
سلطّت وسائل الإعلام العبريّة اليوم الأحد الضوء على التطورات في سوريّة، مؤكّدةً في الوقت عينه، بالاستناد إلى مصادر أمنيّةٍ مطلعةٍ جدًا في تل أبيب، أنّ دولة الاحتلال اتخذت قرارًا بالتصعيد في كلٍّ من سوريّة وغزّة، كما لفتت إلى أنّ الحجة الإسرائيليّة بأنّها تتدّخل في سوريّة من أجل حماية الدروز ما هي إلّا غطاء لمواصلة استفزاز القيادة الحاكمة في دمشق وإهانتها، وأنّ الهدف المركزيّ من هذا التدّخل الإسرائيليّ هو إثارة البلبلة داخل بلاد الشام، والتي ستقود إلى فوضى عارمةٍ في البلاد، وفق المحلل العسكريّ في صحيفة (هآرتس) العبريّة، عاموس هارئيل.
في السياق عينه، حاول محلل الشؤون العسكريّة في موقع (YNET) الإخباريّ-العبريّ، رون بن يشاي، الدفاع عن سياسة إسرائيل وقال في تحليلٍ نشره إنّ لدولة الاحتلال لا توجد مصلحة في تأجيج الأمور في سوريّة خشيةً من اتهامها من قبل المجتمع الدويّ بأنّها تقوم بعملية تخريبٍ لجهود النظام الجديد في تثبيت الاستقرار في البلاد، ولكن في الوقت عينه أقّر المُحلل أنّ الهجمات الأخيرة في محيط القصر الرئاسيّ الجمهوريّ في دمشق حمل رسالةً حادةً كالموس للرئيس الجولاني مفادها أنّ إسرائيل لن تترك الدروز وأنّها ستُواصِل الدفاع عنهم من محاولات الجهاديين قتلهم وإهانتهم، على حدّ تعبيره.
ورأى بن يشاي، الذي اعتمد على مصادره الرفيعة في المؤسسة الأمنيّة الإسرائيليّة، إنّ أصل المناوشات الحاليّة بين الجهاديين وبين الدروز هو دينيّ، إذْ أنّ الجهاديين يُحاولون إعادة الدروز دينيًا إلى الطريق الصحيح، بينما إسرائيل لا يُمكنها أنْ تتنازل عمّا أسماها المحلل بـ (وحدة الدم) بين اليهود والدروز، الذين يخدمون في جيش الاحتلال وفي باقي المؤسسات الأمنيّة في الكيان، بيد أنّ إسرائيل تعمل بوتيرةٍ هادئةٍ وتخشى من التورّط في الحرب الأهليّة السوريّة، لأنّ من شأن ذلك أنْ يكون سلاحًا من الناحية المعلوماتيّة، والذي يمنح معارضي الرئيس الجولاني فرصةً أخرى لنشر الفوضى أكثر في سوريّة بهدف إسقاطه عن سُدّة الحكم، طبقًا لأقوال المصادر الإسرائيليّة.
ووسَّعت إسرائيل تدخلها في سوريّة، وشنَّت، ليلة الجمعة وفجر السبت، واحدة من أعنف الهجمات منذ فترة طويلة على الأراضي السورية، في عملية واسعة شملت كذلك ما وصفتها وسائل إعلام إسرائيلية بـ (عمليات سرية) تنوعت بين الإنزال لتوزيع مساعدات، وجلب جرحى إلى إسرائيل، وأشياء أخرى لم يُكشف عنها.
وقال المحلل العسكري في صحيفة (معاريف) العبريّة، آفي أشكنازي، إنّ الجيش الإسرائيليّ بدأ بتوسيع تدخله في القتال بين قوات الحكومة السورية والدروز، مؤكدًا في الوقت عينه أنّ مروحيات نقلت مساعدات للقوات الدرزية ونقلت جرحى إلى إسرائيل. وأشار إلى أنّ الجانب الإسرائيلي يمتنع عن إعطاء معلومات إضافية حول تفاصيل العملية.
وقال أشكنازي إنّ ثمة أسبابًا للتدخل في سوريّة بهذا الشكل، أحدها أنّ إسرائيل ترى في الدروز السوريين عاملاً يمكنه مساعدتها في خلق الاستقرار في الجزء الشمالي من مرتفعات الجولان. وبحسب المفهوم الإسرائيلي، فإنّ المساحة بين الحدود وعمق 80 كيلومترًا داخل الأراضي السوريّة يجب أنْ تكون منزوعة السلاح، ولهذا السبب فإنّ إسرائيل مهتمة بمساعدة الدروز الذين يعيشون على هذا الشريط الفاصل بين البلدين.
وتشمل الأسباب الأخرى الاستجابة للضغوط التي يمارسها الدروز في إسرائيل، حيث يعيش 150 ألف مواطن درزي، يضغطون على إسرائيل لمساعدة إخوانهم في سوريّة، علمًا أنّ دروز إسرائيل كانوا قد خرجوا إلى الشوارع، مساء الخميس وصباح الجمعة، مطالبين الحكومة الإسرائيليّة بالتدخل لحماية الدروز في سوريّة.
وقال الجيش الإسرائيليّ أمس السبت إنّه “منتشر في جنوب سوريّة”، مؤكّدًا أنّه على استعداد لمنع دخول “قوات معادية” إلى المناطق الدرزية. وأضاف أنّه “منتشر في جنوب سوريّة ومستعد لمنع دخول قوات معادية إلى منطقة القرى الدرزية”، من دون أنْ يوضح عديد القوات المنتشرة وإنْ كان قد قام بانتشارٍ جديدٍ.
وأورد في بيانٍ مقتضبٍ أنّه “يواصل متابعة التطورات مع الحفاظ على الجاهزية للدفاع ولمختلف السيناريوهات”. وتابع “خلال الليل، تمّ إجلاء خمسة مواطنين سوريين من الطائفة الدرزية لتلقي العلاج الطبي في إسرائيل. تم نقل المصابين إلى مركز (زيف) الطبيّ في صفد، بعد إصابتهم داخل الأراضي السورية”.
على صلةٍ بما سلف، هاجم المحلل غدعون ليفي، حكومة الكيان وقال إنّ زعمها بالدفاع عن الأقليات في سوريّة هو مجرّد كذب وهراء، وأنّ إسرائيل التي تُمارِس أبشع المظالم ضدّ الفلسطينيين هي آخر مَنْ يحّق لها الحديث عن حقوق الأقليّات، مُشدّدًا على أنّ التدّخل الإسرائيليّ تحت غطاء حماية الدروز في سوريّة ما هو إلّا لإخفاء مطامعها الرئيسيّة في بلاد الشام لإثارة الفوضى وتمهيد الطريق لإسقاط الجولاني، فيما أكّد المحلل العسكريّ في الصحيفة أنّ إسرائيل بصدد التصعيد في كلٍّ من سوريّة وقطاع غزّة.
صحيفة رأي اليوم الألكترونية