اقتصاد

تركيا تعيد توجيه بوصلتها النفطية بعيداً عن موسكو

تركيا تعيد توجيه بوصلتها النفطية بعيداً عن موسكو : الخطوات التركية تعكس تحولاً تدريجياً في السياسة النفطية التي تسعى إلى تحقيق قدر أكبر من المرونة في مواجهة الضغوط الغربية وضمان أمن الطاقة في آن واحد.

 

تتجه تركيا، أحد أبرز مشتري النفط الروسي في العالم إلى جانب الصين والهند، إلى تنويع مصادر وارداتها النفطية والابتعاد تدريجياً عن الخام الروسي. بعد جولة جديدة من العقوبات الغربية التي استهدفت قطاع الطاقة في موسكو.

شركات التكرير في تركيا بدأت شراء كميات من النفط غير الروسي

ونقلت وكالة “رويترز” عن مصادر مطلعة في قطاع النفط، أن أكبر شركات التكرير التركية بدأت بشراء كميات متزايدة من النفط غير الروسي، في خطوة تشير إلى تأثير واضح للقيود التي فرضتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة، والتي تهدف إلى تضييق الخناق على صادرات النفط الروسية الممولة للحرب في أوكرانيا.

ووفقاً للمصادر، فقد اشترت مصفاة “ستار” التابعة لشركة “سوكار تركيا إيجه” الأذربيجانية أربع شحنات من النفط الخام من العراق وقازاخستان ومنتجين آخرين غير روسيين، من المقرر وصولها في ديسمبر المقبل. وتقدّر تلك الكميات بما يتراوح بين 77 ألفاً و129 ألف برميل يومياً. وهو ما يعني تقليصاً ملموساً في اعتماد المصفاة على الخام الروسي.

وتعد هذه المرة الأولى التي تسجَّل فيها تحركات تركية بهذا الحجم نحو موردين بديلين، منذ فرض الحزمة الأخيرة من العقوبات الغربية على روسيا، ما يظهر أن أنقرة بدأت بالفعل في تعديل بوصلتها النفطية صوب شركاء جدد في المنطقة، مع الحفاظ في الوقت ذاته على توازن علاقاتها مع موسكو.

شركة “توبراش” تخطط للتوقف تدريجياً عن استيراد النفط الروسي

كما كشفت المصادر أن شركة “توبراش” التي تملك مصفاتين رئيسيتين في تركيا، تخطط بدورها للتوقف تدريجياً عن استيراد النفط الروسي في إحدى المصفاتين خلال الفترة المقبلة، وذلك لتجنّب أي قيود قد تعيق استمرار صادراتها من الوقود إلى الأسواق الأوروبية الخاضعة للعقوبات. وستواصل الشركة، وفق نفس المصادر، معالجة الخام الروسي في المصفاة الثانية المخصصة للإمدادات الداخلية.

ولم تصدر أي تعليقات رسمية من شركتي “سوكار” و”توبراش”. غير أن هذه الخطوات تعكس تحولاً تدريجياً في السياسة النفطية التركية. التي تهدف إلى تحقيق قدر أكبر من المرونة في مواجهة الضغوط الغربية من جهة. وضمان أمن الطاقة من جهة أخرى.

ووفق بيانات شركة “كبلر” لتحليلات الطاقة. استوردت تركيا نحو 669 ألف برميل يومياً من النفط الخام بين يناير وأكتوبر 2025. كان النفط الروسي يشكل حوالي 317 ألف برميل يومياً، أي نحو 47 بالمئة من الإجمالي. وفي العام الماضي، بلغت الواردات 580 ألف برميل يومياً. منها 333 ألفاً من روسيا، ما يشير إلى انخفاض تدريجي في حصة الخام الروسي من إجمالي الإمدادات.

ويرى محللون أن هذا الاتجاه الجديد يعبّر عن محاولة تركية لإعادة التوازن بين متطلبات السوق والعلاقات الجيوسياسية أيضا. إذ تهدف أنقرة إلى تجنب الانجرار إلى مواجهة مباشرة مع الغرب. مع الاستمرار في تأمين إمدادات الطاقة بأسعار تنافسية من منتجين إقليميين مثل العراق وأذربيجان وكازاخستان أيضا.

وبذلك، يبدو أن تركيا بدأت فعلياً في تعديل مسارها النفطي بعيداً عن موسكو. دون أن تقطع الروابط معها تماماً، في إطار سياسة براغماتية توازن بين الضغوط السياسية ومصالحها الاقتصادية الحيوية.

ميدل إيست أونلاين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى