تحليلات سياسيةسلايد

أبوظبي توقف خليةً داعمة للجيش السوداني في غمرة التوتر مع الخرطوم

أعلنت السلطات الإماراتية، الأربعاء، إحباط محاولة تهريب شحنة من العتاد العسكري إلى الجيش السوداني عبر أراضيها، مؤكدة اعتقال خلية تعمل لصالح أطراف سودانية عسكرية، وتورطت في أنشطة ووساطات غير قانونية لتمرير أسلحة دون تصاريح رسمية، ويأتي ذلك في غمرة توترات واتهامات سودانية غير واقعية لأبوظبي بتقديم دعم عسكري لقوات الدعم السريع في الحرب الاهلية.

ويشير الكشف عن هذه الخلية الى أن الجيش السوداني هو من يسعى فعليًا للحصول على دعم عسكري خارجي من خلال قنوات غير مشروعة، بما في ذلك محاولة استغلال أراضي دول مثل الإمارات لتمرير صفقات تسليح تُستخدم في مواصلة الحرب الأهلية. ويضع هذا التطور اتهامات الجيش السوداني الأخيرة لأبوظبي في سياق متناقض، إذ تفتقر تلك المزاعم لأي أدلة ملموسة، بينما تكشف الوقائع أن القيادة العسكرية في الخرطوم هي من تبادر إلى تحريك أنشطة خارجة عن القانون الدولي، ما يُفقد مزاعمها الموجهة للدولة الخليجية مصداقيتها السياسية والأخلاقية.

وأوضحت وكالة أنباء الإمارات الرسمية (وام) أن أجهزة الأمن تمكّنت من ضبط كمية كبيرة من الأسلحة والذخائر كانت في طريقها إلى السودان، واعتقلت شبكة من الأفراد السودانيين المتورطين في العملية، من بينهم شخصيات مرتبطة بقيادة الجيش السوداني، وعلى رأسهم المدير السابق لجهاز المخابرات صلاح قوش، وضابط سابق في الجهاز، ومستشار وزير المالية السوداني الأسبق، إلى جانب رجل أعمال وسياسيين مقربين من القائد العام للقوات المسلحة السودانية الفريق أول عبدالفتاح البرهان.

وأكد النائب العام الإماراتي، حمد سيف الشامسي، أن القضية تُعد انتهاكًا واضحًا للقوانين السيادية لدولة الإمارات، مشيرًا إلى أن أعضاء الخلية تورطوا في صفقتي تسليح غير مشروعتين شملت أسلحة كلاشنكوف، مدافع رشاشة، قنابل، وذخائر، بقيمة تجاوزت ملايين الدولارات، فيما حصل المتورطون على مبلغ 2.6 مليون دولار كفارق سعر (هامش ربح).

ويمثل هذا الكشف ضربة موجعة لمحاولات قيادة الجيش السوداني استخدام أراضي دول أخرى – بينها الإمارات – لتنفيذ أنشطة مخالفة للقانون الدولي، في وقت تتصاعد فيه التوترات بين الجيش وقوات الدعم السريع في الحرب الأهلية التي تعصف بالسودان منذ أكثر من عام.

ويقرأ مراقبون الإعلان الإماراتي في سياق الرسالة السياسية والأمنية الواضحة التي توجهها أبوظبي، ومفادها أن أراضيها لن تكون منصة لأي أطراف تسعى إلى زعزعة الأمن الإقليمي أو خرق السيادة الوطنية للدول الأخرى.

ويكتسب التوقيت أهمية خاصة، إذ يأتي بعد أسابيع قليلة من اتهامات وجهها مندوب السودان في الأمم المتحدة إلى الإمارات بدعم قوات الدعم السريع، وهو ما أثار استياء السلطات الاماراتية التي ردّت آنذاك بشدة، معتبرة أن هذه الادعاءات “لا تستند إلى أدلة، وتهدف إلى تبرير الإخفاقات الداخلية لقيادة الجيش السوداني”.

وشهدت جلسات مجلس الأمن خلال الأشهر الماضية سجالات علنية بين ممثلي السودان والإمارات، على خلفية اتهامات الجيش لأبوظبي بتقديم دعم عسكري لقوات الدعم السريع. وردّت الإمارات بالنفي القاطع، مؤكدة التزامها بالحياد ودعمها للسلام والاستقرار في السودان.

ويشير الإعلان الأخير عن كشف الخلية الداعمة للجيش إلى أن أبوظبي ماضية في تأكيد موقفها الرافض لأي استخدام غير مشروع لأراضيها من أي طرف سوداني، سواء في دعم طرف على حساب آخر، أو في خرق القوانين المنظمة للتجارة العسكرية.

ورغم التوترات السياسية، لم توقف الإمارات جهودها في المجال الإنساني، إذ واصلت تقديم مساعدات حيوية للسودانيين، خاصة للمدنيين واللاجئين في مناطق النزوح داخل السودان وفي دول الجوار. وتحرص الامارات على التأكيد بأن موقفها من الأزمة السودانية ينبع من دعمها لحل سلمي وشامل يُنهي الحرب ويعيد الاستقرار إلى البلاد.

وقد دعت القيادة الإماراتية مرارًا إلى وقف إطلاق النار، وفتح مسارات للحوار بين الأطراف السودانية، وشددت على ضرورة احترام سيادة السودان وحق شعبه في تقرير مصيره دون تدخل خارجي.

ويرى محللون أن الكشف عن الخلية قد يكون مؤشرًا على تصعيد محتمل في الخلاف غير المعلن بين أبوظبي والبرهان، في ظل محاولات الأخير البحث عن قنوات تسليح خارجية بعد تقليص نفوذه الداخلي والدولي. ويشير البعض إلى أن مثل هذه الخطوات تكشف عن ضيق الخيارات المتاحة أمام الجيش السوداني في ظل الحصار الإقليمي والدولي المفروض على تصعيد النزاع المسلح.

وفي المقابل، يُظهر تحرك الإمارات الأخير قدرتها على حماية أمنها الداخلي، وإصرارها على أن تبقى أراضيها بعيدة عن أي صراعات خارجية تُهدد الاستقرار الإقليمي أو تُستغل في التلاعب بمسارات النزاعات الداخلية لدول أخرى.

 

 

ميدل إيست أون لاين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى