تحليلات سياسيةسلايد

لماذا ظهر الشرع مُصافحًا أردوغان “فجأةً” في إسطنبول اليوم وما دلالة استقباله بـ”قصر العثمانيين” …

خالد الجيوسي

بقي سُؤال عدم ذهاب الرئيس التركي رجب طيّب أردوغان إلى العاصمة السورية دمشق، وتحقيق حلمه بالصلاة في المسجد الأموي، وذلك بعد سُقوط نظام الرئيس السوري السابق بشار الأسد، عالقًا بدون إجابة، وتفسيرات حول أسباب أمنية تمنع زيارة أردوغان لحليفه الجديد الانتقالي أحمد الشرع، رغم أن الولايات المتحدة الأمريكية ذهبت باتجاه “تخفيف” العقوبات عن “سورية الجديدة” للمُساهمة كما تقول في ازدهاره، وسلامه.

وبينما لا يزور أردوغان حليفه “الجهادي السابق” في دمشق، يذهب الأخير إليه مجددًا بعد زيارة سابقة للشرع إلى تركيا في شباط 2025، ولكن في زيارة غير مُعلنة ظهر فيها الشرع “فجأةً” اليوم السبت في إسطنبول، مُصافحًا أردوغان، وأجرى مُباحثات في قصر دولمة بهجة بإسطنبول ضمن لقاء لم تُكشف تفاصيله، ولم يُعلن مُسبقًا.

يُطرح تساؤل حول الأسباب التي دفعت الشرع لعدم الإعلان المُسبق عن زيارته، في ظل تناسل تقارير إعلامية حول نوايا اغتياله، أو صِدامه المُحتمل مع “المُقاتلين الأجانب” وكيفية تنفيذ ذلك دون مخاطر، وإخراجهم من سورية، وفقًا للأوامر الأمريكية التي تُليت عليه في الرياض أمام الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

ولافت أن الرئيس أردوغان، قد اختار قصر دولمة بهجة، ودلالة ذلك، حيث لهذا القصر مكانة تاريخية وسياسية مهمة لدى تركيا، خاصّة أنه مُرتبط بحكم أيام الدولة العثمانية وسلاطينها، إضافة إلى حنين الرئيس التركي إلى إعادة أمجاد “العثمانيين”، فذات يوم كانت سورية “ولاية عثمانية” تتبع للسلطان، وانتهى ذلك بقيام الثورة العربية الكبرى، فيما تعود سورية لهذه التبعية التركية يقول مُنتقدون بشكل أو بآخر من بوابة جميل إسقاط نظام الأسد.

ويبدو أن لقاء الشرع مع داعمه الأكبر الرئيس التركي، سيكون له أوامر تنفيذية يجب أن يطبقها الشرع على أرض الواقع، فقد حضر اللقاء من الجانب التركي وزيرا الخارجية هاكان فيدان والدفاع يشار غولر، ورئيس جهاز الاستخبارات إبراهيم قالن، إضافة إلى رئيس هيئة الصناعات الدفاعية خلوق غورغون.

ومن الجانب السوري فحضر وزير الخارجية أسعد الشيباني، والدفاع مرهف أبو قصرة.

وكالة “الأناضول” التركية ذكرت من جهتها أنّ اللقاء تناول ملفّات الأمن والاقتصاد، مع التركيز على دعم استقرار سوريا وإعادة إعمارها، إلى جانب مكافحة التنظيمات الإرهابية مثل داعش وحزب العمال الكردستاني.

ولا بد من الإشارة إلى أن الزيارة غير المُعلنة مُسبقًا تأتي بالتزامن مع إعلان سفير الولايات المتحدة لدى أنقرة توماس باراك عن تعيينه مبعوثًا خاصًّا للرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى سوريا.

ويبدو أن الشرع أمام مُعضلة التعامل مع “قسد”، ودمجها ضمن قواته، فقبل أيام فقط طالب أردوغان حكام دمشق الجدد، بـ”عدم الانشغال” عن تنفيذ الاتفاق مع قوات سوريا الديمقراطية (قسد) حيال الاندماج في مؤسسات الدولة، مشددًا على أن بلاده تتابع هذه القضية من كثب.

يحدث كُل هذا، بالتزامن مع ما قاله تلفزيون سوريا، بأن المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا توماس باراك سيزور دمشق هذا الأسبوع ويلتقي بالشرع ووزير خارجيته أسعد الشيباني.

بكُل حال زيارة المبعوث الأمريكي، ستكون زيارة لأول مسؤول في إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب يزور دمشق، ويبدو أنه قدم لسورية الجديدة، لمُتابعة مدى التزامها بقائمة طلبات الرئيس الأمريكي في الرياض، حيث جرى “تخفيف” العقوبات عن حكومة هيئة تحرير الشام.

ويبدو أن حُسن النوايا السوري بقيادة الشرع، ورغبته بالتطبيع مع إسرائيل، ونقل سورية من الحضن الروسي للأمريكي، قد نجح في دفع وزارة الخزانة الأميركية، الجمعة، لإعلان تخفيف العقوبات عن أحمد الشرع، ووزير الداخلية السوري الانتقالي أنس الخطاب.

كما خُفّفت العقوبات عن البنك المركزي وعدد من البنوك الأخرى والعديد من شركات النفط والغاز الحكومية، والوزارات، والخطوط الجوية السورية، وهيئة الإذاعة والتلفزيون، وموانئ اللاذقية وطرطوس.

وقال وزير الخزانة سكوت بيسنت، إنه يجب على سوريا “مواصلة العمل لكي تصبح بلداً مستقراً ينعم بالسلام، على أمل أن تضع الإجراءات المتخذة اليوم البلاد على مسار نحو مستقبل مشرق ومزدهر ومستقر”.

الجدير ذكره، بأن سورية اليوم معفية من العقوبات بموجب قانون قيصر بشكل مؤقت، ويتجدّد وفقًا للوقائع على الأرض، وأهمها قدرة هذه السورية الجديدة حماية الأقليات، وطرد المقاتلين الأجانب، ومحاربة “داعش”، وفي هذا السياق أعلن وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو في بيان أنه أصدر إعفاء لمدة 180 يوماً من العقوبات المفروضة على سوريا بموجب “قانون قيصر” لضمان عدم إعاقة العقوبات للاستثمارات، وتسهيل توفير الكهرباء والطاقة والمياه والرعاية الصحية وجهود الإغاثة الإنسانية.

صحيفة رأي اليوم الألكترونية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى