّ حكومةٍ وقضيتها”.

وأردف: “سوريّة دولة مفككة مثل الشركة المفلسة وعلى الرغم من أنّ وضعها قاتم، وقد حصل الشرع بالفعل على مدينة خراب بخدمات أساسية معطلة، واقتصاد مدمر، وشعب مرعوب، ومزيج طائفي متشابك، إلّا أنّها تمثل فرصة اقتصادية هائلة للحكومات والمستثمرين”.

وأوضح أنّ مهمة الشرع الرئيسيّة هي استعادة الاقتصاد وهذه هي النقطة الرئيسية في اتصالاته مع الضيوف الأجانب وهو يحاول تسخيرها لإلغاء العقوبات الدولية المفروضة على سوريّة وعلى رأسها تلك التي فرضتها واشنطن، كما يحظر القانون الأمريكيّ التعامل مع البنك المركزيّ السوريّ، وبالتالي عزله فعليًا عن الاقتصاد العالميّ، مبينًا أنّ الشرع أكّد لضيوفه أنّ الجلاد غادر ولا يصح الاستمرار في معاقبة الضحية أيضًا.

وتابع: “في الوقت نفسه، يسعى إلى جمع المجموعات العرقية معًا وتحويل المجتمع السوريّ المصاب إلى وحدةٍ متماسكةٍ قدر الإمكان.. ويشير الشرع في كلّ خطاباته إلى ضرورة وحدة سوريّة وأراضيها وهذا يعني عدم التقسيم إلى كانتونات”.

ومضى قائلاً: “اللقاء الذي جمع الشرع بقادة التنظيمات الجهاديّة وأعلن عن حلّهم وضمّهم إلى الجيش الوطنيّ السوريّ، ولم يستجب الجميع لطلبه، الأكراد على سبيل المثال يرفضون ذلك، لكن الشرع ورجاله يعرفون أنّ الرحلة قد بدأت للتو.”

وذكّر المستشرق أنّه بالكيان يُعتقد أنّ الشرع نجح في أسر ضيوفه بسحره ومن ناحيةٍ أخرى لا ينبغي الاستهانة بالأمريكيين الذين يميلون إلى منحه الفرصة، خاصّةً وأنّ جيشهم رابض هناك في سوريّة منذ عدة سنوات ليحارب الإرهاب، طبقًا لأقواله، مُضيفًا أنّ الأمريكيين ودودون مع الأكراد ومن الممكن أنّهم يعرفون شيئًا لا نعرفه أوْ لا نجيد رؤيته.

ورأى أنّه “في إجراءٍ سريعٍ، ألغت واشنطن مكافأة قدرها 10 ملايين دولار لمن يأتي بمعلومات عن الشرع وبذلك “طهرت” الجولاني من “صورة الإرهابي” وأعطته نعمة الطريق ويبدو أنّ جميع الأشخاص الآخرين الذين زاروا دمشق قد أعطوه الحلال، وهذه هي البداية فقط”.

ومقارنة بالتهديدات فإنّ مسألة الفرص الكامنة في التغيير في سوريّة لا تناقش بالخطاب الإسرائيليّ وفي دول الجوار وأيضًا في عواصم الغرب ستجد في الخطاب العام سؤاليْن مَنْ هو الشرع وإلى أين يأخذ سوريّة؟ وهل يمكن إقامة علاقات معه؟

وأردف: “في بلدٍ مجاورٍ كنّا نظن أنّنا نعرف كلّ شيءٍ عنه تمّ عزل الرئيس بين عشية وضحاها تقريبًا، وحلّ محله شخص لا يعرف عنه سوى القليل، هذه هي حرب النهضة السورية، دولة جديدة تظهر أمام أعيننا، للأفضل أوْ للأسوأ يعتمد ذلك على قادتها، لكن ذلك يعتمد أيضًا على ما سيفعله الجيران ومدى مساعدتهم لهم على الوقوف على أقدامهم مرة أخرى”.

رسائل الشرع

وتابع المستشرق حوغي: “وجّه الشرع رسائل مصالحة علنية وقال إنّه لا ينوي مهاجمة إسرائيل وأنّ سوريّة منهكة، وأنّه لا يريد الحروب، ولماذا يريد ذلك مع الميراث الدمويّ الذي تلقاه، لقد مرّ سكان سوريّة بكارثة، وهي تتوقّع منه أنْ يصنع السلام ويعيد بناءها، إنّها تأمل في الحصول على بعض المساعدة من الجيران”.

وأوضح: “صحيح أنّه جهاديٌّ، لكن هذه ليست صفته الوحيدة، إنّه شخصية مفاجئة ومثيرة للاهتمام، وحتى نتفحصه بعمقٍ لن نعرف ما إذا كان يخفي لنا فرصة وما نوعها، إنّه وطنيٌّ سوريٌّ ذكيٌّ وبليغٌ وله صفة بديهيّة نادرة بين زعماء المنطقة فهو كثيرًا ما يتحدث إلى الجمهور ويتحدث مطولاً عن نواياه، خاصّةً وأنّه مرّ خلال حياته بتحولاتٍ عديدةٍ وفي العقد الأخير على وجه الخصوص”.

وأردف: “من الممكن الخوض في ماضيه الجهاديّ دون الاستسلام والتشهير به طوال اليوم وتجنب أيّ اتصالٍ معه، إنّ العلاقات مع الدروز في سوريّة ومع الأقلية الكردية مهمة، لكن هذيْن الاثنيْن لا يحكمان في دمشق اليوم، لقد أصبحت دول المنطقة متطورة وفي منطقتنا الجميع يتحدث مع الجميع، ودمشق الشرع طردت الإيرانيين وأعوانهم وتنادي جيرانها، ولا تملك إسرائيل ترف التنازل عن دراسة الجدوى، وهذه ليست مهمة معقدة لقد عرف المسؤولون الحكوميون في إسرائيل كيفية إيجاد الطريق إلى هؤلاء المتمردين في الماضي حتى بالنسبة للأقصى تطرفًا”.

ويؤكد جاكي أن الدين ليس عائقا أمام العلاقات بين الشركات أو الدول طالما لم يتم تعبئتها لاحتياجات سياسية.

تهديدات بينيت

هذا، وتطرق المستشرق إلى مقال نشره رئيس الوزراء الإسرائيليّ الأسبق نفتالي بينيت بصحيفة (واشنطن بوست) الأمريكية هذا الأسبوع خصصه للوضع في سوريّة.

وفي بداية المقال ذكر رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق أن إسرائيل تواجه لحظة حاسمة من الخطر والفرصة، مؤكِّدًا أنّه “على الأرجح أنّ الشرع سيظلّ سلفيًا جهاديًا، وتبقى عقيدته الأساسية كما كانت”.

ووجّه بينيت تهديدًا لحكام دمشق الجدد، حيث شدّدّ على أنّ “إسرائيل لن تنتظر لمشاهدة ما إذا كانت منظمة مثل (منظمة الجولاني) معتدلةً، لكنّها ستعمل على تحييد التهديدات قبل أنْ تظهر”.

صحيفة رأي اليوم الألكترونية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى