مساحة رأي

نحن بحاجة إلى الصحافة

عماد نداف

نجحت الطغم الحاكمة منذ ستين عاماً بإحداث القطيعة الكبرى بين الشعب والصحافة، وهي علاقة وطيدة كان السوريون يعيشونها بحيوية بالغة ، وصلت إلى حد أن عشرات الصحف كانت تصدر كل صباح ليتلقفها القراء يومياً ويتفاعلون من خلالها مع قضايا وطنهم السياسية والثقافية والاقتصادية والفنية.

ويلاحظ المتتبع لتاريخ الصحافة السورية أن عدد الصحف واتجاهاتها وأنواعها ظل يضيق يوما بعد يوم إلى أن اكتفت الطغمة الحاكمة بعدة صحف ينأى الجميع عن قراءتها طوعياً .

كان القراء يتجهون لقراءة الصحف اللبنانية المنفتحة على جمهورها، وكان يسمح لبعض الصحف بالدخول إلى سورية بأعداد محدودة، وقد أخبرنا رئيس تحرير السفير المرحوم طلال سلمان مرة أن وزارة الإعلام لم تكن تسمح بأكثر من ثلاثة آلاف نسخة من صحيفته رغم أنه مؤيد لسياسة النظام بشكل أو بآخر، لذلك كان ينبغي للقارئ أن يحجز نسخته من المكتبة.

وعندما صدر العدد الأول من صحيفة الدومري التي رئيس تحريرها الفنان علي فرزات انتشرت انتشار النار بالهشيم ووزعت عشرات الألوف من النسخ إلى أن اضطرت السلطات إلى التضييق عليها ثم إيقافها..

وعندما انطلقت الثورة في عام 2011، لم يكن هناك صحافة تعبر عنها، وكانت أخبارها تنقل عبر الفضائيات العربية التي تنشر ما يوافق سياساتها .

في الثامن من كانون الأول 2024 سقطت سلطة الاستبداد، واتجهت البلاد نحو مرحلة جديدة تفاءل الناس فيها بالخير العميم على البلاد، وجاء في المادة (13) من الوثيقة الدستورية التي أعلنت بعد أشهر من سقوط النظام : “تكفل الدولة حرية الرأي والتعبير والإعلام والنشر والصحافة”..

إن حرية الصحافة هي واحدة من عوامل القوة في المجتمع الجديد، وعلى الجهات العامة أن تشجع على إصدارها، لكي نطوي صفحة الماضي التي حالت دون التعبير عن الرأي والتفاعل بين الجمهور.

وفي الآونة الأخيرة بدأنا نسمع عن تراخيص لصحف جديدة تحمل في طياتها أهداف المرحلة القادمة وطموحات الشعب السوري، ولذلك من الضروري التأكيد على أن هذه المنابر الإعلامية هي صورتنا في المرحلة الجديدة، ومن خلالها نتحاور وننتقد ونبني، ومن خلالها أيضا يتم التعرف على وجهات النظر الأخرى والتعرف عليها في حدود قوانين النشر..

أما المنجز الأبرز الذي نطمح لتحقيقه فهو السعي لكي تتراجع فوضى وسائل التواصل من أن تكون مصدرا للمعلومات غير الدقيقة، ونحن نعرف مشاكلها ونواياها الخبيثة القادرة على إثارة الفتنة بأسرع وقت ممكن .

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى