تحليلات سياسيةسلايد

مخاوف من انغماسيّي المدن: نشاط «داعش» لا ينقطع

يحذّر تصاعد نشاط «داعش» من انتقال هجماته إلى قلب المدن في ظل الهشاشة الأمنية، بالرغم من إعلان واشنطن القضاء على التنظيم عسكرياً في عام 2019.

 

يواصل تنظيم «داعش» عملياته في مناطق كلّ من الحكومة السورية و«قوات سوريا الديمقراطية» (قسد)، وسط توقّعات بازدياد أنشطته. ويأتي ذلك في ظل ورود معلومات استخباراتية عن تمكّنه من نقل عدد من عناصره إلى داخل المدن السورية الرئيسية في الفترة التي تلت سقوط نظام بشار الأسد، بهدف نقل عمليات خلاياه من وسط الصحراء في اتجاه مراكز المدن أو الطرقات المؤدّية إليها، ما يشكّل تهديداً أمنياً داخلياً لسوريا، وإقليمياً على دول الجوار.

ومنذ خسارته آخر معاقله في بلدة الباغوز في ريف دير الزور الشرقي، اعتمد التنظيم تكتيك «الذئاب المنفردة»، من خلال تنفيذ هجمات مباغِتة بكمّ صغير من العناصر، بغية إيقاع أكبر أذى ممكن، وإثبات استمرارية وجوده. وظهرت آثار هذا التكتيك في استهداف وحدات الجيش السوري المنحلّ في كل من دير الزور والسخنة وتدمر وبادية الرقة وحماة، عبر هجمات على باصات مبيت أو قوافل عسكرية، وقطع مؤقّت للطرقات، بغرض تعظيم الخسائر الحكومية على صعيد الأفراد والآليات.

ويبدو أن «داعش» حافظ على ذلك التكتيك بعد سقوط نظام الأسد، من خلال شنّ هجمات مشابهة، مع احتمالية أن تنتقل هذه الهجمات إلى داخل المدن والبلدات. وشنّ التنظيم، أخيراً، هجوماً بسيارة مفخّخة على مركز لـ«الأمن العام» السوري في مدينة الميادين في ريف دير الزور الشرقي. وأبرز «داعش» إصراره على هذا التوجه، من خلال تبنّي هجوم على آلية عسكرية تابعة للفرقة 86 في الجيش، والتي تضمّ مقاتلين كانوا يتبعون سابقاً لفصائل «الجيش الوطني» المدعوم من تركيا، على طريق عام أثريا – الرصافة قرب دير الزور، ما أسفر عن مقتل عنصرين وإصابة آخرين، في خطوة تصعيدية إضافية، قد تتطور في الأيام القادمة.

ولعلّ ما يزيد من احتمالية السيناريو المذكور، أن التنظيم يتّخذ أساساً من البادية، وتحديداً جبل البشري والبادية التي تربط دير الزور بالرقة وحماة وصولاً إلى أطراف حلب، معقلاً لخلاياه، بالإضافة إلى نشاطه الذي لم ينقطع أيضاً في بادية التنف أو ما كانت تُعرف بمنطقة الـ«55 كم».

وأصدر التنظيم تقريراً نصف سنوي، عبر معرّفاته على مواقع التواصل الاجتماعي، وثّق فيه عملياته العسكرية في سوريا وعموم المنطقة، في تأكيد لاستمرار نشاطه من دون انقطاع، بالرغم من إعلان الولايات المتحدة القضاء عليه عسكرياً في عام 2019. وبحسب التقرير، أعلن «داعش» تنفيذه 44 هجوماً في سوريا خلال النصف الأول من عام 2025، أسفرت عن مقتل وإصابة 82 شخصاً، مضيفاً أن مجموع هجماته خلال الفترة نفسها بلغ 620 هجوماً، تركّزت غالبيتها في دول أفريقية، وأدّت إلى سقوط نحو 3200 قتيل وجريح.

في المقابل، واصلت «قسد» ملاحقة خلايا التنظيم في ريف دير الزور، عبر تنفيذ عملية أمنية بالتعاون مع «التحالف الدولي»، أسفرت عن اعتقال 7 أشخاص بتهمة التعامل مع التنظيم في منطقة أبو خشب، عند مثلث محافظات الحسكة والرقة ودير الزور. وشملت العمليات الأمنية اعتقال 4 أشخاص في حي المشلب في مدينة الرقة، بتهمة الانتماء إلى خلايا التنظيم، بالإضافة إلى إنزال في بلدة الكرامة شرق الرقة، بمشاركة «التحالف» و«قسد»، أسفر عن اعتقال شخص يُعتقد بأنه قيادي في «داعش».

ويواصل «التحالف»، بدوره، استقدام تعزيزات عسكرية تضمّ أسلحة وذخائر ومعدّات متنوّعة إلى قواعده المنتشرة في محافظة الحسكة، مع تعزيز نقاط أخرى في الرقة وعين العرب (كوباني)، حيث سُجّل دخول 137 شاحنة منذ مطلع تموز الجاري إلى تلك القواعد. وفي هذا السياق، تؤكّد مصادر ميدانية أن «التحالف الدولي لم يغيّر من نشاطه في مناطق سيطرته شمال شرق سوريا، وسط تقديرات بالاحتفاظ بوجوده العسكري في المنطقة»، لافتة إلى أن «نشاط خلايا التنظيم الأخير في سوريا، وحالة الفوضى الأمنية كلها، عاملان يدفعان الأميركيين إلى الحفاظ على هذا الوجود».

وتضيف المصادر نفسها، في حديثها إلى «الأخبار»، أن «خلايا التنظيم صعّدت من أنشطتها في الفترة الأخيرة بشكل ملحوظ وسط تقديرات أمنية بمزيد من التصعيد»، مرجّحة أن «تتصاعد العمليات الأمنية بين التحالف وقسد من جهة، والتحالف وجيش سوريا الحرة وربما الإدارة السورية الجديدة، لمنع داعش من استغلال هشاشة الأوضاع الأمنية، ومحاولات استعادة جزء من نفوذه السابق».

صحيفة الأخبار اللبنانية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى