الفرق بين الصراحة والجرح في العلاقة الزوجية

الصراحة بين الزوجين هي أساس الحياة الزوجية السعيدة، والفرق الرئيسي هو أن الصراحة تهدف إلى الوضوح والاحترام وبناء الثقة بين الزوجين، بينما الجرح ينتج عن استخدام الصراحة بشكل قاسٍ ومهين فيتسبب بالأذى النفسي أو اللفظي للشريك، وهذا الجرح يترك أثراً عميقاً على الروح والنفس، ويمكن أن تؤثر على الشخص لفترات طويلة.
ليست كل كلمة تجول في الخاطر تستحق أن تُقال
تقول خبيرة العلاقات الأسرية نهاد القصاص لسيدتي: الصراحة بين الشريكين في الحياة الزوجية هي العمود الفقري في إقامة دعائم حياة أسرية سليمة خالية من الشكوك والأمراض النفسية، لكن ليست كل صراحة مفيدة، ولا كل ما يُقال يُبنى عليه خير، وليست كل كلمة تجول في الخاطر تستحق أن تُقال، فالصراحة الناجحة تُمارس بحكمة وهدف بناء العلاقة، حتى لا تتحول إلى كلمات قاسية وجارحة، وحتى لا تضعف العلاقة بدلاً من تقويتها، فجرح المشاعر يؤدي إلى حزن وألم عميق يصعب شفاؤه، كما أن جرح المشاعر يمكن أن يكون أعمق وأطول أثراً من جرح الجسد، لأن المشاعر ترتبط بالذاكرة والعواطف.
عندما تكون الصراحة بناءة
تقول القصاص: الصراحة هي القدرة على التعبير عن المشاعر والأفكار بوضوح وصدق، مع مراعاة مشاعر الآخر لتجنب الإساءة ، أي أنها تجلي الحقائق بدون رتوش، لكن لابد من الحذر في عدم تجاوز الخصوصية للطرف الآخر أو لخدش كرامته، فذلك سيؤدي إلى هدم الثقة والإضرار بالاستقرار الزوجي، وتكون الصراحة بناءة من خلال:
الوضوح والشفافية
وهو يعني إخبار شريكك بما تفكرين وتشعرين به بصدق ووضوح، كالتعبيرعن أفكارك ومشاعرك بكلمات مباشرة وغير مبهمة، مما يسهل فهمها ويقلل من احتمالية سوء التفسير، مع مراعاة المشاعر، وتجنب الكلمات الجارحة أو السلبية، والتركيز على توصيل النقد البنّاء بأسلوب لطيف ومحترم.
الاحترام والتعاطف
الاحترام هو الاعتراف بكرامة الآخر، أما التعاطف فهو فهم مشاعره ووجهة نظره، وممارسة الصراحة البناءة تعني استخدام التعاطف والاستماع الفعال، وتقديم المعلومات بطريقة تحترم مشاعر الشريك الآخر وتهدف إلى فهم أفضل، وذلك لتوصيل الرسالة بصدق دون جرح مشاعر الآخرين، وهذا يساهم في بناء علاقات أقوى وأكثر ثقة.
تحسين العلاقة
تؤدي الصراحة إلى وضوح الأفكار والمشاعر، وتقريب وجهات النظر بين الشريكين في العلاقة، مما يقلل من سوء الفهم، فالصراحة تستخدم لمعالجة المشكلات، وزيادة الثقة، وتقوية الروابط، كما تفتح الباب أمام تواصل صادق وعميق، مما يسمح للأفراد بمشاركة مخاوفهم وآمالهم دون قلق، ما يُعمّق الروابط العاطفية وتحسين العلاقة بين الشريكين.
تجنب سوء الفهم
الصدق يمنع التفسيرات الخاطئة والمفاهيم المغلوطة بين الشريكين، لذا لابد من الصراحة بشأن الخطط والنوايا في الأمور الهامة، وتقديم الصراحة بلباقة وحساسية، مع مراعاة تأثير الكلمات على مشاعر الشريك، وذلك لتجنب الجرح غير المقصود، فهذا يبني أساساً قوياً من الثقة ويقلل من احتمالات سوء الفهم.
عندما تتحول الصراحة إلى جرح قاسٍ
تقول نهاد القصاص عندما تتحول الصراحة إلى جرحٍ قاسٍ بسبب عدم مراعاة المشاعر، فإن هذا يعني أن الكلام يُستخدم كسلاح بدلاً من أنه وسيلة للفهم، وذلك يؤدي إلى إيذاء الشريك الآخر وتدمير الثقة والألفة بين الشريكين.
عدم مراعاة المشاعر
هناك فرق كبير بين الصراحة والتجريح، فالصراحة الحقيقية تتطلب التعاطف والذكاء العاطفي لتوصيل الحقيقة بطريقة لا تجرح مشاعر الشريك الآخر، بينما الصراحة المفرطة كقول الحقيقة بدون مراعاة مشاعر الشريك الآخر، وبدون الاهتمام بتأثيرها على الشريك، تُعتبر تصرفاً غير لائق وغير مهذب، كقول الحقيقة دون الاهتمام بتأثيرها على الشريك.
الإهانة والازدراء
وهي تعني استخدام الألفاظ النابية أو النبرة السلبية عند التعبير عن الرأي، وهي تعبيرات لفظية غير لائقة، وتستهدف الإساءة إلى الشريك الآخر أو النيل من كرامته، وذلك يضر بالعلاقة ويهدد استقرارها، ويؤدي إلى تدهور الاحترام المتبادل، ويدفع نحو الإساءة اللفظية، مما يخلق بيئة من التوتر وعدم الأمان.
إثارة الشكوك
التطرق إلى تفاصيل غير ضرورية أو مؤلمة، أو الإفصاح عن معلومات حساسة لا تخدم العلاقة ولا تتعلق بالقرارات المهمة، بشكل غير حكيم يمكن أن يضعف الثقة، ويسبب مشاكل بين الشريكين، ويثير الشكوك والظنون دون داعٍ، وهنا تُفسّر الصراحة على أنها هجوم أو وسيلة للتشكيك، مما يؤدي إلى تفاقم الخلافات.
النقد غير البناء
فهذا يعني أنَّ الانتقادات التي تُقال تُقدم بطريقة مؤلمة وغير بناءة، وتفتقر إلى الاحترام والتركيز على الأسلوب، والتعميم بدلاً من التركيز على السلوكيات المحددة القابلة للتعديل، كالهجوم على شخصية الشريك بدلاً من التركيز على عمل أو سلوك معين يجعل النقد شخصياً ومدمراً، بدلاً من البحث عن حلول.
الوقاحة واللامبالاة
الصراحة تكمن في قول الحقيقة بوضوح مع مراعاة مشاعر الشريك الآخر، واستخدام كلمات منمقة ولطيفة، بينما الوقاحة هي قول الحقيقة بطريقة جارحة أو مهينة، متجاهلة مشاعر الشريك أو مستخدمة ألفاظاً سلبية، والفرق الأساسي يكون في النية وطريقة التعبير، فالصريح يهدف للإيجابية، أما الوقح فيهدف غالباً للإزعاج أو التجريح
مجلة سيدتي