توقيع الاتفاق الأمني بين سوريا وإسرائيل رهن تنازلات دمشق

إسرائيل تتمسك بالبقاء في مرصد جبل الشيخ وأطرافه، مع توسيع المنطقة العازلة وإقامة ثلاث مناطق مخففة من السلاح، وإرساء ترتيبات أمنية تصل إلى أطراف دمشق.
قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن هناك تقدما بشأن التوصل لاتفاقية أمنية مع سوريا، لكن التوصل إليها ليس وشيكا، فيما أشارت المصادر الى مطالب إسرائيلية بتنازلات سورية عديدة من بينها سيطرة جوية في الجنوب.
وفي مستهل اجتماع لمجلس الوزراء، قال نتنياهو إن الانتصار على حزب الله في لبنان فتح آفاق السلام مع سوريا. وأضاف “نجري محادثات مع السوريين، وهناك بعض التقدم، لكن لا يزال أمامنا طريق طويل… على أي حال، ما كانت هذه المحادثات، وكذلك الاتصالات مع لبنان، لتتم لولا انتصاراتنا الحاسمة على الجبهة الشمالية وغيرها”.
وتجري سوريا وإسرائيل محادثات للتوصل إلى اتفاق تأمل دمشق أن يضمن وقف الغارات الجوية الإسرائيلية وانسحاب القوات الإسرائيلية التي توغلت في جنوب سوريا.
وقال الرئيس السوري أحمد الشرع إن المفاوضات الجارية مع إسرائيل للتوصل إلى اتفاقية أمنية قد تسفر عن نتائج “في الأيام المقبلة”.
وأضاف أن الاتفاقية الأمنية “ضرورية” ويجب أن تحترم المجال الجوي السوري ووحدة أراضي البلاد ويجب أن تخضع لرقابة الأمم المتحدة. وتابع أن نجاح الاتفاق الأمني مع إسرائيل قد يفتح الباب أمام “اتفاقيات أخرى”، لكنه شدد على أن “السلام والتطبيع” مع إسرائيل ليسا مطروحين الآن، مؤكداً أن واشنطن لا تضغط على دمشق للتوصل إلى اتفاق.
وأشار الشرع إلى أن سوريا وإسرائيل كانتا على بعد أيام فقط من التوصل إلى اتفاق أمني في يوليو/تموز الماضي، غير أن تطورات السويداء حالت دون إتمامه.
وقالت وسائل إعلام عبرية إن نتنياهو سيعقد الأحد، اجتماعاً حاسماً بمشاركة عدد من الوزراء البارزين لبحث ملف المفاوضات مع سوريا.
ووفق “القناة 12” العبرية الخاصة، من المتوقع أن يناقش الاجتماع آخر المستجدات على صعيد المحادثات غير المباشرة بين الطرفين، في ظل ضغوط سياسية وأمنية متزايدة داخل إسرائيل بشأن الملف السوري.
ولم تورد القناة أي تفاصيل إضافية بخصوص الاجتماع وجدول أعماله أو أسماء الوزراء المشاركين فيه.
وقال مسؤول إسرائيلي رفيع إن وزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر سيطلع نتنياهو وباقي المشاركين في الاجتماع على المحادثات مع سوريا والتنازلات التي قد تضطر إسرائيل إلى تقديمها في إطار الاتفاق الأمني. فيما ذكرت مصادر إسرائيلية أن الولايات المتحدة تمارس ضغوطاً لتقليص الفجوات في المفاوضات الجارية بين دمشق وتل أبيب، وفق ما أفادت “هيئة البث الإسرائيلية”.
وأشارت إلى أن “الضغط الأميركي حقق تقدما في المفاوضات إلا أن الاتفاق الأمني لا يزال غير ناضج”.
إلى ذلك، أوضحت مصادر مطلعة أن الاتفاق الجاري التفاوض بشأنه يهدف إلى استبدال اتفاق فصل القوات وفك الاشتباك الموقع عام 1974.
كما أشارت إلى أن إسرائيل ترفض العودة لاتفاق “فك الاشتباك”، وقدمت مقترحا خطياً مغايراً عبر المبعوث الأميركي توم براك.
وتتمسك تل أبيب بالبقاء في مرصد جبل الشيخ وأطرافه، مع توسيع المنطقة العازلة، وإقامة ثلاث مناطق مخففة من السلاح، فضلا عن إرساء ترتيبات أمنية تصل إلى أطراف دمشق، مع سيطرة جوية في الجنوب.
كذلك يطالب الجانب الإسرائيلي بممر جوي إلى حدود العراق للوصول إلى إيران، مع استعداده لبعض الانسحابات، بالإضافة إلى تنازل كامل عن الجولان.
في المقابل، طالبت دمشق بتفعيل اتفاق فك الاشتباك للعام 1974، وانسحاب إسرائيل من الأراضي التي احتلتها بعد سقوط النظام السابق في الثامن من ديسمبر/كانون الأول 2024.
كما أبدت استعدادها لتوقيع اتفاق أمني جديد يراعي أمن إسرائيل وسيادة سوريا، رابطة التطبيع والانضمام بالاتفاقات الإبراهيمية بمستقبل هضبة الجولان. كذلك أكدت سوريا تمسكها باحترام المجال الجوي السوري، مطالبة بمراقبة القوات الدولية “اندوف” تنفيذ الاتفاق.
لكن مسؤول إسرائيلي شدد على أن إسرائيل لن توافق على الانسحاب من الجانب السوري من جبل الشيخ، وفق ما نقلت القناة الثانية عشرة الإسرائيلية. وقال المسؤول “نحن لا نثق فعليًا بهذا النظام السوري، لكن الاتفاق قد يمنع التصعيد ويُسهم في استقرار الوضع على الحدود”.
وجاءت تلك المعلومات بعدما التقى ديرمر وزير الخارجية السوري أسعد شيباني والمبعوث الأميركي توم براك في لندن الأربعاء الماضي. فيما أوضح مسؤول أميركي رفيع أن الجانبين اتفقا خلال هذا الاجتماع على تسريع المفاوضات بهدف التوصل إلى اتفاق خلال الأسابيع المقبلة.
يذكر أن سوريا وإسرائيل في حالة حرب من الناحية الفعلية منذ قيام إسرائيل عام 1948 وإن كانت هناك فترات من الهدوء بين الحين والآخر.
فيما تخلت إسرائيل عن هدنة عام 1974، بعد التوغل داخل المنطقة منزوعة السلاح على مدى أشهر، كما قصفت القوات الإسرائيلية أصولا عسكرية سورية وأصبحت قواتها على مسافة 20 كيلومترا من دمشق.
ميدل إيست أونلاين