استحقاقات اللحظة الراهنة في سورية

خاص

لم تؤجل انتخابات مجلس الشعب السوري في المناطق الخاضعة لسيطرة الدولة السورية، فقد انطلقت وسائل الإعلام الرسمية منذ ساعات صباح الأربعاء في 13 نيسان 16 بتغطية مباشرة للعملية التي قال عنها مارك تونير، المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، إنها سابقة لأوانها في الوقت الراهن”، وذلك في ظل مواصلة المفاوضات السورية في جنيف..

تأتي هذه الانتخابات في وقت يجري الحديث فيه عن تحولات قادمة في سورية قد تسفر عنها مباحثات جنيف التي تتم برعاية دولية وبتفاهمات بين راعيين مهمين هما روسيا وأميركا، فما أن تنتهي العملية الانتخابية العتيدة ويبدأ فرز الأوراق، حتى تبدأ في جنيف جولة جديدة من المباحثات التي قد يكون في أوراقها ملف ((انتخابات برلمانية على أسس جديدة في سورية))، فيبدو الأمر في هذه الحالة، سباقا وصراعا بين شكلين من أشكال التعامل مع الأزمة السورية على كل الصعد: الأول ، هو شكل تعمل عليه الدولة السورية القائمة بمؤسساتها وخططها وأشكال تحالفاتها الاقليمية والمحلية في مضمون سياسي تنتجه سياقات الحرب القائمة منذ أكثر من خمس سنوات، ويتم التعبير عنه بشكل واضح إطاره حكومة الوحدة الوطنية، أي : التغيير ضمن الدولة القائمة. والثاني هو فرض عملية سياسية تضع عملية التغيير بتغيير شخص الرئيس السوري على رأس الأولويات الأخرى ..

أما شكل الصيغة التي يفترض أن تتوصل إليها أطراف التفاوض، فتبدو الآن على مفترق طرق بين استمرار التفاوض ـ أو عودة الحرب إلى أولها !

وفي توصيف الحالة الراهنة، فإن أهم ملمح في الصراع الجاري داخل سورية الآن هو وجود كل أشكال الصراع الدموي والعدائي بين الأطراف المتعارضة والمتشابكة اقليميا ودوليا مع غياب ((التنافس الديمقراطي)) الذي اندلعت الحرب تحت غطائه عام 2011، وهذا ما دفع منذر خدام أحد المتصدرين من رجالات المعارضة السورية في الداخل إلى الدعوة إلى قيام المعارضة بتحدي الرئيس السوري بشار الأسد بالانتخابات والكف عن المطالبة بتنحيه..

والسيد خدام، الذي لايمت بقرابة إلى نائب الرئيس السابق عبد الحليم خدام، هو عضو المكتب التنفيذي لهيئة التنسيق المعارضة، وقد شدد كما جاء في صفحته على الفي سبوك التي اقتبست عنها صحيفة الوطن السورية هذا التصريح على أنه ينبغي التركيز في الجولة القادمة على تشكيل الحكومة التي ستقود المرحلة الانتقالية، وصلاحياتها، وإعداد الدستور، وقال: «في هذه القضايا يمكن أن تحققوا الكثير، أما إذا استمررتم بالتركيز على رحيل (الرئيس) الأسد (…) فسوف تحصدون لا شيء».

اقليميا، أثارت اهتمام الاعلام السوري زيارة الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز إلى مصر، والاتفاقات التي تمت هناك، فاعتبر الجزء المتعلق بمضائق ثيران أحد النقاط التي تمس الأمن القومي العربي لترابط هذه المسألة مع إسرائيل، ومع لحظة تاريخية تعود لحرب حزيران عام 1967 عندما قام الرئيس الراحل جمال عبد الناصر عشيتها بإغلاق مضائق ثيران بوجه الملاحة الاسرائيلية، وكان ذلك سببا مباشرا باندلاع الحرب ..

عندما تصل العلاقات المصرية السعودية إلى هذه الدرجة من التفاهم والتنسيق وإلى هذا الحد من التركيز، فإن الوسطين السياسيين السوري والمصري يفتحان ملفات قديمة تضع على الطاولة معطيات استراتيجية في الأمن القومي للمشرق العربي تتفق فيه النخب السياسية السورية والمصرية ذات الاتجاه القومي والعروبي على أن ذلك التفاهم سيكون حتما على حساب التعاون السوري لمصر ودوره القومي.

وتحضر تلقائيا إلى الأذهان مرحلة سابقة مهما حلت فيها هذه المشكلة بتكوين عامل استقرار عربي يرتكز على لقاء وتفاهم بين القادة الثلاث : الرئيس حافظ الأسد والرئيس حسني مبارك مع القطب الثالث الملك السعودي ..

عندما توجه الملك سلمان إلى أنقرة، عادت الفرضيات نفسها إلى طرح الأسئلة الكبرى: فماذا يعد اقليميا وعربيا على صعيد الأزمة السورية ؟ وما هو أثر ذلك على مباحثات جنيف وعملية التفاوض فيها ؟!..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى