جرجس جبارة: «أبو نادر» يحرس البحر
لا يخفي جرجس جبارة انحيازه لبيئة الساحل حيث ولد. «بيني وبين البحر كلام وسلام، لا يخلو من البوح الدائم»، يقول. هو من الممثّلين القلائل المقيمين في مدينته اللاذقيّة، بالرغم من تنقّلاته الكثيرة إلى العاصمة دمشق أو مواقع التصوير الأخرى. يفضّل أن يبقى مسكنه هنا، بجانب الشاطئ.
اشتهر الممثّل السوريّ بأدواره الكوميديّة، خصوصاً شخصيّة أبو نادر رئيس مخفر أم الطنافس في مسلسل «ضيعة ضايعة» لممدوح حمادة والليث حجو. بدأ جبارة مسيرته المهنيّة مطلع التسعينيات، واشتهر بدوريه في «عيلة خمس نجوم» و«نهاية رجل شجاع» العام 1994، وكان له حضور دائم في كافّة المواسم الرمضانيّة، وفي مسلسلات حظيت بشعبيّة واسعة مثل «بقعة ضوء» بأجزائه كافّة، و«الخربة».
* طغت شخصيّة «رئيس المخفر» على أعمالك الكوميديّة، هل يزعجك ذلك؟
شاءت المصادفة أن أؤدّي هذه الشخصيّة أكثر من مرّة، لكنّي قدّمتها بطرق غير نمطيَّة، وحاولت إظهارها بطابع طريف، بعيداً عن شخصية رجل الأمن المعروفة. أحبّ الجمهور شخصيّة أبو نادر، لأنّها صادقة، وتجسّد نموذجاً واقعيّاً في سوريا والعالم العربي. عندما ينجح ممثل في عمل ما يكون العمل بالمجمل ناجحاً، وكل من شارك في «ضيعة ضايعة» ترك بصمة جميلة.
بالمجمل، لا يمكن أن أنفصل عن الناس، وبالتالي فإنّ الشخصيّات التي استحضرتها في أدواري، موجودة في الشارع، وأنا قريب منها وأقدّمها بطريقة محبّبة. في صغري كانت شخصيّة رجل الأمن بمثابة «فزاعة» للأطفال، رغم ما تحمله من بساطة. حاولت تقديمها بشكل مختلف، أي شخصيّة رجل قانون أولاً وأخيراً وهدفه خدمة المواطنين، وكانت كما أردت، إذ حظيت بإعجاب الجمهور.
*في مسلسل «العراب» (2015) للمثنى صبح أطللت بشخصية غير كوميدية، كيف كانت التجربة؟
لم يكن «العرّاب» تجربتي الأولى بعيداً عن الكوميديا، إذ لعبت أدواراً ذات طابع إنساني، وأنا كممثل من المفترض أن ألعب الأدوار التي تسند إليّ. صُنِّفت في مجال الكوميديا، وأعتزّ بذلك، لكن هذا الفن صعب جداً، وعندما ينجح الممثِّل فيه يكون قادراً على تجسيد أي شخصيّة دراميّة أخرى، لأنها ستكون أسهل من الكوميدية.
في «العراب»، أحببت الشخصية، وكانت تجربتي الثانية مع المخرج المثنى صبح، تعاملت مع الدور بمحبة، وبالرغم من أنّ ظهوره في العمل لم يكن كبيراً، إلا أنّ التجربة كانت جميلة جداً.
* هل لديك مشروع كوميدي خاص؟
بصراحة، أتمنَّى أن يكون كلّ عمل أقوم به مشروعي الخاص. لا يوجد ممثّل قادر على صناعة مشروعه الخاص، من دون أن يكون جزءاً من المجموعة المكوّنة للعمل. في الدراما التلفزيونية خاصة لا يوجد مشروع فردي، فالعمل لا يكتمل إلا بوجود الآخرين، وأنا فخور بأنّي واحدٌ من صناع الكوميديا السوريّة.
*ما رأيك بالأعمال التي تصنف بـ «دراما الأزمة»؟
لا يمكن أن توثِّق الدراما الأحداث بشكلها الحقيقي، وبالتالي من الصعب على أيّ عمل، مهما كان متقناً، أن يجسّد الحرب على سوريا. فالصورة المعيشة في الواقع لا يمكن تصويرها من خلال عمل دراميّ لأنّها تكون أكثر ألماً وعمقاً ومأساة.
من وجهة نظري الشخصيّة، لست مقتنعاً بتسمية «دراما الأزمة»، لأنّ الحرب لم تضع أوزارها بعد، ولم تتضح آثارها بشكل جيد. حتّى لو وُجدت نصوص جيّدة، فإنّها لن تنجح بإعطاء صورة عن الواقع كما هو، وعمليّاً، كلّ ما ينتج، هو مسخ عمّا يجري بالفعل.
*كيف ترى أعمال البيئة الشامية؟
مع الأسف، بات كلّ كاتب لديه حكاية صغيرة يكتبها تحت إطار ما يسمّى «البيئة الشامية»، بعد نجاح تجربة «باب الحارة». تقييمي الشخصي أنّ باقي الأعمال لا تعدو كونها عمليّة اجترار، إذ إنّها لم تخرج من إطار الحكاية الشعبيّة، وابتعدت عن الواقع الدمشقي الحقيقي، وباتت أعمال قزمة ومشوّهة تماماً، في إطار لعبة تجارية بحتة.
من بين كلّ أعمال «البيئة الشاميّة»، كان لي تجربة «باب الحارة» فقط، ولست نادماً على هذه التجربة، قد أكون نجحت بها وربما لم أنجح، هذا الأمر متروك للمشاهد، لكنّي رفضت المشاركة في الجزء الثامن من المسلسل لأسباب خاصة بي.
*ما هي أعمالك لموسم رمضان 2016؟
انتهيت من تصوير مسلسل «نبتدي منين الحكاية»، مع المخرج سيف الدين سبيعي، وشاركت بخماسيات «أهل الغرام»، بالإضافة إلى لوحات «بقعة ضوء» ومسلسل «أحمر»، وأصوّر حاليّاً دوري في مسلسل «دومينو».
صحيفة السفير اللبنانية