تحليلات سياسيةسلايد

سوريا تعزز حملتها ضد داعش بعملية أمنية نوعية قرب دمشق

تصاعد العمليات العسكرية ضد داعش تساهم في بناء الثقة مع قوى غربية خاصة الولايات المتحدة والتأكيد على قدرة قوات الأمن على تحقيق الاستقرار.

 

أعلنت وزارة الداخلية السورية يوم الإثنين تنفيذ عملية أمنية وصفتها بـ”النوعية” في منطقة الغوطة الغربية قرب العاصمة دمشق، أدت إلى توقيف عدد من العناصر المرتبطين بتنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، كانوا يخططون لتنفيذ عمليات تهدف إلى زعزعة الأمن والاستقرار في رسالة طمأنة للغرب ودول إقليمية بتمسك دمشق بمكافحة التنظيمات المتطرفة.

وتأني العملية في سياق حملة أوسع أطلقتها الحكومة الجديدة، التي تولت السلطة بعد إطاحة الرئيس بشار الأسد في الثامن من ديسمبر/كانون الأول الماضي، والتي تسعى من خلالها إلى إثبات قدرتها على ضبط الأوضاع الأمنية ومكافحة الإرهاب، خصوصاً تنظيم داعش، في إطار استجابة لشروط وضعتها واشنطن رغم قرار رفع العقوبات.

وقال العميد حسام الطحان، قائد الأمن الداخلي في محافظة ريف دمشق، في بيان رسمي، إن العملية تمت “بناء على معلومات دقيقة” حول تحركات خلايا إرهابية تنتمي لداعش في الغوطة الغربية، وهي منطقة لطالما كانت مسرحاً لتوترات أمنية متكررة. وأضاف “نفّذنا يوم الأحد عملية أمنية دقيقة ومحكمة أسفرت عن إلقاء القبض على عدد من أفراد تلك الخلايا”، مشيراً إلى ضبط “كميات من الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والثقيلة، بالإضافة إلى سترات انتحارية”.

وأكد الطحان أن “العناصر المقبوض عليهم كانوا يخططون لتنفيذ هجمات ضد أهداف مدنية وأمنية في العاصمة ومحيطها، بهدف إعادة بث الفوضى والإرباك داخل البلاد”، واصفاً الخطة بأنها “جزء من استراتيجية التنظيم لإظهار أنه لا يزال قادراً على ضرب الاستقرار، رغم خسائره الكبيرة”.

وتُعد هذه ثاني عملية أمنية كبيرة خلال شهر مايو/أيار الجاري، بعد اشتباك مسلح وقع في 17 من الشهر في مدينة حلب شمال البلاد، أسفر عن مقتل عنصر من قوات الأمن وثلاثة من مقاتلي داعش، كانوا يتحصنون في أحد الأحياء القديمة. وقد اعتُبرت العمليتان رسائل واضحة إلى المجتمع الدولي، بأن دمشق باتت قادرة على مواجهة التهديدات الإرهابية بفعالية، حتى بعد مرحلة التغيير السياسي الأخيرة.

ومنذ خسارته آخر معاقله في محيط دمشق عام 2018 في منطقة الحجر الأسود، تحول التنظيم إلى أسلوب “الذئاب المنفردة” والكمائن المتنقلة، متخذاً من البادية السورية مأوى له، ونقل نشاطه بشكل كبير إلى الشمال الشرقي، حيث تستهدف خلاياه بشكل متكرر مواقع تابعة لقوات سوريا الديمقراطية المدعومة من التحالف الدولي.

لكن تغير المعادلات السياسية على الأرض منذ أواخر العام الماضي، ساهم في خفض وتيرة هجمات التنظيم داخل المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة الجديدة. ويقول مراقبون إن عودة الحكومة إلى تنفيذ عمليات استباقية تعتمد على المعلومات الاستخباراتية يمثل تحولاً ملموساً عن السياسات الأمنية السابقة.

وتُعد مكافحة داعش أحد الملفات التي تتابعها بدقة واشنطن وبعض القوى الأوروبية والخليجية، التي ربطت أي انفتاح على الحكومة الجديدة – بما في ذلك إمكانية تخفيف أو تعليق العقوبات – بإثبات جديتها في التصدي للتنظيمات الإرهابية وضبط الحدود ومكافحة التهريب.

وفي هذا السياق، تقول مصادر دبلوماسية في العاصمة السورية إن واشنطن بعثت مؤخراً برسائل غير معلنة عبر قنوات أوروبية وأممية، توضح أن خطوات “بناء الثقة” يجب أن تشمل نتائج ملموسة في مجال مكافحة الإرهاب. ويبدو أن هذه العمليات الأمنية تأتي استجابة مباشرة لهذا الضغط، في محاولة من الحكومة لتأكيد قدرتها على فرض الأمن وضبط الأراضي التي تسيطر عليها.

وفي حين لا يزال خطر خلايا التنظيم قائماً، ترى مصادر أمنية سورية أن الأيام القادمة ستشهد تصعيداً في العمليات الأمنية خصوصاً في المناطق الريفية الجنوبية والشرقية. ويأمل صناع القرار في دمشق أن تقود هذه النجاحات إلى تخفيف العزلة الإقليمية والدولية عن البلاد، وفتح الباب أمام حوارات سياسية أكثر واقعية مع الأطراف الفاعلة.

وفي انتظار ذلك، يبقى الملف الأمني أحد أبرز أدوات الحكومة الجديدة في محاولتها لإعادة تشكيل علاقاتها الدولية والإقليمية، تحت شعار “الاستقرار مقابل الانفتاح”.

ميدل إيست أونلاين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى