تحليلات سياسيةسلايد

مجلسا النواب والدولة يحركان جمود العملية السياسية في ليبيا

عاد تحريك الملف السياسي في ليبيا مع بدء امتحان تغيير مجلس المفوضية الوطنية العليا للانتخابات على خلفية انطلاق اجتماعات لجنتي المناصب السيادية التابعة لمجلسي النواب والدولة.

ويعتبر مجلس النواب ومجلس الدولة الليبيين عنصرين حاسمين في أي تسوية سياسية، لكن تعثر التوافق بينهما ساهم في إطالة عمر الأزمة. ومع ذلك، فإن أي حل دائم في ليبيا لن يكتب له النجاح ما لم يتوصل الطرفان إلى تفاهمات حقيقية تعكس مصالح الشعب الليبي.

وقال النائب الثاني لرئيس مجلس النواب مصباح دومة، في بيان إن لجنة المناصب السيادية تسعى إلى إدخال تعديلات جوهرية على هذه المناصب، بما يعزز الشفافية ويكرس مبدأ العدالة والمصالحة. وأضاف أن هذه المرحلة تمثل انطلاقة جديدة نحو الاستقرار وتمهد لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية وتشكيل سلطة تنفيذية موحدة تشرف عليها، داعياً القوى الوطنية إلى دعم هذه الجهود.

وفي هذا السياق التقى رئيس المجلس الأعلى للدولة محمد تكالة وفداً من مجلس النواب بطرابلس؛ حيث بحث الجانبان ملف توحيد المؤسسات وتعيين شاغلي المناصب السيادية، بحسب المكتب الإعلامي لمجلس الدولة.

وأعلن النائب الأول لرئيس المجلس الأعلى للدولة حسن حبيب أن لجنة مراجعة خريطة الطريق الأممية قد أنهت تقريرها بشأن الخريطة، وسيُعرض في جلسة رسمية للمجلس الأسبوع المقبل، ليجرى اعتماده فور إقراره من الأعضاء.

ووفق صحيفة “بوابة الوسط” الليبية، لم يجب أول لقاء عن سؤال حول اقتصار العملية على تغيير مجلس الإدارة فقط مع الاحتفاظ برئيس المفوضية عماد السايح، أم أن كليهما معنيٌّ بالمناقشات؛ إذ لم يبدِ مجلس الدولة أي موقف بشأن الخطوة.

ويعد مجلس النواب الليبي السلطة التشريعية المنتخبة عام 2014 والمعترف بها دولياً، ويملك صلاحيات إقرار القوانين واعتماد الحكومات. ولعب دوراً رئيسياً في اختيار الحكومات (مثل حكومة عبدالله الثني، ثم فتحي باشاغا لاحقاً)، لكنه كثيراً ما اتُّهم بتغليب المصالح الجهوية والسياسية على المصلحة الوطنية.

وشهد انقساما داخليا بين أعضائه وضعف التوافق مع مجلس الدولة ما أدى إلى تعطيل مشاريع قوانين مصيرية، مثل قانون الانتخابات.

أما المجلس الأعلى للدولة فقد أنشئ بموجب اتفاق الصخيرات ليكون جسماً استشارياً يمثل القوى السياسية في غرب ليبيا. وشارك في مسارات التفاوض برعاية الأمم المتحدة، ولعب دوراً في تقديم مقترحات لتسوية الخلافات بشأن السلطة التنفيذية وقوانين الانتخابات.

ومع محدودية صلاحياته مقارنة بمجلس النواب فإن دوره يقتصر غالباً على الضغط السياسي والإعلامي دون قدرة مباشرة على فرض القرارات.

وفي غياب لقاء مباشر بين تكالة ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح منذ تولي الأول رئاسة المجلس الأعلى للدولة خلفاً لخالد المشري، قد تكون القوانين الانتخابية التي أعدتها لجنة “6+6″ أبرز صور الخلاف بين الجانبين؛ حيث يعتبرها عقيلة الإطار القانوني المناسب، ويطالب بدلاً من الانتقال إلى المرحلة الثانية من تنفيذ خريطة الطريق الأممية إلى الشروع في تشكيل حكومة موحدة جديدة مباشرةً.

غير أن تنفيذ الخريطة السياسية التي قدمتها المبعوثة الأممية هانا تيتيه يحتاج إلى تهدئة، على الرغم مما يشوبها من غموض مع اقتراب جلسة الإحاطة المقبلة المقررة هذا الشهر.

وتتعلق خريطة طريق المبعوثة الأممية، المقرر تنفيذها في مدة زمنية تتراوح بين 12 و18 شهراً، بثلاث ركائز أساسية؛ هي صياغة إطار انتخابي فني وسياسي سليم، وتوحيد المؤسسات عبر تشكيل حكومة جديدة، و”حوار مهيكل” بمشاركة مجتمعية موسعة إلى جانب الفاعلين السياسيين.

وذكرت تيتيه، في وقت سابق، أن التنفيذ “سيكون تدريجياً وبحزمة واحدة”، تبدأ بإعادة تشكيل مجلس مفوضية الانتخابات وإجراء تعديل على الإطار القانوني خلال شهرين “إذا توفرت الإرادة السياسية”، باعتبارها خطوة أولى يعقبها تشكيل حكومة جديدة موحدة.

ومع توقع خلافات بين الأطراف المعنية بخريطة تيتيه، تثير تصريحات الأخيرة، بوجود تباين مع واشنطن بخصوص الأزمة الليبية، قلقاً من احتمال إرباك جهود التسوية الأممية المأمولة، غير أن المبعوثة الأممية أعربت “عن الأمل في أن تتسق إجراءات الولايات المتحدة مع مسار الأمم المتحدة” بشأن الأولويات من وجهة نظر الطرفين حيال الأزمة السياسية.

وفي نفس الإطار، أجرى مستشار الرئيس الأميركي لشؤون أفريقيا مسعد بولس عدة لقاءات مع عدد من المسؤولين الليبيين، وكشفت تحركاته أولويات واشنطن بتوحيد المؤسسات الاقتصادية، وأهمها مؤسستا النفط والمصرف المركزي.

كما أصدرت مجموعة العمل السياسية الدولية الخاصة بليبيا بياناً دعا الأطراف الفاعلة إلى الانخراط الكامل في خريطة الطريق الأممية لحل الأزمة، مؤكدة أهمية مساءلة المعرقلين، وحضر اجتماع المجموعة، الذي عُقد في مقر البعثة بطرابلس، سفراء وممثلون دبلوماسيون معتمدون لدى ليبيا لكل من “إسبانيا والاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي وروسيا”، كما شارك سفراء ألمانيا وإيطاليا وتركيا وتونس والجزائر وجامعة الدول العربية وسويسرا والصين وفرنسا والمغرب والمملكة المتحدة والولايات المتحدة ومصر وهولندا، وفق البيان.

 

ميدل إيست أون لاين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى